رحيل عصام دربالة القابض على جمر السلمية

رحيل عصام دربالة القابض على جمر السلمية

09 اغسطس 2015
دربالة رفض دائماً إدخال مصر دوامة الفوضى (تويتر)
+ الخط -

نعت الجماعة الإسلامية في مصر، عصام دربالة رئيس مجلس الشورى، والرجل الأول فيها، الذي قضى داخل سجن العقرب، ‏شديد الحراسة، الذي أصبح مقبرة للمعارضين السياسيين. ‏

ورفضت الجماعة أن تطلق تسمية "موت" على وفاة دربالة، متهمة إدارة السجن والنظام السياسي بقتله عمدا، بعدما منعت عنه ‏الدواء والرعاية الصحية على مدار الأشهر الماضية، وبعدما تعسّفت ورفضت كل محاولات نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، رغم ‏سوء حالته وتدهورها يوماً بعد يوم.‏

ولد دربالة في مدينة المنيا عام 1957، في أسرة قانونية ترفض الظلم، فشقيقه هو المستشار ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض، ‏وأحد أقطاب تيار استقلال القضاء، والذي تمت إحالته للصلاحية أخيرا، بسبب توقيعه على بيان رفض الانقلاب العسكري ‏المعروف بـ"بيان قضاة رابعة". ‏

بدأ حياته السياسية متأثرا بالفكر الناصري الذي كان سائداً آنذاك، ولكن سرعان ما تركه وانضم في فترة السبعينيات للجماعة ‏الإسلامية في جامعة أسيوط، حيث كان يدرس في كلية الهندسة.‏

وعقب اغتيال الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، تم القبض عليه، واتهم بالاشتراك في أحداث مدينة أسيوط الشهيرة، وتم ‏الحكم عليه بالسجن المؤبد لمدة خمسة وعشرين عاماً قضاها كاملة، قبل أن يتم الإفراج عنه أواخر عام 2006.‏

اشترك في المراجعات الفكرية الشهيرة للجماعة الإسلامية، ويعتبر من أبرز منظّريها ومفكريها، واشتهر بالرد على أفكار تنظيم ‏القاعدة في كتاب حمل اسم "استراتيجية القاعدة.. الأخطاء والأخطار".

كما ساهم دربالة في الرد على الأفكار التكفيرية، وله مصنف ضخم فند فيه هذه الأفكار، لكن لم يطبع بعد.‏

تولى دربالة رئاسة مجلس شورى الجماعة الإسلامية، عقب أول انتخابات تشهدها الجماعة عام 2011 بعد الإطاحة بحسني ‏مبارك، واستطاع إعادة ترتيب الجماعة، كما سعى إلى إعادة تقديمها للرأي العام بعيداً عن الصورة النمطية للجماعة التي تولدت ‏بسبب الصدام بينها وبين النظام الحاكم في التسعينيات.‏


اشتهر دربالة بحرصه على التوصل إلى حل سياسي للأزمة الحالية، ورفضه إدخال مصر دوامة الفوضى، ورفع لاءات ثلاث "لا ‏للتكفير.. لا للتفجير.. لا لقتل المتظاهرين". كما عقد العديد من الندوات واللقاءات للتحذير من الفكر الداعشي، وبالرغم من ذلك تم ‏القبض عليه وإيداعه سجن العقرب بطره حتى وافته المنية نتيجة الإهمال الطبي.‏

وعلى الرغم من البداية العنيفة لدربالة مع العمل الإسلامي، حيث كان واحدا ممن قاموا بالهجوم على مديرية أمن أسيوط في الثامن ‏من أكتوبر/تشرين الأول 1981، بعد يومين من اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وتعرضه لإصابة بالغة تم على إثرها بتر ‏ذراعه، إلا أن دربالة كان خلال أيامه الأخيرة، وتحديدا قبل إلقاء القبض عليه من جانب أجهزة الأمن المصرية في فجر الأربعاء 13 ‏مايو/أيار الماضي، يقوم بجولة في المحافظات المصرية، في إطار حملة بين صفوف الجماعة، لمنع انضمام أي منهم لتنظيم ‏‏"الدولة الإسلامية". وكان دربالة حريصا، قبل اعتقاله، على تحذير أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية من تبني منهج العنف في ‏مواجهة الدولة، على الرغم من تجاوزات أجهزة الأمن بحق الرافضين للانقلاب في مصر. ‏

جعل دربالة قضيته الرئيسية من الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، الحفاظ على سلمية الثورة والحراك ‏الثوري، رافضا بشكل قاطع دعوات تسليح الثورة التي ظهرت بعد تمادي النظام المصري في قمع المعارضين، إلى الحد الذي ‏تعرضت له فتيات للاغتصاب في السجون، حيث كان دربالة يؤكد للمقربين له أن أي صراع مسلح سيكون في صالح الدولة التي ‏تمتلك إمكانات هائلة، كما أنه كان مؤمنا بأن النظام المصري يضغط بكافة الوسائل لدفع الشباب الثائر إلى حمل السلاح حتى تكون ‏مهمته سهلة أمامهم، لكي ينزع عنهم الدعم والغطاء الدولي، للدرجة التي دفعت قيادات بالجماعة، وفي مقدمتهم طارق الزمر، ‏رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة، إلى التأكيد أن إلقاء القبض على دربالة كان يهدف إلى منع ‏النظام السياسي أي جهود في هذا الإطار.‏