صحف إسرائيلية: نتنياهو يحصل من بوتين على ضمانة إيرانية

صحف إسرائيلية: نتنياهو يحصل من بوتين على ضمانة إيرانية

23 سبتمبر 2015
اعترف نتنياهو بدور روسيا المميز في سورية (ديمتري أزاروف/Getty)
+ الخط -
احتل اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين، إلى جانب أول لقاء بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ونظيره الروسي، صدارة التعليقات في الصحافة العبرية، أمس الثلاثاء، والتي تناولته في سياق حسابات الربح والخسارة، وإمكانية تفعيل تعاون وثيق مع موسكو، يصل إلى حدّ تحوّل روسيا والخط الساخن معها إلى خط ساخن أيضاً مع إيران، لجهة تخفيف أي تصعيد إيراني ضد إسرائيل.

وأدلى معلقون في ثلاث صحف إسرائيلية: عاموس هرئيل في "هآرتس"، وأساف جولان في "معاريف"، ورون بن يشاي في "يديعوت أحرونوت"، برأيهم في "الإعلان عن آلية للتنسيق بين القوات الروسية وإسرائيل في تقاسم الأجواء السورية، وترسيم مجالات نشاط كل طرف من الاثنين، لتفادي معارك جوية أو صدام بينهما، والاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة يترأسها عن كل طرف نائب رئيس أركان الجيش". وأدرجوا ذلك في إطار "نجاح نتنياهو في مهمته، بنفس القدر الذي سجّل فيه بوتين أيضاً نقاطاً لصالح الاعتراف بنديّة الدور الروسي في المنطقة قياساً بالدور الأميركي، إن لم يكن قد تفوّق عليه بفعل العلاقة المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة، والتي لم تمنع نتنياهو من الإدلاء باعترافه بالدور المميز لروسيا في سورية والمنطقة".


ويعتبر هرئيل أن "زيارة نتنياهو هدفت بالأساس إلى تخفيف حدة التوتر الأمني على الحدود الشمالية، وبفتح خط ساخن أحمر بين الطرفين، كما يرسم أيضاً خطوطاً حمراء، تُحدّد مناطق النفوذ والتأثير في سورية ولبنان. وتكون بموجبها الطائرات الإسرائيلية قادرة على مواصلة نشاطها الجوي الحرّ، من دون المخاطرة بمعارك جوية مع الجيش الروسي".

ولم ينسَ هرئيل الإشارة، كملاحظة عابرة أو استدراكية، إلى أنه "كانت هناك بالمناسبة تفاهمات غير رسمية مشابهة، بين سورية وإسرائيل، في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)". مع العلم أنه وقعت اشتباكات جوية سورية ـ إسرائيلية في لبنان أثناء حرب زحلة (1981)، كما أن الطائرات السورية قصفت قصر بعبدا في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1990، لإطاحة النائب ميشال عون من السلطة، حين كان قائداً للجيش اللبناني، وقامت بغاراتها تحت أعين الطائرات الإسرائيلية.

بطبيعة الحال، لا يغفل هرئيل أن "الهدف الروسي لا يكمن بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بل يُكرّس أيضاً بقاء نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، ويمنع تقدّم فصائل المعارضة ويستبق محاولة تركيا تحديد مناطق حظر طيران في سورية. وهو ما كان من شأنه تقييد حركة النظام في قصف مواقع المعارضة".

في المقابل، يستعرض بن يشاي ما بات معلناً من حجم ونوعية القوات والأسلحة التي أدخلتها روسيا إلى سورية، سواء في ميناء طرطوس أم في مطار حميميم. ويرى أن "نتنياهو حصل من لقائه مع بوتين ربما على أكثر مما كان يريد". ويضيف بأنه إلى "جانب آلية التنسيق الروسية ــ الإسرائيلية، فإن هذه الآلية قد تكون بداية لآلية منع تصعيد وحرب في الجبهة الشمالية كلها، لا مع القوات الروسية فقط، وإنما أيضاً مع إيران التي تدير مع روسيا حواراً مستمراً ومتواصلاً، قد يصل إلى حدّ تحوّل الخط الساخن بين روسيا وإسرائيل إلى قناة لتبادل الرسائل أيضاً بين إيران وإسرائيل وحزب الله".

اقرأ أيضاً: نتنياهو في موسكو... روسيا في "سورية المفيدة" مكسب لإسرائيل

وبحسب بن يشاي، "من السهل جداً أن تتحوّل هذه الآلية التي أثبتت نجاحها خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، إلى آلية تُطبّق في حالات الطوارئ بين إيران وإسرائيل. وفي حال تحوّلت روسيا إلى عنصر ثابت في سورية، فمن الجيد أن تحافظ إسرائيل على حوار دبلوماسي وعسكري معها. وبهذه الطريقة تتحوّل إسرائيل بشكل غير مباشر إلى طرف في عملية بلورة معالم المنطقة الجارية حالياً".

وفي هذه النقطة يلتقط جولان الخيط، ليذهب بالاعتماد على مقابلة مع المختص بالسياسة الروسية في جامعة حيفا، باروخ ـ جوروفيتش، إلى أبعد من ذلك للقول إن "لقاء بوتين مع نتنياهو، لم يقتصر فقط على مسألة التحذير من مخاطر معارك جوية بين الروس والإسرائيليين، أو من وصول أسلحة روسية إلى حزب الله فقط، بل إلى أبعد من ذلك". وينقل جولان عن جوروفيتش قوله: "نحن أمام مبادرة من الرئيس الروسي لضم إسرائيل وإشراكها في التحرك الأوسع الذي يقوده حالياً، في تثبيت نظام الأسد وتثبيت وحدة سورية والعراق الجغرافيتين، لمحاربة واستئصال قوات داعش، وأيضاً خدمة المصالح الاقتصادية الروسية في المنطقة، لا سيما بعد اكتشاف الغاز في أعماق البحر عند إسرائيل ومصر".


ويدّعي جوروفيتش أن "التحرك الروسي العسكري والسياسي، قد سبق أن تم تنسيقه مع إيران ومع الأميركيين والأوروبيين، وتم في نهاية الأسبوع الماضي تنسيق تفاصيله بين الدول العظمى، وبالتالي يمكن القول إن ما تم في روسيا هو في واقع الحال إيجاز لنتنياهو وكبار الجيش الإسرائيلي بشأن ما هو متوقع في المجالين السوري والعراقي".

وبحسب جوروفيتش، فإن "بوتين يرى في داعش مصدر خطر على روسيا ومصالحها، وبالتالي أطلق هذا التحرك لبناء تحالف ضد التنظيم، عبر التنسيق أيضاً مع السعودية وبمباركة أوروبا، لبلورة شرق أوسط جديد، ومنع تدفق اللاجئين. لذلك قرر إطلاع إسرائيل على المخطط وإشراكها في التفاصيل، بما فيها المناطق التي ستنشط فيها إيران بالتنسيق مع روسيا، على مسافة متفق عليها من هضبة الجولان والحدود الإسرائيلية (الحدود الفلسطينية المحتلة) واللبنانية، وذلك للمحافظة على المصالح الإسرائيلية. ومن المهم لبوتين في هذه الحالة الحصول على موافقة جميع الأطراف في المنطقة، لهذا التحرك الشائك والمركب".

ويرى جوروفيتش أن "بوتين، يهدف من خلال إشراكه الدول العربية في المنطقة، إلى تفادي ومنع، تحويل إيران إلى عنصر مؤثر في العراق، لذلك يريد تكريس حدود الدول المجاورة للعراق التي يتم حالياً محوها على يد داعش. ويمثل نشاط بوتين أوج وذروة التدخل في المنطقة، ويعكس تعاظم الدور الروسي وتأثيره، وهذا ما دفع بوتين إلى لقاء نتنياهو، بدلاً من الاكتفاء بالتنسيق على مستوى قادة الجيوش".

وينهي جولان مقاله بنقل تصوّر جوروفيتش في شأن اكتشاف الغاز في أعماق المتوسط. ويعتبر جوروفيتش أن "هذا الاكتشاف يُعدّ عاملاً آخر مساعداً ومحفّزاً للتدخل الروسي، وسيسمح لبوتين بالتحكّم أو على الأقلّ، والتأثير في إدارة عمليات تصدير الغاز الإسرائيلي والمصري، خصوصاً أن إسرائيل لم تنضم للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، مما يتيح التعاون التجاري بين الطرفين، وهو ما يفسر بالتالي تعاظم وازدياد النشاط الروسي في إسرائيل ومصر".

اقرأ أيضاً بوتين يطمئن نتنياهو: الأسد لن يفتح "جبهة ثانية" بالجولان

المساهمون