رئاسة كردستان: صراعات داخلية وخارجية على الإقليم تهدد الانتخابات

رئاسة كردستان: صراعات داخلية وخارجية على الإقليم تهدد الانتخابات

15 يونيو 2015
يريد البرزاني تحقيق استقلال الإقليم خلال عهده (الأناضول)
+ الخط -
عاد الحديث عن انتخابات رئاسة إقليم كردستان ليهيمن على الأحداث السياسية في الإقليم العراقي مع إعلان ديوان رئاسة كردستان، يوم السبت، أن رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، وقّع مرسوماً بإجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد لكردستان في 20 أغسطس/آب المقبل، أي في الشهر الذي تنتهي فيه ولايته الرئاسية. إلا أن مفوضية الانتخابات في اقليم كردستان، أعلنت أمس الأحد، أن رئاسة الإقليم لم تستشرها في تحديد الوقت، مشيرةً إلى أنها ستخاطب الرئاسة خلال 48 ساعة لتحديد موقفها.

وأوضحت المفوضية أن "إجراء انتخابات جديدة، يتطلّب ما بين ثلاثة وستة أشهر من الاستعدادات، مع ميزانية تصل لنحو 60 مليون دولار". وأوضح رئيس مجلس المفوضين في مفوضية انتخابات الإقليم، هندرين محمد صالح، أن "هناك مجموعة من المعوّقات الفنية أمام إجراء الانتخابات".

على الرغم من هذا السجال، فإن مسألة الرئاسة في كردستان تتخطى مجرّد خلاف حول العوائق التي قد تحول دون إجرائها في آغسطس أو خلاف سياسي أو قانوني بين الأحزاب الكردية، بسبب صلاحيات الرئيس وموضوع انتخابه، من البرلمان أو من الشعب.

ثمة من يرى أن الموضوع يحمل تفاصيل إضافية، لا يغيب عنها الدور الإيراني في ظل مساعي طهران لرسم سياسة الإقليم، ليكون نسخة مكررّة ومصغرّة، لما هو حاصل في العاصمة العراقية بغداد، وتحديداً في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وصولاً إلى استنساخ الرئيس، لأن ذلك سيتيح لطهران الهيمنة على كردستان كما تمّ لها في بغداد.

ونجحت إيران من قبل في النفاذ إلى الداخل العراقي من بوابة اللعبة التشريعية والتنفيذية، وأتاح لها دستور العام 2005 العراقي، الذي جعل السلطة بيد رئيس السلطة التنفيذية على حساب رئيس الجمهورية، السيطرة بنسبة كبيرة على القرار السياسي.

وبعد بغداد، انتقلت طهران للمشاركة في "لعبة الديمقراطية" في انتخابات برلمان كردستان أيضاً. وظهر ذلك بشكل واضح في الانتخابات التشريعية الأخيرة في العام 2013 لبرلمان كردستان، بعد إشارة مراقبين للعملية الانتخابية إلى تدخل إيراني، تجلّى في حصول حزب الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، الذي كان في أسوأ فترة تراجع له، على الآلاف من الأصوات "الوهمية"، التي عزز بها موقعه في برلمان وحكومة الإقليم.
ويعلم البرزاني أن الإفلات من قبضة إيران وضمان مواصلة السير في مشروع استقلال الإقليم عن العراق الذي يتمسك به بشدة، يتطلّب القيام بمناورة وقطع الطريق على تكرار صورة المشهد السياسي القائم في بغداد. ويعني هذا من وجهة نظر البرزاني وحزبه "الديمقراطي الكردستاني"، أن يكون نظام الحكم في الإقليم رئاسياً أكثر منه برلمانياً، فإذا فرضت إيران إرادتها على اختيار النواب للرئيس الجديد، فلن تتمكن من تجاوز الكاريزما القيادية للبرزاني وشعبية حزبه في الانتخاب الشعبي.

اقرأ أيضاً: حروب شائعات بين إيران وكردستان العراق

وعزّزت الحرب التي شنّها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، العام الماضي على إقليم كردستان موقف البرزاني، بفعل دفاع مقاتلي "البشمركة" عن المناطق التي دخل إليها التنظيم، فضلاً عن تواجد البرزاني بنفسه على الخطوط الأمامية، مشاركاً في رسم الخطط العسكرية، بصفته "القائد الأعلى لقوات الإقليم".

ويعتزم البرزاني ترشيح نفسه لدورة جديدة، بعد دورتين سابقتين، الأولى من العام 2005 وحتى 2009، والثانية من 2009 إلى 2013، التي تمّ تمديدها لعامين جديدين لعدم الاتفاق على إجراء الانتخابات في حينه.
ولا تخفي الأحزاب السياسية في الإقليم رغبتها الدخول في مساومات وبحث إيجاد توافق حول عدد من المواضيع دفعة واحدة، من بينها ترشّح البرزاني لرئاسة الإقليم، ويريدون ربط مواضيع وضع الدستور والنظام السياسي للإقليم بترشح الأخير.

وقال القيادي في "حركة التغيير"، ثاني أكبر كتلة في برلمان كردستان، رؤوف عثمان، إن "حركة التغيير ترى أن النظام البرلماني هو الأنسب لإقليم كردستان، فيما لا يخدم النظام الرئاسي الإقليم ولا المواطنين". وأضاف أنه "لا مانع لدينا أن يستمر البرزاني رئيساً لدورة جديدة، مقابل أن يأتي مشروع الدستور ليكون النظام السياسي للإقليم برلمانياً كما نريده، وأن يُنتخب الرئيس من البرلمان ويتحقق الإجماع حوله، لأنه في هذه الحالة سيمتثل لقرارات البرلمان ولا يستطيع التفرّد بالحكم".

من جهته، ذكر عضو مجلس النواب العراقي عن "حركة التغيير"، هوشيار عبد الله، في مقالٍ له أن "موقف الحزب الديمقراطي من موضوع الرئاسة ونظام الحكم غير واضح ومثير للاستغراب، لأن الحزب يُبلّغ جميع الأطراف بأنه مع النظام البرلماني لا الرئاسي، ويشيع بأن اختيار الرئيس من قبل الشعب لا يحوّل النظام من برلماني إلى رئاسي، وهذا صحيح، لأن النظام قد يتحوّل إلى مختلط بين البرلماني والرئاسي". وأضاف أن "حزب البرزاني عندما يطالب بصلاحيات كبيرة للرئيس، ويقول إن ذلك لا يعني أن النظام السياسي لم يزل برلمانياً فهذا غير دقيق".

لكن رئيسة اللجنة القانونية في برلمان كردستان، وعضوة الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، فالا فريد، ترفض أن يتمّ الربط بين قرار إجراء الانتخابات الرئاسية مع تغيير النظام السياسي في الإقليم. وذكرت في تصريحات صحافية، أن "الشعب، لا البرلمان، يملك الحقّ في تغيير أو تعديل نظام الانتخابات الرئاسية".

وأشارت فريد إلى أنه "في حال اتفاق جميع الأحزاب على تغيير النظام السياسي، وانتخاب الرئيس في البرلمان، يتعيّن أخذ رأي الشعب ثم تعديل القانون، لأن هذا من الحقوق المكتسبة للشعب". وأضافت أن "الموضوع ليس بتلك السهولة التي تعطي الحق لحزب أو اثنين، الاتفاق على تجاوز حقوق الناس، أما قضية الدستور فهي موضوع مختلف".

أما البرزاني فيُعدّ المرشح الأوفر حظاً، ويقف على مسافة بعيدة من أي مرشح آخر، وفي حالة تعذّر ترشحّه لدورة جديدة، ولأن منصب رئيس الإقليم من حصة حزبه وفقاً لتفاهم سابق بين حزبي الطالباني والبرزاني، فسيطرح الأخير اسماً لخلافته. وتتداول تقارير وتحليلات الإعلام الكردي، فرضية ترشيح مسرور البرزاني، النجل الأكبر لبرزاني، ومستشار مجلس الأمن في إقليم كردستان (أعلى هيئة أمنية). ومسرور يتمتّع بنفوذٍ قوي في الحزب وبإمكانه الحصول على دعم قوي من الكوادر الحزبية.

اقرأ أيضاً: الكنيسة الآشورية تنقل مقرها الرئاسي إلى كردستان

المساهمون