كيف حوّل الحوثيون المدن إلى ساحة حرب: إب نموذجاً

كيف حوّل الحوثيون المدن إلى ساحة حرب: إب نموذجاً

16 ابريل 2015
تفاقم معاناة إب بعد دخول الحوثيين (عادل الشاري/الأناضول)
+ الخط -
"أتت الطائرات بكثافة وضربت تجمّعات داخل المدينة، مخلّفة رعباً وفزعاً في أوساط السكان"، هكذا يردد محمد علي، أحد سكان مدينة إب، مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم، والتي كانت هدفاً للعديد من الغارات خلال الأيام الماضية، بعد سيطرة الحوثيين على مركزها، وجعلوا من بعض المواقع والمقرّات الحكومية في المدينة مركزاً لتجمّعاتهم.

ويشير علي لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الطائرات أثارت الرعب والهلع، خصوصاً مع تحليقها المنخفض وخرق جدار الصوت، فليس هناك من مضادات أرضية تُلزم الطيران على التحليق على علوّ مرتفع، كما هو الأمر في صنعاء".

أدرك المواطنون في المحافظة الأكثر كثافة سكانياً، والملقّبة بـ"اللواء الأخضر"، فداحة ما حصل نتيجة دخول المليشيات الحوثية مدينتهم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد قصف الطيران الملعب الرياضي، الذي اتخذوه الحوثيون مقرّاً لهم، وكذلك قصف مقرّات أمنية وأهدافاً أخرى داخل المدينة.

إب واحدة من المدن اليمنية، التي ينحدر منها كثير من السكان والعمال النازحين إلى المحافظات الأخرى، ويميل سكانها إلى الحياة المدنية، خصوصاً أن أغلب الحوثيين فيها وافدون من خارج المحافظة. وفي ظلّ الغارات، عاد إلى إب وتعز، آلاف الأسر العاملة في صنعاء هرباً من الحرب. ولا يوفّر الهروب بيئة أكثر آمناً، فالمناطق الناجية من الحرب ليست في حال أفضل، والخدمات الأساسية شبه غائبة في مناطق كثيرة، خصوصاً مع أزمة انعدام مادة الوقود. كما أن الكثير من الأسر لا تملك من النفقات ما يؤمّن لها الحدّ الأدنى من العيش خلال النزوح، الأمر الذي منع كثيرين من النزوح أساساً. ولا تبدو حال المدن الأخرى أفضل بكثير من صنعاء، كما أن القرى الريفية تكاد تكون منعزلة معظم الأوقات، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتأخر موسم الأمطار، التي تؤثر كثيراً على الحياة فيها.

وفي مفارقة لافتة لا ينزح كل من في صنعاء، بل إن هناك من ينزح إليها، خصوصاً قاطني المناطق القريبة من المعسكرات والمنشآت العسكرية. وعلى الرغم من الخطر المتصاعد بسبب الضربات والقذائف المرتدة من الجوّ، نتيجة إطلاق المضادات الأرضية وانتشار بعضها في الأحياء، لم ينزح كثر من أهالي العاصمة أيضاً، لأسباب عدة، وأبرزها عدم وجود أماكن أكثر أمناً ينزحون إليها، فالبلاد باتت ساحة حربٍ، والخدمات منعدمة في مختلف المحافظات بسبب الحوثيين وحروبهم.

اقرأ أيضاً: استعدادات التدخل البرّي باليمن: 700 جندي مصري إلى السعودية

مع العلم أن اليمنيين اعتادوا أثناء الصراعات والحروب على هجرة المدن الأساسية ومناطق أخرى، إلى الريف والمحافظات الثانوية، لكن الصراع هذه المرة مختلف وعمّ مدن عدة، فحيثما لا تجد الحوثيين و"عاصفة الحزم"، تجد تنظيم "القاعدة" كما هو الحال في محافظة حضرموت، شرقاً.

أما خارطة أهداف "عاصفة الحزم"، فتشمل مواقع انتشار الحوثيين والقوات الموالية لهم في صنعاء وصعدة وعدن وتعز وشبوة وأبين ولحج والضالع وإب وذمار والحديدة وعمران وحجة والجوف ومأرب، وهي بالمجمل أغلب المحافظات اليمنية، باستثناء محافظات الشرق، بالاضافة إلى محافظات صغيرة لا تتواجد فيها مواقع عسكرية مثل المحويت وريمة.

ومنذ أيام قليلة، باتت معظم هذه المدن تغرق في ظلام دامس، بعد أن أسفرت جبهات القتال والضربات في مأرب، عن تخريب خطوط النقل، ما أخرج المحطة الرئيسية المزودة للكهرباء عن الخدمة، فيما تعطلت المحطات الثانوية نتيجة فقدان مادة "الديزل".

في المحافظات الساحلية، وخصوصاً عدن، تتفاقم أزمة انقطاع الكهرباء، لتُشكّل أزمة انسانية صعبة، فالحياة هناك في فترة ارتفاع درجات الحرارة، تعتمد على المكيفات وثلاجات التبريد. كما أن المدينة باتت أسيرة حرب شوارع، وتعرّضت لقصف عشوائي من قبل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. هذا عن عدن، أما لحج والضالع، فلا يصل منها سوى أخبار عن أعداد القتلى الذين يسقطون في المعارك.

"الحرب ليست (عبد الملك) الحوثي و(المتحدث باسم عاصفة الحزم أحمد) عسيري ولا القتلى، بل إن هناك خسائر كبيرة للمواطنين وأصحاب الأعمال"، كما يقول خالد، الذي يمتلك متجراً للأدوات الطلابية في العاصمة لـ"العربي الجديد"، ويضيف "الحوثيون أدخلوا البلاد في هذا الوضع، ولا يهمنا من المسؤول، بل كيف نخرج من الأزمة".

اقرأ أيضاً: قبائل اليمن على خط مواجهة قوات الحوثيين والرئيس المخلوع