المعارضة تتقدّم في ريف القنيطرة لشق طريق دمشق

05 أكتوبر 2015
أثناء هجوم للمعارضة على "داعش" شمال حلب (حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -
في الوقت الذي خطف فيه القصف الروسي مناطق المعارضة في سورية، الأضواء خلال الخمسة أيام الماضية، خصوصاً لكونه استهدف بالدرجة الأولى مناطق سكنية، ومواقع للمعارضة، وارتكب مجازر دامية في ريفي حمص وإدلب، كانت المعارك تحتدم في جنوب وأقصى شمال شرق البلاد، والتطورات تتسارع.


اقرأ أيضاً: النظام السوري يحضّر لمعركة حمص وحماه بمساندة الغارات الروسية

وحققت المعارضة تقدّماً في معارك ريف القنيطرة، في سبيل فتح طريقٍ من ريف المحافظة الشمالي لريف دمشق الغربي. فيما جاء الهجوم المفاجئ لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على جبل عبدالعزيز بريف الحسكة الغربي قبل يومين، وسيطرته على معظم المواقع في المنطقة.

وفيما واصل نظام بشار الأسد، أمس، محاولاته لاسترداد المناطق التي خسرها بريف القنيطرة أخيراً، من خلال قصفه الجوّي للمناطق المحيطة بسرّية طرنجة والتل الأحمر، الذي سيطرت عليه فصائل المعارضة السورية، أمس، أكدت الأخيرة أنها ماضية في تحقيق هدفها المرحلي، وهو ربط ريفي دمشق الغربي بريف القنيطرة الشمالي، وهو يأتي ضمن استراتيجية شاملة للوصول إلى تخوم العاصمة دمشق.

وفي طريق ذلك، جاء الإنجاز الأخير للمعارضة في السيطرة على التل الأحمر، مساء السبت، وهو ما يسهّل على قواتها تضييق الخناق على بقية نقاط النظام في المنطقة، وإن بدا أن هذا التطور، ما هو إلا خطوة أخرى في الطريق نحو دمشق، الذي ما يزال طويلاً إلى حد ما.

وقال المسؤول الإعلامي لألوية سيف الشام (إحدى الفصائل المشكلة لغرفة عمليات "عاصفة الحق" التي فتحت معركة "وبشر الصابرين" الحالية) أبو غياث الشامي، إن "فصائل الجبهة الجنوبية، خصوصاً تلك المتواجدة في الريف الشمالي لمحافظة درعا وفي القنيطرة، تسعى منذ بداية تشكيل الجبهة الجنوبية للوصول إلى العاصمة دمشق، لكن الوصول ليس بالأمر السهل. حررنا معظم محافظة القنيطرة، ومعظم القرى الواصلة بين ثلاث محافظات في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وتدعى منطقة المثلث"، قبل أن "تشنّ مليشيات إيرانية وحزب الله هجوماً على القرى ضمن المثلث (المنطقة التي تربط أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة)، وعادت وسيطرت عليها، بعد تأكدهم من سقوط خط الدفاع الأول من جهة درعا على العاصمة دمشق".

ويضيف الشامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فصائل الجبهة الجنوبية "تابعت التخطيط من أجل كسر الطوق المشكل على الريف الغربي للعاصمة دمشق، ونسقنا مع قواتنا في جبل الشيخ من خلال غرف العمليات، حتى وصلنا إلى إطلاق معركة "وبشر الصابرين" لفك الحصار عن ريف دمشق الغربي وفتح طريق يصل من درعا حتى جبل الشيخ في ريف دمشق الغربي".

ويتابع المسؤول الإعلامي في المعارضة سرده لأحداث المعارك هناك، ويشرح أهمية التقدم الأخير، قائلاً إن "أهمية السيطرة على تل الأحمر تكمن في حصار مدينة البعث في محافظة القنيطرة، ومنع قوات النظام من التحرك داخل المدينة، ومنع وصول الإمدادات إليهم، إضافة إلى تأمين دفاع لسرية طرنجة ومزارع الأمل المحررة التي سيطرنا عليها، حيث كان تل الأحمر يساهم في حصار سرية الكتاف وتل الأمم المتحدة (كان يحوي قوات أممية، كون المنطقة حدودية مع فلسطين المحتلة)، التابع لبلدة عين النورية الواقعة شرق محافظة القنيطرة". وأشار إلى أن هذا التل "كان مقراً تتواجد فيه مدفعية النظام ودباباته التي كانت تقصف القرى المحررة في القنيطرة، ونقاطنا في المعركة".

ويؤكّد الشامي أنّ فصائل المعارضة التي أطلقت معركة "وبشر الصابرين"، يوم الجمعة قبل الماضي، عازمة على مواصلة العمل حتى تحقيق هدف المعركة، وتبقى "العوائق الآن هي سرية الكتاف وسرية عباس وتل الأمم المتحدة (يو إن)، وبعدها يكون الطريق مفتوحا بشكل كامل"، وفي حال تم ذلك، فإنه يشكل تهديداً كبيراً لـ"قوات النظام المتواجدة في بلدات خان أرنبة والبعث، لأنهم يصبحون عندها ضمن حصار مطبق".

وحاولت فصائل المعارضة سابقاً، ربط مناطق سيطرتها بريفي القنيطرة ودمشق، لكن لم تلبث المواجهات أن تحرز تقدماً ملموساً حتى تخفت شيئاً ما، نتيجة قوة تحصينات ونيران النظام في تلك المناطق، فضلاً عن تكثيف استخدامه لسلاح الجو، كونه يدرك خطورة تقدم المعارضة، وفتح طريق إمدادٍ لمئات المقاتلين المحاصرين بلا طرقِ إمداداتٍ بالغوطة الغربية، خصوصاً في مناطق كناكر وزاكية، وصولاً لخان الشيح الذي يبعد أقل من 18 كيلومتراً عن مطار المزة العسكري، الذي يعتبر من أقوى ثكنات النظام العسكرية التي تشرف على بوابة دمشق الجنوبية الغربية.

وتأخذ المعارك في هذه المناطق الواقعة بين ريفي دمشق والقنيطرة، بعداً خاصاً، كونها مناطق حدودية، مع فلسطين المحتلة من الجنوب الغربي، ومع لبنان من الناحية الغربية الشمالية، كما أن فتح الطريق لريف دمشق الغربي، يعني أن ريف العاصمة هذا، يصبح مفتوحاً حتى الحدود الأردنية أقصى جنوب البلاد.

اقرأ أيضاً: 17 قتيلاً بقصف على دير الزور والمعارضة تتقدّم بالقنيطرة 

وفي معارك شمال شرق البلاد، يبدو أن تنظيم "داعش" يعمل مجدداً على استنزاف مقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية، إذ واصل هجماته، وشن معركة مفاجئة في جبل عبدالعزيز، غرب محافظة الحسكة بنحو أربعين كيلومتراً منذ الأول من أمس، وسيطر على معظم أجزائه.

ويوم السبت، سيطر التنظيم على كامل نقاط القوات الكردية في الجبل، بـ"استثناء نقطتي الغرا وبرج الإذاعة"، بحسب ما أكد ناشطون من الحسكة.

وفيما وصف موقع "وحدات حماية الشعب" الرسمي "الهجمات بأنها الأعنف للمرتزقة (مسلحو داعش) على مدينة الحسكة، منذ هجمات شهر أغسطس/آب"، فإنه لم يحدد المواقع التي خسرتها قواته، مكتفياً بأن "الاشتباكات ما تزال مستمرة".

لكن ناشطين ينحدرون من تلك المناطق ذكروا، لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم الذي بدأ هجومه ليل الجمعة، تمكن من السيطرة على كامل الجبل، باستثناء الغرا وبرج الإذاعة"، وأن "الاشتباكات لا تزال مستمرة حتى اللحظة، فيما صعدت طائرات التحالف الدولي طلعاتها الجوية في المنطقة، ما مكّنَ الوحدات من استرداد برج الإذاعة الذي كانوا خسروه في الجولات الأولى للهجوم الحالي". 

وفي حال سيطرة التنظيم على كامل الجبل، قد يعاود شن هجماته على مدينة الحسكة، إذ كان قَطعُ طريق إمداداته من جبل العزيز لمدينة الحسكة، أواخر يوليو/تموز الماضي، أحد العوامل المهمة التي تسببت لاحقاً في هزيمته في معارك مركز المحافظة بداية أغسطس/آب الماضي.