الغنوشي في السعودية معتمراً ومبادراً لمصالحة مصرية

الغنوشي في السعودية معتمراً ومبادراً لمصالحة مصرية

11 يونيو 2015
الغنوشي يعتبر الحوار الوسيلة الوحيدة لحل الأزمة المصرية (Getty)
+ الخط -
يزور راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، هذه الأيام المملكة العربية السعودية، من أجل أداء مناسك العمرة وفق التصريحات الرسمية لقياديي الحركة، بيد أن غير المعلن هو أن الزيارة التي ستجمعه بعدد من القيادات السعودية ستنظر أيضاً في المبادرة التي كان أعلنها الغنوشي بخصوص الأزمة المصرية.

وكان الغنوشي دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى قيادة مشروع تصالحي في المنطقة ككل، تكون المصالحة بين الإخوان والمؤسسة العسكرية في مصر من بينها.

واعتبر "أن لا أحد يمكن أن يقصي الآخر، ولا أحد يتصور مصر بدون إخوان مسلمين في هذا الزمن، ولا مصر بدون دور ريادي للجيش، والسبيل الوحيد هو الحوار والمصالحة والبحث عن التوافق وليس الانفراد بالحكم".

وأكد الغنوشي "أنا دعوت خادم الحرمين الشريفين من خلال موقعه في قبلة المسلمين والمكانة التي تتمتع بها المملكة أن يقوم بدور تصالحي تاريخي في المنطقة بما في ذلك مصر، وأنا مستعد أن أساعد في هذا الاتجاه".

ولم تنف قيادات بارزة في النهضة لـ "العربي الجديد" أن تكون زيارة الغنوشي مناسبة لتحريك هذه المبادرة، معتبرة أن دعوة الغنوشي للمملكة بالذات طبيعية ومفهومة، "لأن المملكة هي الباب الذي ينبغي طرقه لأسباب متعددة"، أولها التغيير الحاصل فيها الذي شمل تغيراً في الموقف تجاه الإخوان المسلمين عموماً، واقتناع الجهات السعودية بجدوى دعم الأحزاب الإسلامية المعتدلة، خصوصاً مع التغيرات الإقليمية المتسارعة في الخليج وفي بلدان شمال إفريقيا.

ويضاف إليها ثقل المملكة وحجم تأثيرها الدولي الذي يمكن أن يقنع الجهات الدولية الكبرى والسلطة الرسمية في مصر بانحسار آفاق نهج المواجهة، الذي لا يمكن أن يقود إلى نتيجة حاسمة مهما اشتدت ضراوة المواجهة بين الجيش والإخوان.


وتؤكد بعض قيادات النهضة ألا أحد قادر على لعب هذا الدور في هذه المرحلة، وفي ضوء العلاقات العربية الحالية، غير المملكة السعودية وقائدها الجديد، وأن تأثير السعودية الاعتباري والسياسي كبير، وهي القادرة على التأثير في الموقف المصري.

غير أن نفس المصادر أكدت في المقابل صعوبة التفاعل مع قيادات إخوان مصر، بحكم الاختلاف البارز حالياً بين صفوفها حول الاستراتيجية الصحيحة التي ينبغي إتباعها في مواجهة النظام المصري، بين داعٍ إلى النهج السلمي مهما كلّف من تضحيات وبين من يتبنى فكرة مواجهة القمع بالعنف.

وتؤكد ذات المصادر أن الذهاب إلى إمكانية حوار غير مباشر في المرحلة الأولى يتطلب أساساً إشارة واضحة من السيسي بأنه مستعد للتخلي عن اختياره في حرق الأرض من تحت الإخوان.

ويستوجب هذا الأمر إرادة دولية في هذا الاتجاه تفرض نوعاً من الاتفاقات حول الملف المصري، ولكن هذه الإرادة غير متوفرة حالياً لا حول سورية ولا حول ليبيا ولا حول مصر أيضاً، ولهذا يمكن أن يدخل اللاعب السعودي ذو المرجعية الاعتبارية عربياً ودولياً لإقناع أطراف عربية بالتخلي عن تأجيجها للصراعات في هذه المناطق، وخصوصاً ليبيا ومصر، وإقناع المجتمع الدولي بأخطار حالة عدم الاستقرار المفروضة منذ سنوات.

وللتذكير فقد حظي الغنوشي والوفد المرافق له بحفاوة سعودية كبيرة في المملكة العربية السعودية إبان زيارته لأداء واجب العزاء بمناسبة رحيل العاهل السعودي، وربما يكون هذا التقارب سبباً في إنجاح إطلاق هذه المبادرة.

وتؤكد مصادر النهضة أن الغنوشي يريد بكل الوسائل أن يلعب دوراً في إيقاف مسلسل العنف في مصر والتراجع عن أحكام الإعدام، انطلاقاً من إيمانه بأن الحوار هو الحل الأمثل والوحيد لكل الأزمات العربية الراهنة، منطلقاً بذلك من نجاح التجربة في تونس.

اقرأ أيضاً: "النهضة" التونسية وأسئلة المستقبل الصعبة