"القنابل التي لا تنفجر" في مصر... سياسية

"القنابل التي لا تنفجر" في مصر... سياسية

25 مايو 2015
تتّهم الأوساط الحكومية رافضي الانقلاب بزرع القنابل(فرنس برس)
+ الخط -
باتت أنباء العثور على قنابل وعبوات ناسفة في مصر لا تثير سوى سخرية الكثيرين، وهي أنباء غالباً ما تتزامن مع أحداث قضائية يُراد خلالها توتير الأجواء لتبرير ضبط الشارع، وتفادي أي انتفاضة غير متوقعة، وهو ما حصل أخيراً عقب إحالة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسي، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى المفتي، يوم السبت قبل الماضي.
يربط البعض بين العثور على القنابل من جهة، والأحكام الصادرة ضد رافضي الانقلاب من جهة ثانية، وتتّهم الأوساط الحكومية رافضي الانقلاب بالوقوف خلف زرع هذه القنابل التي نادراً ما تنفجر. اللافت للنظر أنّ لا وزارة الداخلية، ولا النيابة العامة المصريتين، استطاعتا توجيه أي تهمة بتصنيع قنابل أو زرعها في الأماكن العامة حتى الآن، لأي من رافضي الانقلاب، وهو ما يزيد الشكوك بمصداقية الرواية الرسمية.



وجاء انفجار قنبلة مساء يوم السبت في محافظة الشرقية ليكون شذوذاً عن قاعدة القنابل التي لا تنفجر عادة، إذ قُتل مواطن بالفعل، وأصيب 8 آخرون أثناء مرورهم في مكان التفجير.
العجيب في مسألة القنابل والعبوات الناسفة، والتي من المفترض أن تعبّر عن حالة غضب تجاه النظام الحالي، لم ينفجر منها إلا القليل جداً، حتى إن القنابل التي تنفجر لا تُحدث أي ضرر يذكر لأن أغلبها قنابل صوتية. انتشرت منذ الانقلاب على مرسى مسألة التفجيرات التي تستهدف قوات الشرطة والمنشآت العامة، وهنا يمكن التفريق بين نوعين: الأول مُعَدّ ومخطط له من قبل جماعات جهادية لديها خبرة وباع طويل في صنع القنابل، وبالتالي تأثيرها يكون قوياً، أما النوع الآخر من القنابل، تلك التي يكون أغلبها مجرد عبوات صوتية، أو بدائية الصنع لا تُحدث ضرراً يُذكر، والأخيرة هي التي يتم اتهام رافضي الانقلاب بصناعتها.

اقرأ أيضاً: مقتل ضابط وجنديين مصريين بتفجير مدرعة شمال سيناء

يرى قياديّ سياسي معارض، من مؤيدي مرسي، أن الإعلام المصري الرسمي يتعمد التركيز على أخبار القنابل مجهولة الأصحاب، "لتوريط رافضي الانقلاب وتشويه الصورة أمام الشعب المصري" على حد تعبيره. كما أن الغريب في أخبار هذه القنابل، هي أن أغلبها تمكنت قوات الأمن وخبراء المفرقعات من إبطال مفعولها، ما يطرح علامات استفهام كثيرة على خلفية عدم انفجار أي قنبلة خلال تفكيكها، فضلاً عن عدم انفجار أي قنبلة قبل معرفة مكانها مثلاً.

يقول القيادي في الجبهة السلفية، مصطفى البدري، إن القنابل المذكورة "هي من صنع الأجهزة الأمنية، لإثارة الرأي العام ضد التيار الإسلامي والزج بهم في المعتقلات". ويضيف البدري لـ"العربي الجديد" أن الأجهزة الأمنية تسعى بكل قوة لمحاولة تبرير ما يحدث ضد رافضي الانقلاب من قتل وتعذيب واعتقالات وتعذيب. ويتابع أن "الأزمة تكمن في أن تلك الانفجارات التي يتحدثون عنها في الإعلام، غير مؤثرة ولا تُحدث أضراراً، وبالتالي لو أن التيار الإسلامي يريد أن يعمل عنفاً سيفعل ذلك وبقوة". وشدد على أن الخيار الاستراتيجي أمام رافضي الانقلاب هو السلمية، "لكن ربما يريد النظام الحالي قيادة الأوضاع الداخلية للتصاعد ووجود مواجهات عنيفة". ويعرب بدري عن قناعته بأن "الشعب بدأ يتنبّه إلى فكرة عدم صحة هذه القنابل لأن أغلبها لا ينفجر، فضلا عن أن النظام الحالي يعلّق فشله على شماعة الإرهاب، والشعب فطن إلى أن هذه مجرد أقاويل وأكاذيب".

اقرأ ايضاً: سياسيون مصريون يدعون للتوحّد الثوري لمواجهة قمع النظام 

بدوره، يلفت الخبير الأمني العميد محمود قطري، إلى أنه لا يمكن الحكم على صحة القنابل التي تعثر عليها قوات الأمن، ومن يقف وراءها. ويقول قطري لـ "العربي الجديد" إن القنابل "سلاح فتاك إذا أصاب دولة، بات من الصعب التعامل معه بشكل كبير، وهناك ما حدث في العراق كمثال، وسورية واليمن الآن". ويضيف أن "الانفجارات التي تحدث محدودة التأثير، وبالتالي يتبادر سؤال حول لماذا يلجأ شخص يريد إحداث فوضى كبيرة في تصنيع قنبلة ضعيفة التأثير؟"، مع أنّ تقنيات تصنيع القنابل "الكبيرة" باتت منتشرة على المواقع الإلكترونية ولم تعد بالصعوبة التي كانت عليها قبل عقود.

ويختصر قطري الأزمة بأنها "في عدم قدرة الأجهزة الأمنية على الوصول إلى من ينفذ ويضع تلك القنابل، وهنا المشكلة كيف يمكن الوصول إلى مكان الانفجار وتفكيك قنبلة ما، ولا يمكن الوصول للخلايا التي تصنعها؟".

اقرأ أيضاً: المصريون يتحدون أحكام الإعدام خلال تظاهرات "خذ حقك"