اليمن: "المقاومة" تتوسّع شمالاً وتلامس صنعاء

اليمن: "المقاومة" تتوسّع شمالاً وتلامس صنعاء

29 مايو 2015
تستطيع المقاومة تنفيذ هجمات مباغتة لإلهاء الحوثيين وحلفائهم(فرنس برس)
+ الخط -


تصاعدت هجمات المقاتلين اليمنيين المعارضين للانقلاب، وتوسعت رقعة تحركاتهم، في الأيام القليلة الماضية، في العديد من الجبهات والمحافظات الشمالية، بالتزامن مع استمرار غارات التحالف الجوية، التي تقصف تجمعات ومواقع الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في أكثر من جبهة، إلا أن مراقبين لا يتوقّعون أن يؤثر ذلك على أرض الواقع بشكل كبير ويؤدي إلى الحسم في بعض المدن، وخصوصاً في الجنوب. وتأتي أهمية إعلان "مجلس للمقاومة" في محافظة إب، الواقعة شمال تعز، وفي الطريق بينها وبين صنعاء، يوم الأربعاء، مقدّمة لتوسيع الجبهات ضد قوات الحوثيين وصالح في المحافظات الشمالية، خصوصاً مع اعتماد المقاومة على تكتيكات جديدة، مع توارد أنباء تتحدث عن تلقي مجموعات منها تدريبات على الأساليب القتالية.

وكانت إب شهدت العديد من الهجمات، استهدفت أرتالاً عسكرية وتعزيزات كانت في طريقها إلى تعز. كما أصبحت محافظة الحديدة، غرب البلاد، في الفترة الأخيرة ساحة هجمات شبه يومية تباغت الدوريات والتجمعات الحوثية في مناطق متفرقة. وشهدت محافظة ذمار جنوب صنعاء، لقاءً قبلياً في إحدى المناطق دعا الحوثيين إلى الانسحاب. أما في صنعاء، فقد تشكّلت مجموعات قبلية محدودة في بعض ضواحي العاصمة، ونفذت هجمات ضد نقاط أمنية تابعة للحوثيين والقوات الموالية لهم، وخصوصاً في منطقة أرحب المعروفة كإحدى مناطق النفوذ القبلي لحزب الإصلاح.

وتنحصر أعمال "المقاومة" في جبهات إب، الحديدة، ضواحي صنعاء بشكل أساسي، حتى اليوم، بتنفيذ هجمات مباغتة ضد نقاط أمنية أو تحركات عسكرية، لتُضاف إلى جبهات المواجهات الرئيسية، في المحافظات الشمالية، التي كانت واقعة ضمن الشطر الشمالي لليمن قبل الوحدة، وهي جبهة تعز جنوباً، ومأرب وسطاً، والجوف شمالاً، المرشحة للتصاعد في الفترة المقبلة، بعد التسريبات التي تحدثت عن وصول مجموعات مسلحة تلقت تدريبات في مناطق حدودية مع السعودية.

وترافقت هذه التحركات مع الانتصار النوعي الذي حققته المقاومة الجنوبية في محافظة الضالع، مع تطهير مدينة الضالع من الحوثيين وقوات صالح، على الرغم من أن المحافظة كانت ساحة صراع منذ سنوات، باعتبارها أحد أهم معاقل الحراك الجنوبي.

اقرأ أيضاً: الضالع "محرّرة" والعطاس يقود معسكر مقاطعة جنيف

من جهة ثانية، جاء تصاعد أنشطة وتحركات "المقاومة"، بعد مؤتمر الرياض، الذي أقرّ في وثيقته "دعم المقاومة" وتوسيع ساحتها لمختلف المحافظات اليمنية التي يتواجد فيها الحوثيون. وكان المؤتمر قد انعقد بمشاركة أكثر من 400 شخصية، بينها قبلية وقيادات حزبية، يمتلك بعضها أتباعاً في مناطق مختلفة، تستطيع تحريكها لتنفيذ عمليات مباغتة.

ويرى المراقبون أن جبهات "المقاومة" في المحافظات الشمالية تستطيع التوسّع من خلال تنفيذ هجمات مباغتة أو إشعال جبهات جديدة، بما من شأنه إشغال الحوثيين وحلفائهم عن الجبهات الرئيسية في الجنوب والوسط، والتأثير على الإمدادات والتحركات. في المقابل، فإن من شأن أنشطة "المقاومة" في محافظات جديدة، تعميم الحرب في المدن اليمنية وتعريض الشخصيات الحزبية والقبلية الداعمة للشرعية لملاحقات وعمليات انتقام في مناطق تفقد فيها عنصر التوازن، كما حصل مع حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، الذي جرى اعتقال المئات من عناصره وقادته، كما تعرض آخرون للقتل والملاحقة.

بالإضافة إلى المخاوف من توسع ساحة الحرب، وما يترتب على ذلك من خسائر وتدهور في الوضع الإنساني، فإن تحركات المقاتلين المعارضين للانقلاب، وإن خفّت على بعض الجبهات جنوباً، إلا أنّها قد تُواجه بقوة في بعض المحافظات، كصنعاء، لكونها مناطق النفوذ الأساسي لصالح والحوثيين. وإذا ما استمرت، فإنها قد تأخذ طابعاً مناطقياً، ما لم تترافق مع جهود سياسية أو مفاجآت تحقق فارقاً كبيراً على الأرض.

ويبدو عامل الزمن في مصلحة توسّع "المقاومة الشعبية" مع استمرار الدعم الإقليمي من دول التحالف لها، غير أنه في الوقت نفسه، يزيد الكلفة على البنية التحتية ويضاعف المعاناة الإنسانية. وتواجه "المقاومة" تحديات تكمن في امتداد عمق الأزمة اليمنية، مثل قضية الجنوب والشمال. ففي المحافظات الجنوبية، هناك جزء كبير من المعارضين للحوثيين ولصالح، يسعى إلى "استقلال الجنوب" وليس إسقاط الحوثي لاستعادة نظام دولة الوحدة. وهناك عائق آخر، يتمّثل في الهواجس الغربية-الأميركية خصوصاً، تجاه المجموعات المسلّحة التي تنشأ بشكل عشوائي.

وظهر تقدّم "المقاومة" ميدانياً عبر تمكّنها من السيطرة على منطقة الجفينة، جنوب محافظة مأرب، أمس الخميس، بعد معارك عنيفة، ليلة الأربعاء، انتهت بمقتل 18 مسلحاً حوثياً وأسر 27 آخرين، كما أفادت وكالة "الأناضول". وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من إصدار الحوثيين قراراً ممن يسمى "المجلس الثوري" بتعيين محافظ جديد لمحافظة مأرب موالٍ لهم.

وفي محافظة تعز، سقط قتلى وجرحى، في اشتباكات، أمس، بين مسلحي "المقاومة" والحوثيين. أما في محافظة إب، وسط البلاد، فقُتل مسلحان حوثيان، وأصيب 5 آخرون في هجوم شنّه مسلحو "المقاومة"، استهدف دورية تقلّ مسلحين حوثيين، حسب مصدر في "المقاومة" لـ"الأناضول".

في المقابل يحاول الحوثيون الرد عبر تكثيف ضغطهم على عدن، حيث دارت اشتباكات، أمس، شمال وشرق المدينة. وقال المسؤول الصحي في عدن، خضر لصور، إن "المعارك أوقعت في 48 ساعة 19 قتيلاً وحوالي 200 جريح بينهم مقاتلون ومدنيون"، بحسب وكالة "فرانس برس".

سياسياً، لا تزال الأنظار موجّهة إلى مؤتمر جنيف الذي تم تأجيله، مع إعلان روسيا دعمها له. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، في حديث لوكالة "ريا نوفوستي" الرسمية، إن "روسيا ترى أن الحاجة ملحّة لعقد مؤتمر دولي حول اليمن في جنيف، وفي أقرب وقت ممكن يجمع جميع الأطراف المتحاربة".

اقرأ أيضاً: تحولات حرب اليمن في شهرها الثالث لا ترقى للحسم