"عاصفة الحزم" تربك حلفاء حزب الله في لبنان

"عاصفة الحزم" تربك حلفاء حزب الله في لبنان

18 ابريل 2015
شهدت بيروت تحركات رافضة لـ"عاصفة الحزم" (بلال جاويش/الأناضول)
+ الخط -
تحقق الفرز "الطبيعي" في لبنان مع انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية ضد تحالف الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح مع الحوثيين. وعلى وقع القصف تعالت مواقف حادة ومتعارضة من العملية للفريقين الرئيسين في قوى 8 و14 آذار، أي حزب الله وتيار المستقبل، انسجاماً مع التحالفات الإقليمية للطرفين. انطلق حزب الله من مواقفه المتراكمة ضد السعودية في ملفات داخلية وإقليمية كالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وسورية، وقاد الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، الحملة ضد "العاصفة"، واصفاً السعوديين بـ"الغزاة وممولي التكفيريين، وهم لا يعتبرون إسرائيل عدوة". لكن موقف حزب الله الحاد والواضح، لم يُلاقه دعم وتأييد من معظم حلفائه، ومن أيّد موقف الحزب، قال ذلك بصوت منخفض.

وتباينت مواقف حلفاء حزب الله بين تأييد العملية أو الصمت والإرباك. فلم يصدر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، موقفاً مباشراً من العملية، لا بصفته رئيساً للبرلمان ولا لحركة أمل. واكتفى بري، يوم الأربعاء الماضي، بالإعلان عن "استعداد لبنان لإستضافة حوار بشأن اليمن على أراضيه"، مشيراً إلى أنه "إذا كانت المشكلة تكمن في مكان انعقاد هذا الحوار، فإن الخيارات المتاحة عديدة بين سلطنة عمان والجزائر أيضاً". كذلك غابت مواقف وزراء بري ونوابه بناءً علةى تعليمات مباشرة منه، كما رددت أوساط سياسية وصحافية قريبة منه. وقد زار بري االسعودية لتقديم واجب العزاء بالملك الراحل عبد الله. كما استقبل رئيس مجلس النواب، السفير السعودي في لبنان، علي عواض عسيري، قبل أيام، وذلك بعد الحملة التي طالت السفير والمملكة من حزب الله وحلفائه السياسيين والإعلاميين.

اقرأ أيضاً: نصرالله والحريري والأدوار العابرة للحدود

أما على صعيد تحالف حزب الله مع "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب ميشال عون، فقد حاول وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) أن يوفّق بين موقعه الرسمي كوزير للخارجية ودوره كحليف رئيسي للحزب. فنأى باسيل بلبنان الرسمي عن "كل ما يضعف العرب" خلال إلقاء كلمة لبنان أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في مدينة شرم الشيخ المصرية، من دون التعليق على الملف اليمني بشكل مباشر. بعدها، أكد باسيل، في مؤتمر صحافي بعد عودته إلى لبنان، "دعم الخارجية اللبنانية للشرعية في اليمن". وقد ميّع اختلاف الموقف باختلاف المنبر موقف لبنان الرسمي من التطورات. وفاخر باسيل خلال مؤتمره الصحافي بـ"منع إدانة حزب الله في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" كتسديد لفاتورة تحالف الطرفين والمكاسب السياسية التي حققها التيار الوطني الحر بتحالفه مع الحزب.
كذلك تعكس مواقف باسيل حرص عمه، النائب ميشال عون، على إبقاء علاقة طيبة بالسعودية، أملاً بدعمه في حلمه الرئاسي.

وإلى جانب حلفاء حزب الله الأساسيين، سيطرت حالة "اللا موقف" على حلفاء حزب الله السُنة في لبنان. فاختلف خطاب "سُنة حزب الله" في الشكل والمضمون تعليقاً على العملية العسكرية. اكتفى بعض علماء الدين المؤيدين للحزب بتعليق سريع خلال خطب الجمعة، كإمام مسجد القدس في مدينة صيدا جنوبي لبنان، الشيخ ماهر حمود. وصف حمود التحرك السعودي في اليمن بـ"العدوان المبني على تهديدات مفترضة"، وهو موقف يتيم أطلقه حمود بعكس ما درج عليه من إصدار بيانات متعاقبة داعمة للحزب في سورية والعراق والداخل اللبناني.
أما موقف رئيس حزب الاتحاد، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، فشكل العلامة الأبرز على هذه الغربلة. اعتبر مراد، وهو حليف أساسي لحزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت وفي منطقة البقاع الغربي شرقي لبنان، أن "المملكة العربية السعودية اعتبرت أمن اليمن من أمنها وهي محقة".
على الأثر، سارع حزب الله إلى زيارة مراد بوفد ترأسه رئيس المجلس السياسي إبراهيم السيد، فتعدل الموقف، ودعا مراد بعد اللقاء مباشرة "إلى حل سياسي يوقف الحرب التدميرية في اليمن".
ومن منطقة عكار شمالي لبنان، دعا الشيخ ماهر عبد الرازق إلى "توجه العواصف العربية نحو فلسطين المحتلة وليس إلى الدول العربية"، ووصف عبد الرازق في حديث لـ"العربي الجديد" المواقف الحادة من "عاصفة الحزم" في لبنان بـ"الطبيعية في ظل التحالفات القائمة".

تأييد "سني" جامع

جمعت "عاصفة الحزم" الأطراف السنية في لبنان، والتي لطالما اختلفت على الملفات الداخلية. فتوحدت مواقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع "هيئة العلماء المسلمين" التي رشحت شيخاً واجه دريان في انتخابات الإفتاء في أغسطس/آب من العام الماضي. والتقت الجماعة الإسلامية (الجناح اللبناني للإخوان المسلمين) مع تيار المستقبل، بعد خلافها الحاد في الملف المصري والملفات الداخلية.
وفي هذا السياق، يرى عضو المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية، عمر المصري أن "التمدد المذهبي الإيراني جمع أغلب الأطراف السنية في لبنان التي اختارت الموقف العربي المواجه لهذا المشروع". لكن المصري لا يعول كثيراً على حجم هذا الانسجام القائم "بسبب ردة فعل حزب الله وجمهوره على مواقف حلفائه المؤيدة لعاصفة الحزم، ولأن الاحتقان الداخلي والخلاف الكبير بين الأطراف السنية على الملفات السياسية المطروحة متشعب".
تنضم "عاصفة الحزم" إلى قائمة الملفات الإقليمية الخلافية في لبنان، وبانتظار الموقف المقبل لحزب الله في مهرجان دعم حلفائه اليمنيين اليوم الجمعة، تبدو مواقف حلفائه المترددة باقية وتتمدد.

اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب

المساهمون