"حماية الشعب" توسّع رقعة "الشريط الكردي" على الحدود التركية-السورية

"حماية الشعب" توسّع رقعة "الشريط الكردي" على الحدود التركية-السورية

21 يوليو 2015
اتهمت "حماية الشعب" عشيرة البوعساف العربية بأنهم "دواعش"(فرانس برس)
+ الخط -
يتواصل نزوح السكان العرب نحو تركيا من مدينة تل أبيض وريفها التي سيطرت عليها قوات "حماية الشعب" الكردية منتصف يونيو/حزيران الماضي، مع ارتفاع حدّة التوتر على الحدود السورية ــ التركية، إثر حشد الجيش التركي لمزيد من قواته على الجانب التركي من الحدود المشتركة. وتتواصل، في الوقت عينه، الاشتباكات بين القوات الكردية وحلفائها من الجيش السوري الحر من جهة، وقوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من جهة أخرى على خطوط الاشتباك بين الجانبين في أرياف الرقة والحسكة وحلب شمال سورية. ويسجل "داعش" مزيداً من الاختراقات الأمنية في مناطق سيطرة وحدات "حماية الشعب"، مع تواصل شنّ غارات للتحالف الدولي على مناطق سيطرة "التنظيم".

وقامت قوات حرس الحدود التركية (الجندرما) بفتح معبر إنساني شرق مدينة تل أبيض قرب منطقة "مصفاية الدادات"، لتسمح بعبور نحو ثلاثمائة نازح من ريف تل أبيض الشرقي نحو الأراضي التركية، بحسب الصحافي، أحمد الحاج صالح، من سكان تل أبيض. وأشار صالح إلى أنّ قوات "حماية الشعب" واصلت اعتقال الشبان من أبناء المنطقة، وسيطرت على منازل سكان المدينة وريفها، بعد أن قامت بسلب محتوياتها.

ودفعت هذه الممارسات المستمرة إلى نزوح أعداد إضافية من السكان، يومياً، نحو الحدود التركية، لينضموا إلى أكثر من ثلاثين ألفاً من سكان تل أبيض وريفها النازحين نحو الأراضي التركية منذ سيطرة قوات "حماية الشعب" على المدينة، بحسب مصادر إغاثية في مدينة أكجه قلعة، التركية المقابلة لتل أبيض.

ويزيد تدفق النازحين من الضغط على الحكومة التركية، التي عبّر مسؤولوها، خلال الشهرين الأخيرين، عن رفض تركيا أية تغييرات ديمغرافية في المناطق الحدودية السورية ــ التركية، في إشارة منهم إلى ممارسات القوات الكردية في تهجير العرب من تل أبيض وريفها، للسيطرة على المدينة، وتأمين خط إمداد دائم يصل مناطق سيطرتها في ريف الحسكة شمال شرق سورية بمناطق سيطرتها في عين العرب شرق مدينة حلب.

ويتحدث نشطاء من أبناء تل أبيض لـ"العربي الجديد" عن ممارسات تهجير تقوم بها قوات "حماية الشعب" الكردية ضد أبناء القرى، الواقعة في محيط مدينة عين عيسى في ريف تل أبيض الجنوبي الغربي تحديداً. ويؤكد الناشط، عيسى عبد الحفيظ الأحمد، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات حماية الشعب، قامت خلال الأيام الخمسة الماضية بتهجير سكان قرية خريجة التي تبعد 8 كيلومترات شرق مدينة عين عيسى، قبل أن تقوم بهدم ست بيوت لأبناء القرية". ويضيف أنّ القوات الكردية هجّرت سكان قرية مشرفة الجهبل التي تبعد 4 كيلومترات شرق مدينة عين عيسى وقرية الكصران التي تبعد 6 كيلومترات إلى الغرب من مدينة عين عيسى، وقرية مشرفة رجا التي تبعد 5 كيلومترات شمال غرب مدينة عين عيسى.

ويوضح الأحمد أنّ قوات "حماية الشعب" باتت تتهم أبناء عشيرة البوعساف العربية، التي تسكن في المنطقة، بأنهم "دواعش"، في إشارة إلى تعاون أبناء العشيرة العربية مع التنظيم، إبّان سيطرته على المنطقة. لكن الأحمد يؤكّد أن المنضمين إلى التنظيم وعائلاتهم غادروا المنطقة منذ انسحاب الأخير من المنطقة، وأنّ ادعاءات القوات الكردية لا تبرّر قيامها بتهجير قرى بأكملها من منطقة ريف عين عيسى.

ويبدو أن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة عين عيسى ترجّح وجهة نظر الأحمد، إذ تقع مدينة عين عيسى على أوتوستراد حلب ــ الحسكة الدولي الذي يعتبر الطريق الرئيسي الذي تستخدمه القوات الكردية كخط إمداد لها، بحيث تنتقل عبره من مناطق سيطرتها في ريف الحسكة إلى مناطق سيطرتها في عين العرب وريفها والعكس صحيح.

اقرأ أيضاً: قوات النظام تدرب "حماية الشعب الكردية" وتنسق معهم بالحسكة 

كما أنّ تمسّك القوات الكردية في السيطرة على أوتوستراد حلب ــ الحسكة الدولي يشير إلى مدى أولويته القصوى لديها، مما قد يدفعها إلى محاولة تأمين مناطق سيطرتها في محيط الأوتوستراد بأي شكل، حتى ولو تطلب ذلك إخلاء جميع القرى والبلدات المحيطة به.

وقد حاول تنظيم "داعش" الاقتراب من الأوتوستراد مجدداً يوم الأحد، إذ هاجمت عناصر التنظيم منطقة الشركراك الواقعة على بعد 35 كيلومتراً جنوب مدينة تل أبيض، بعد أن قام انتحاري تابع للتنظيم بتفجير سيارة مفخخة يقودها بالقرب من حاجز لقوات "حماية الشعب" جنوب القرية، قبل أن تندلع اشتباكات بين الطرفين، نجحت في إثرها القوات الكردية في صد هجوم "داعش".

لكن التنظيم أحرز خرقاً أمنياً جديدا داخل مناطق سيطرة القوات الكردية في منطقة عين العرب في ريف حلب الشرقي، إذ تمكن من ايصال سيارة مفخخة إلى حاجز لقوات الأمن الداخلي التابعة للإدارة الكردية الذاتية (قوات الأسايش) في عين العرب، وانفجرت السيارة وسط الحاجز الذي يقع على طريق عين العرب ــ حلب، أدّت إلى مقتل اثنين على الأقل، وإصابة عشرة آخرين، بحسب مصادر مقربة من قوات الأسايش.

وعلى الرغم من هجمات التنظيم المتكرّرة، لا تزال القوات الكردية، منذ أكثر من شهر، تسيطر على جميع المناطق التي انسحب منها التنظيم. وتمكّنت القوات الكردية من صد هجمات "داعش" وتحقيق مزيد من التقدم على حسابه في ريف الحسكة، بمساندة جوية يومية من طيران التحالف الدولي، الذي شنّ في الأيام الأخيرة عشرات الغارات ضد التنظيم.

ويبدو أن تشبث القوات الكردية بريف الرقة الشمالي وتمسّكها بالمناطق التي استعادتها من التنظيم، يشير إلى رغبتها في الاحتفاظ بمكاسبها الميدانية التي حققتها لوصل مناطق سيطرتها في الحسكة بمناطق سيطرتها في ريف حلب الشرقي للمرة الأولى، لتشكّل هذه المناطق المتصلة، إقليماً متصلاً يتمتع بإدارة ذاتية كردية، يمتد على 400 كيلومتر من الحدود السورية ــ التركية المشتركة البالغ طولها الإجمالي نحو 750 كليومتراً.

اقرأ أيضاً: "داعش" يتقدم بالحسكة وأربع سيارات مفخخة تستهدف القوات الكردية