إسرائيل تطالب بلغاريا بأسير فلسطيني محرّر

إسرائيل تطالب بلغاريا بأسير فلسطيني محرّر

29 ديسمبر 2015
الأسير عمر النايف لجأ لسفارة بلده بصوفيا (العربي الجديد)
+ الخط -
لجأ الأسير الفلسطيني السابق، عمر زايد النايف، المقيم في العاصمة البلغارية صوفيا إلى السفارة الفلسطينية، فور تسلّمه مذكرة صادرة عن الادّعاء البلغاري، بضرورة تسليمه نفسه للأجهزة الأمنية البلغارية، وإجراء محاكمة عاجلة خلال 72 ساعة، بغرض تسليمه إلى السلطات الإسرائيلية، وترحيله لقضاء "عقوبته" في سجون الاحتلال.

وسبق لبلغاريا أن صادقت على معاهدة للتعاون والتنسيق القضائي مع إسرائيل، وبناءً على ذلك، طالبت إسرائيل بتسليم عمر النايف الحاصل على إقامة دائمة في بلغاريا، لتنفيذه عملية ميدانية عام 1985، وصدر بحقه حكم بالمؤبد. وبعد أن قضى خمس سنوات في السجون الإسرائيلية، أضرب عن الطعام 40 يومًا، نقل على إثرها إلى المستشفى، وتمكّن بعد ذلك من الهرب، وهو ممن تشمله اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل ضمن الأسرى المحرّرين.

وتدرك السلطات البلغارية أنّ القضية سياسية بامتياز، وسبق أن قامت بلغاريا بإجراءات مماثلة عام 1999، لكنّ الأجواء السياسية آنذاك منعت تنفيذ قرار تسليمه للسلطات الإسرائيلية. وكان في وسع أجهزة الأمن البلغارية اعتقاله مع بدايات ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من دون إرسال المذكرة عبر البريد، لكنّها توخّت الحذر تجنباً لاتخاذ إجراء قد يجرّ خلفه تبعات سياسية، باعتبار ذلك سابقة في العلاقات الدبلوماسية، خصوصاً أن قضية الأسير السابق مرتبطة بالملف الفلسطيني.

وتعتبرُ السلطة القضائية في بلغاريا مستقلة عن السلطة التنفيذية، وتصعب ممارسة ضغوط مباشرة على الصعيد السياسي، لكن الفرصة الزمنية التي أتاحها الادعاء البلغاري تهدف إلى تصعيد المحادثات على الصعيد السياسي بين كل الأطراف لتأخذ دورها كاملا، في محاولة للخروج من هذا المأزق.

اقرأ أيضاً: "الشعبية" تدعو بلغاريا لعدم تسليم محرر فلسطيني إلى إسرائيل

وقد أجرت السفارة الفلسطينية في صوفيا لقاءات مختلفة، للتوصل إلى حلّ لهذه الأزمة، بعد أن تبنّت إيواء النايف في مقرّها منذ ما يزيد على الأسبوعين. وتمّ توكيل المحامي عمر مصلح الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، ولديه خبرة واسعة ومعرفة جيّدة بالقوانين الإسرائيلية، كي يتمكّن من المرافعة عن الأسير السابق في المحاكم البلغارية، وإيقاف مذكّرة الاعتقال والتسفير العاجل إلى إسرائيل، من دون أن يتمكن حتى اللحظة من تحقيق الهدف المطلوب.

وعمر النايف هو عضو نشط في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وشقيق حمزة النايف الأسير المحرّر في صفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عام 2011، ويقوم بحملة واسعة للدفاع عن أخيه، والحيلولة دون تسليمه للقضاء البلغاري، علماً أنّ زوجة عمر النايف وأبناءه يحملون الجنسية البلغارية.

وقد أجرت السلطة الفلسطينية محادثات مع السلطات البلغارية، للتوصّل إلى حلّ عادل للقضية، لكنّ الضغوط الإسرائيلية لم تتوقف، وكذلك الأمر بشأن المؤسسات القضائية الأوروبية التي لجأ إليها القضاء الإسرائيلي، باعتبار بلغاريا عضواً في الاتحاد الأوروبي. وحسب القوانين الإسرائيلية، تسقط قضية عمر بالتقادم بعد مضي 30 عاماً من تاريخ هروبه، ويبقى حكم السجن المؤبّد نافذاً حتى 21 مايو/ أيار 2020.

"الشعبية" حذرت من تسليم النايف 

وفيما يتردد أن ضغوطاً تمارسها السفارة الفلسطينية في صوفيا على النايف من أجل تسليم نفسه إلى السلطات البلغارية، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً حذرت فيه السفارة، من مغبة تسليمه، وحملت السفير الفلسطيني، أحمد المذبوح، بصفته الشخصية الرسمية عن "كامل التداعيات السياسية وغيرها التي قد تنشأ عن مثل هذا القرار".

وطالب البيان منظمة التحرير الفلسطينية وكل القوى والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية للتدخل الفوري والعاجل، وتحمل مسؤولياتها لحماية الأسير المحرر عمر النايف.

وأكدت الجبهة الشعبية رفضها ما سمتها "الضغوط التي تمارسها السفارة الفلسطينية في صوفيا على الأسير المحرر وعائلته"، ودانت عدم قيام السفارة بمسؤولياتها "السياسية والقانونية والأخلاقية"، على حد تعبير البيان الذي جاء فيه أيضاً "نعتبر هذا السلوك إنما يأتي في سياق التخلي الكامل عن دورها الوطني ورضوخها لإملاءات وشروط ومطالب العدو الصهيوني".

وفي ذات السياق، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، رداً على بيان الشعبية، إنها "شكلّت خلية أزمة تضم عدداً من الوزارات والمؤسسات الفلسطينية، لمتابعة قضية الزايد منذ علمها بها، مع السفير الفلسطيني في بلغاريا والسلطات البلغارية، وكذلك الاستئناس بآراء الخبراء والمختصين في مجال القوانين الوطنية والدولية، لتجنب اعتقاله أو تسليمه من قبل السلطات البلغارية لإسرائيل، وكذلك رسائل تم توجيهها إلى بلغاريا من قبل رئيس الحكومة ووزير الخارجية"، لافتة إلى أنه من مسؤولياتها الحفاظ على مصالح الفلسطينيين وتواجدهم ولن تغامر بوجودهم أو تسمح بتضررهم، عبر أية تصرفات غير مسؤولة ومتسرعة تقوم بها أي جهة كانت.

وأكدت الخارجية الفلسطينية عدم قبولها بتوجيه تهديد ضد سفير لدولة فلسطين، إذ أن السفير لن يقوم بتسليم أحدٍ كان، وليس من سلوكية أي سفير التعامل مع أبناء شعبه سوى في إطار المسؤولية الوطنية والأخلاقية، لافتة إلى أنه "يتابع بمسؤولية كبيرة هذه المهمة منذ البداية على عكس ما يدعونه في بيانهم الذي هو بعيد كل البعد عن الحقيقة".


اقرأ أيضاً: عائلة فلسطينية تطالب بلغاريا بعدم تسليم نجلها إلى إسرائيل