استنفار "العدالة والتنمية" عشية الانتخابات التركية المصيرية

استنفار "العدالة والتنمية" عشية الانتخابات التركية المصيرية

28 أكتوبر 2015
خلال مهرجان انتخابي لـ"العدالة والتنمية" في إسطنبول (بيرك أوزكان/الأناضول)
+ الخط -
يكثف حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، من نشاطات حملته الانتخابية، قبل أيام من موعد الانتخابات البرلمانية المصيرية للحزب في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في سبيل استعادة الغالبية البرلمانية الكافية للتفرّد بتشكيل الحكومة.

اقرأ أيضاً: 5 أيام على الانتخابات التركية: عودة زمن "حرب الإنقاذ"

وربط الحزب بين تفرّده بالحكم من جهة، وبين الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، من جهة ثانية، في الوقت الذي عادت فيه تغطية القنوات الرسمية التركية للانتخابات، مرّة أخرى، إلى دائرة السجال الانتخابي. 

ورغم أنّ الاستطلاعات تختلف حول قدرة الحزب على استعادة الغالبية البرلمانية الكافية للتفرّد بالحكم، وفي إطار الجهود الكثيفة التي يبذلها لدفع الناخبيين للتصويت له، بدأ مرشحو "العدالة والتنمية" بالتحذير، مرة أخرى، من الحكومات الائتلافية، التي كان عهدها كارثياً على استقرار تركيا، معززين رؤيتهم بالاستعصاء السياسي الذي أفرزته الانتخابات السابقة، من ناحية عدم قدرة الأحزاب التركية على تشكيل الحكومة.

وفي هذا السياق، أكد نائب رئيس الوزراء، نعمان كورتولموش، أنه يتوقع استعادة الحزب ما يقارب 7 في المائة من الأصوات التي خسرها في الانتخابات السابقة في يونيو/حزيران الماضي، خصوصاً وأن استطلاع الرأي يشير إلى أن أكثر من 55 في المائة من الناخبيين لا يفضلون حكومة ائتلافية، قائلاً إنّ "المشهد السياسي الذي أفرزته الانتخابات السابقة، سيجلب للعدالة والتنمية أصواتاً جديدة، تلك التي تبحث عن الاستقرار السياسي وإنشاء حكومة قوية".

وأضاف "وبدقة أكبر، هناك كتلة تصويتية كانت قد صوتت للعدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، ولكنها لم تفعل ذلك في انتخابات يونيو/حزيران الماضي، أنا أعتقد أن 7 في المائة من الأصوات التي خسرها الحزب ستعود له،  منها ما ذهب لحزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) أو حزب الحركة القومية (يميني متطرف)".

وفي الوقت الذي حذّر فيه كورتولموش من التبعات الاقتصادية والسياسية والأمنية لفقدان تركيا "حكومة قومية"، في إشارة إلى حكومة يتفرد بها "العدالة والتنمية"، أكد رئيس البرلمان التركي، عصمت يلماز، أن "البلاد ستواجه صعوبات في توفير فرص عمل في حال حُكمت من قبل حكومة ائتلافية، وأيضاً في تقديم العناية للمعاقين وحتى في توفير الفحم للفقراء".

واعتبر يلماز في حديثه للناخبين، في إحدى القرى في ولاية سيواس، أنّ السنوات التي حُكمت بها تركيا بحكومات ائتلافية بين 1970 و1990 كانت سنوات ضائعة في التاريخ التركي، قائلاً "ليس علينا أن نضيع عام 2016 أيضاً، ولكن إن اتخذنا قراراً خاطئاً، سنضيع 2016 كما دخلت تركيا في حقبة صعبة في التسعينيات".

يأتي هذا في الوقت الذي يعود فيه الحديث عن سيناريوهات ما بعد الانتخابات، في حال فشل "العدالة والتنمية" في استعادة الغالبية الكافية للتفرّد بالحكم، ومنها إجراء انتخابات أخرى.

وفيما تجنب رئيس "العدالة والتنمية"، أحمد داود أوغلو، الخوض في شأن إعادة الانتخابات مرة أخرى، والتأكيد بأن البلاد لن تحتاج ذلك لأن حزبه سيستعيد الغالبية الكافية للتفرد بالحكم، أشار نائبه، أحمد علي شاهين، إلى أن إعادة الانتخابات مرة أخرى أمر وارد، في حال أفرزت الانتخابات المقبلة مشهدا سياسيا شبيها بذلك الذي أفرزته انتخابات يونيو/حزيران السابقة، قائلاً "لم تعد الأمة ترغب في الصناديق والانتخابات. في السنة الماضية، أجرينا انتخابات مرتين (بلدية ورئاسية)، وفي هذه السنة أجرينا الانتخابات مرتين. وأخشى أن يبدأ الحديث عن إعادة الانتخابات مرة أخرى، في حال أفرزت الانتخابات الحالية المشهد السياسي نفسه".

وأثارت تصريحات شاهين ردود فعل شديدة من قبل المعارضة التركية، واتهم زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، شاهين بأنه يبتز الشعب بشكل مباشر. ولم يتأخر ردّ شاهين، الذي قال إن "العدالة والتنمية" لا يريد رؤية أي انتخابات لغاية عام 2019، قائلاً: "أستنكر تصريحات كلجدار أوغلو التي اتهمتني بابتزاز الشعب. إن ما كنت أريد أن أقوله هو أننا عشنا الانتخابات مرتين العام الماضي، وكذلك هذا العام. إن شعبنا لم يعد يريد الانتخابات. إنه يريد الرزق، وانطلاقاً من ذلك، فإن الصناديق يجب أن تفرز حكومة تكون قادرة على الحفاظ على استقرار تركيا لغاية 2019".

ويستبعد المراقبون أن يكون خيار التوجه إلى إعادة الانتخابات مرة ثالثة ممكناً، خصوصاً في ظل الاستقطاب الكبير الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي أكده زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، قائلاً إن "البلاد لم تعد تحتمل أي إعادة للانتخابات".

في غضون ذلك، عادت الانتقادات الموجهة للقنوات الحكومية التركية من مختلف أطراف المعارضة التركية حول تغطيتها للانتخابات، من ناحية إفرادها وقتاً أكبر لحزب "العدالة والتنمية" على حساب بقية الأحزاب.

واتهم دولت بهجلي القنوات الحكومية التركية بالتبعية للحكومة، قائلاً "نحن الآن في فترة انتخابات، ولا يوجد في تركيا سوى قنوات موالية لهذا الطرف أو ذاك، تعمل طوال اليوم على تغطية أنشطة حزب واحد، بينما تحاول التعتيم على ما عدا ذلك، ولكن توجد القنوات الرسمية التركية، وأنا أتابعها عن قرب، إنها مؤسسة عامة، وتقوم على ما ندفعه جميعاً من ضرائب، ولكن ما تقوم به هو التركيز على (العدالة والتنمية) واستقبال وزرائه ومرشحيه طوال النهار".

وأضاف: "لا يمكن فهم ذلك إلا بمعنى أن مرشحي (العدالة والتنمية) لا يمتلكون الشجاعة للتجول في صفوف الشعب أو دخول منازلهم، أو أن القنوات التركية الرسمية تخاف من المحاسبة في حال تغيير الحكم. لقد وصلت القنوات الرسمية التركية إلى الحال الذي لا يمكن القبول به".

من جهته، اتهم النائب عن حزب "الشعوب الديمقراطي"، إرسين أونغول، وعضو الهيئة العليا للإشراف على القنوات والإذاعات الرسمية التركية، القنوات بتخصيص 30 ساعة لحزب "العدالة والتنمية" خلال الـ 25 يوماً الأخيرة، في مقابل 5 ساعات لحزب "الشعب الجمهوري"، و70 دقيقة للحركة القومية، و18 دقيقة للشعوب الديمقراطي، بينما كانت حصة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، 29 ساعة.

اقرأ أيضاً: القضية الكردية تؤجج خلافات الأحزاب التركية قبل الانتخابات 

المساهمون