انتخابات الـ95% في السودان: الخرطوم تخذل عمر البشير

انتخابات الـ95% في السودان: الخرطوم تخذل عمر البشير

28 ابريل 2015
نال البشير نسبة أقل من انتخابات 2010 (الأناضول)
+ الخط -
لم تحمل النتائج الرسمية للانتخابات السودانية أية مفاجآت، في ظلّ حصد الحزب الحاكم في الخرطوم غالبية الأصوات الانتخابية، وسط غياب المنافسة الحقيقية، بفعل مقاطعة الأحزاب المعارضة للانتخابات، بينها حزب "الأمة" برئاسة الصادق المهدي، والحزب الشيوعي، بزعامة مختار الخطيب، و"المؤتمر الشعبي" بزعامة حسن الترابي. وأعلنت المفوضية القومية للانتخابات في السودان، أمس الإثنين، رسمياً فوز الرئيس السوداني عمر البشير، برئاسة الجمهورية بنسبة 94.5 في المائة، بعد حصوله على 5.252.478 ملايين صوت، من أصل 13 مليون ناخب مسجل، ليبدأ البشير وحزبه ولاية خامسة في قيادة السودان تنتهي عام 2020.

وأكدت مفوضية الانتخابات أن "نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 46.4 في المائة، وبلغ عدد المقترعين 6.091.412 ناخباً". وهو ما يخالف النسب التي أعلنها رئيس بعثة الاتحاد الافريقي للمراقبة أولوسيجون أوباسانجو، التي حددها بين 30 و35 في المائة. كما أكد مراقبون آخرون أنها "لا تتجاوز نسبة الـ30 في المائة"، بينما أبلغت مصادر في الاتحاد الأوروبي "العربي الجديد"، أن "الاتحاد رصد نسبة مشاركة لم تتخطّ الـ20 في المائة".

وسجلت العاصمة السودانية الخرطوم، أقل نسب مشاركة في الانتخابات، بين ولايات البلاد الـ18، واقترع 34.38 في المائة من ناخبيها، بينما سجلت نسب أعلى في المناطق التي تشهد حروباً أهلية بين الحكومة والحركات المتمردة في ولايتي النيل الازرق (37.26 في المائة) وجنوب كردفان (48.33) واقليم دارفور (47.51).

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المشاركة المتدنية للخرطوم مؤشر سلبي، فالولاية تُعدّ من أكثر الولايات تعداداً للسكان". وأضاف "الخرطوم هي مركز الحزب الحاكم ورئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية والاتحادات التابعة للحزب، ويأتي تصويتها بهذا الضعف كدليل على وجود خلل". وتابع "عموماً كانت النتائج متوقعة، ولن تغيّر من حالة الاحتقان الموجودة، لكنها بالقطع ستؤثر في الحزب الحاكم، الذي شكّل بالفعل لجنة تحقيق برئاسة عبد الملك البرير، لأداء أجهزة الحزب الحاكم المختلفة فيما يتصل بالانتخابات".

وتقّدم في المركز الثاني ضمن قائمة مرشحي الرئاسة عن حزب "الحقيقة" الفدرالي، فضل السيد شعيب، الذي نال 79.779 صوتاً بنسبة 1.85 في المائة، وحلّت فاطمة عبد المحمود عن حزب "الاتحادي الاشتراكي" المايوي في المرتبة الثالثة، بنسبة 0.76 في المائة، بعدد أصوات بلغ 47.653 صوتاً. وتُعدّ تلك المرة الثانية التي تترشح فيها عبد المحمود إلى الانتخابات، إذ حصلت في انتخابات 2010 على 30.562 صوتاً.
وفي تلك الانتخابات التي شاركت فيها جميع الأحزاب المعارضة، حتى مرحلة الحملة الانتخابية قبل أن تتراجع وتنسحب قبيل بدء العملية الانتخابية، التي حقق فيها البشير فوزاً بنسبة 68 في المائة، وحصل على 6.901.694 صوتاً من أصل 10.114.310 مقترعاً، من أصل 16 مليون ناخب مسجل.

اقرأ أيضاً: السودان.. كسب الانتخابات من قاطعها

وفي مقارنة سريعة بين النسب التي حصل عليها البشير في الانتخابات الماضية والحالية، نجد أن الرئيس السوداني حصل على النسبة الأعلى، باعتبار أن النسبة السابقة شملت جنوب السودان، الذي انفصل في العام 2011.

مع ذلك، يرى محللون أن "النسبة التي حققها البشير فيما يتصل بعدد الأصوات التي تجاوزت الخمسة ملايين صوتاً بقليل، تُعدّ ضعيفة بالنظر إلى عدد الناخبين المسجلين". ويقول المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "اعلان فوز المؤتمر الوطني، يعتبر فوزاً بطعم المرارة، إذ لم تحقق نتائج الانتخابات، النسبة التي يتوقعها الحزب".

وأوضح أن "النتيجة في مجملها تُمثل خيبة أمل للحزب الحاكم، لأنها تُعتبر أقلّ بالنظر إلى انتخابات العام 2010". وأضاف أن "النتيجة تُشير إلى أن أعضاء الحزب الحاكم نفسه، لم يصوّتوا في الانتخابات. الأمر الذي يُعدّ مؤشراً خطيراً داخل الحزب، وربما تترتب عليه نتائج تخرج من داخله".

واعتبر أن "نتيجة الانتخابات من شأنها أن تفرز كتلاً نيابية جديدة، لا سيما وأن الحزب الحاكم نال 75 في المائة من المقاعد البرلمانية، أي 323 مقعداً من أصل 426، فيما نالت بقية الأحزاب المتحالفة مع الحكومة والمستقلين 103 مقاعد، وشكّل المستقلون مفاجأة، بحصولهم على 19 مقعداً، ليحصلوا على المرتبة الثالثة بعد حزب "المؤتمر الوطني" و"الاتحادي"، ونالوا 25 مقعداً.

لكن النتائج الانتخابية من شأنها أن تفرز واقعاً جديداً، بالنظر للمواجهة التي بدأت تطل بين الحكومة والمجتمع الدولي، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا (الولايات المتحدة، وبريطانيا، والنرويج) التي صعّدت من لهجتها ضد الانتخابات الحالية، واستبقت قيامها باعلانها عدم الاعتراف بنتائجها، على اعتبار أنها لا تمثل ارادة الشعب ولا تخضع للمعايير الدولية".

وعلمت "العربي الجديد"، أنه "عُقد اجتماع في ألمانيا يوم الأربعاء، ضمّ المبعوثين الدوليين للسودان، من بينهم المبعوث الأميركي ومبعوث الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بحثوا فيه ملف السودان وكيفية الضغط على الحكومة لادارة حوار جدي، من أجل الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، تُنهي الأزمة في البلاد وحالة الاحتقان السياسي، فضلاً عن ايقاف الحرب في مناطق النزاعات".

وأكدت مصادر مطلعة أن "المبعوثين أقروا عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات السودانية، الأمر الذي يترتب عليه عدم الاعتراف بالمؤسسات الناتجة عنها، وبالتالي إيقاف كافة أشكال المساعدات بما فيها المادية والعينية، والشروع في الضغط على الحكومة في الخرطوم، للجلوس إلى الحوار، والقبول بالتسوية الجديدة التي تعكف تلك الأطراف على صياغتها".

وكان رئيس المفوضية مختار الأصم، أعلن عن فتح باب تقديم الطعون الانتخابية، اليوم الثلاثاء، على أن يتم اعتماد النتائج بشكلها النهائي في 19 مايو/أيار المقبل، قبل ان يحسم "سودانية" الانتخابات، تمويلاً وتخطيطاً وتنفيذاً، مقارنة بالانتخابات السابقة التي موّلها المجتمع الدولي، وشارك في الاشراف عليها بفعالية، بينما نفض يده تماماً عن الانتخابات المنتهية أخيراً.

اقرأ أيضاً: عمر البشير في ولايته الجديدة والضغوط للتخلي عن الإسلاميين

المساهمون