"المنطقة الآمنة" باستراتيجية جديدة: غطاء تركي أميركي وتنفيذ سوري

"المنطقة الآمنة" باستراتيجية جديدة: غطاء تركي أميركي وتنفيذ سوري

19 نوفمبر 2015
لاجئون على الحدود التركية السورية (علي الحسن أوزتورك/ الأناضول)
+ الخط -
تعيد الهجمات التي شنّها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في باريس، الجمعة الماضي، وتحطم الطائرة الروسية في سيناء مصر، الشهر الماضي، والتهديدات المتلاحقة لمدينة إسطنبول التركية، الحديث بقوة عن ضرورة القضاء على التنظيم، نهائياً، مدفوعاً بتحركات الدبلوماسية الفرنسية الأخيرة ومحادثات فيينا 3 التي جرت بين الدول المعنية. هكذا، يعود المشروع التركي السعودي القطري المدعوم فرنسياً لإنشاء "المنطقة الآمنة" بصفة "منطقة خالية من داعش"، وهو ما أوحى به كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري أول من أمس الثلاثاء.

وتناقض تصريح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال قمة العشرين، في مدينة أنطاليا التركية، والذي جاء فيه أن "المنطقة الآمنة ومنطقة حظر الطيران ستضرّ بالهدف المنشود منها"، مع حديث كيري عن أنّ "سورية مقبلة على انتقال سياسي كبير خلال الفترة المقبلة، وأميركا ستبدأ عملية مع تركيا للانتهاء من تأمين حدود شمال سورية".

وقال كيري إنّ "الحدود الكاملة لشمال سورية، أُغلق 75 في المائة منها الآن، ونحن مقبلون على عملية مع الأتراك لإغلاق 98 كيلومتراً متبقية". هذه المسافة المتبقية التي أشار إليها كيري تقع في شمال شرق محافظة حلب، وهي بالتحديد التي كان من المفترض أن تُقام "المنطقة الآمنة" فيها، أي بين مدينتَي جرابلس ومارع.

وفي تعليقه على تصريحات كيري، بدا وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو حذراً، عندما أكّد، أمس الأربعاء، أنّ "كلاً من أنقرة وواشنطن اتفقتا على شنّ عملية مشتركة على الحدود التركية السورية في مناطق سيطرة داعش". وقال سينيرلي أوغلو "أساساً، نحن نقوم بالتعاون مع الأميركيين منذ فترة طويلة بتوجيه ضربات عسكرية جوية في تلك المنطقة، ولدينا بعض الخطط لدحر داعش من المناطق التي يسيطر عليها في الحدود السورية التركية، وستستمر هذه الخطط بعد الانتهاء منها بشكل أكثر عمقاً، الأمر الذي سيتضح خلال الأيام المقبلة".

وعلّق وزير الخارجية التركي على حديث كيري بطريقة غير مباشرة، قائلاً، "تحدثت عن هذا الأمر في وقت سابق في مدينة أربيل العراقية، وهو الأمر الذي أكده أيضاً الرئيس التركي رجب طيب في حديث صحافي"، مشيراً إلى أن "الأمر سيتم بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية، لذلك، لا يوجد أي شيء جديد أو مختلف. وأودّ التشديد على أنّه لدينا بعض الخطط التي ستستمر، وهي خطط ستتم بالتعاون المشترك، وعند الانتهاء من هذه الخطط سيتم اتخاذ التدابير اللازمة، وهو ما سيتضح لاحقاً".

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر في الخارجية التركية أنّ العملية التي يتم الحديث عنها قديمة، والتي تهدف إلى إقامة "منطقة خالية من داعش"، وستشمل الخط الممتد بطول 98 كيلومتراً بين مدينتَي جرابلس غرب الفارت ومارع في ريف حلب، ومن المتوقع أن تبدأ العملية قريبا جداً".

اقرأ أيضاً: الانتقام يوحّد روسيا وفرنسا... ملامح جبهة عالمية جديدة

ويوضح المصدر ذاته أنّ "النظام السوري وحلفاءه حاولوا خلال الأيام الأخيرة استثمار الهجمات التي وقعت في باريس لصالحه، لتقديم نفسه وكأنه يعاني هو فقط من المجموعات المتشدّدة، في محاولة للتغطية على الجرائم التي ارتكبها ضد شعبه خلال السنوات التي ستدخل عامها الخامس"، لافتاً إلى أنّ "المقاربة الفرنسية لم تدع له مجالاً لذلك. فالفرنسيون واعون تماماً أنّ القضاء على داعش لا يمكن أن يتم من دون تسوية سياسية تنتهي بخروج الرئيس السوري، بشار الأسد، وهم يضغطون بقوة في هذا الاتجاه، مدعومين من باقي دول الاتحاد الأوروبي والحلفاء في حلف شمال الأطلسي".

وفي التفاصيل الأولية للخطة، يشير المصدر في وزارة الخارجية، إلى أنه "سيتم تقديم الغطاء الجوي من قبل طائرات تركية أميركية لكتائب تابعة للجيش السوري الحر التي ستقوم بدورها بتنفيذ العملية على الأرض"، مشدداً على أنّ "دخول قوات برية تابعة للجيش التركي ليس أمراً وارداً على الإطلاق".

كذلك حصلت "العربي الجديد" على معلومات من مصدر مقرب من دوائر صنع القرار في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، تفيد بأنّ "الغطاء الجوي سينطلق من الأراضي التركية"، قائلاً، "نحن نضغط للبدء بأقرب وقت ممكن بالعملية للوصول إلى منطقة خالية من داعش، وهي الخطة ذاتها التي كان قد تم الحديث عنها في وقت سابق، وإن كانت الاستراتيجية مختلفة نوعاً ما، إذ إننا هذه المرة مدعومون بالضغط الفرنسي، ونتائج المحادثات التي جرت في فيينا في الفترة الماضية، لتكون هذه الخطة جزءاً من استراتيجية كاملة لحلّ الملف السوري".

وبحسب المصدر ذاته، تشمل الخطة "ضرب جميع التنظيمات الجهادية في المنطقة بما في ذلك داعش وجبهة النصرة وأي فصيل عسكري يرفض الالتزام بالحل السياسي الذي ستضح تفاصيله في الفترة المقبلة"، مضيفاً أنّه "لن يغيب عن ذهننا، باقي التنظيمات الإرهابية، كالعمال الكردستاني وجناحه حزب الاتحاد الديمقراطي الذي سيفقد كل الشرعية التي اكتسبها على أساس قتاله لداعش".

اقرأ أيضاً تعثر المنطقة العازلة: استياء تركي وخطط أميركية بديلة

المساهمون