مشاهد يومية لمسلسل رعب الاحتلال من طيف عمليات فدائية

مشاهد يومية لمسلسل رعب الاحتلال من طيف عمليات فدائية

25 أكتوبر 2015
يشتبه الاحتلال بكل فلسطيني (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش المدن الفلسطينية في أراضي 1948 مشاهد يومية من الرعب، الذي يُترجَم هلعاً وارتباكاً إسرائيليا إزاء احتمال وجود فلسطينيين فدائيين، ينوون تنفيذ عملية ما. وشهدت الأيام الماضية مسلسلات من مطاردة بالسيارات، وأزمات سير خانقة بسبب إغلاق الطرق، وتوترات تحصل أثناء محاولات البحث عن فلسطينيين يخشى الاحتلال وجود نوايا لديهم بتنفيذ عمليات فدائية.

وأدّى كل ذلك، الأسبوع الماضي، إلى استدعاء أفراد من الشرطة من مناطق خارج تل أبيب، كما أُعطيت تعليمات للمراكز التجارية القريبة بإغلاق أبوابهابعدما أعلنت شرطة الاحتلال يوم الخميس ما قبل الماضي، حالة تأهب قصوى في تل أبيب وجارتها مستوطنة "جفعاتيم"، فأغلقت شوارع رئيسة في المنطقة، وشوارع سريعة تؤدي إليها، وارتفعت إلى سمائها طائرة مروحية. ولم تكد تمضي ساعة كاملة على تلك الإجراءات، حتى أفادت شرطة الاحتلال بأنّه "تمّ القبض على مشتبهين فلسطينيين"، وسط "ثناء" الإعلام الإسرائيلي على الجهوزية العالية والتحرك السريع لأجهزة الأمن. وقام الإعلام بتضمين تقاريره اقتباساتٍ من متحدثين باسم أجهزة الشرطة والاستخبارات حول التحذيرات الأمنية التي تصلهم، يشيرون فيها إلى أنهم "لا يستطيعون أخذ أي مخاطرة، ما يدفعهم بالتالي إلى التحرّك فوراً".

وفي حدث يعكس حجم الهوس الإسرائيلي بالأمن، عاد الإعلام ليُعلن بعد أقلّ من ست ساعات على خبر توقيف "المشتبهين الفلسطينيين"، أنه تمّ الإفراج عنهما، بعد "التأكد من أنهما لا يريدان تنفيذ عملية في تل أبيب". والفلسطينيان هما الكهربائي عمار العملة، ومساعده محمد هاشم حورشية من مدينة القدس المحتلة.

ويروي حورشية (18 عاماً) لـ"العربي الجديد"، أنه كان برفقة العملة، يعملان في تمديد الكهرباء في أحد البيوت في مستوطنة "جفعاتيم"، قبل أن يُفاجآ بقوات كبيرة من شرطة الاحتلال، تقوم بتطويق المنطقة والاعتداء عليه وعلى العملة بالضرب المبرّح بأياديهم وبواسطة الأسلحة التي يحملونها.

اقرأ أيضاً: محمد برقان... أفقده رصاص الاحتلال عينه ومهدّد بالسجن

ويضيف حورشية بأنه "تعرّض للتحقيق من قبل أفراد الاستخبارات الإسرائيلية في موقع العمل لمدة تصل إلى ساعتين". ويشير إلى أن المحققين قالوا له إنهم "كانوا يبحثون عنه منذ ساعات الصباح الباكر، بعد أن وصلتهم إخبارية أنه يريد تنفيذ عملية".

بعد ذلك، تمّ اقتياد حورشية والعملة إلى مركز التحقيق، ليستمر احتجازهما والتحقيق معهما حوالي 6 ساعات، أعلمتهم الاستخبارات في نهايتها، بأنهما يستطيعان العودة إلى بيتيهما، وأن "خطأ" ما قد حصل. ويتحدث حورشية عن التهديدات والضغوطات التي يعمل في إطارها المحققون الإسرائيليون، في محاولة لإخضاع الفلسطيني المُعتقل وإخافته وإجباره على الاعتراف بشيء لم يقم به. ويكشف أن "أحد المحققين كان يهددني بأنه يمكنه قتلي، في حال لم أوافق على كلامه. كان يحاول إلزامي بالاعتراف، فيقول مثلاً معلومة معيّنة ويضغط عليّ للموافقة عليها والقول بأنها صحيحة".

وحين أنكر حورشية التهم التي وجّهها له المحققون، مصرّاً على ذلك، قال له أحد المحققين في محاولة لممارسة المزيد من الضغط عليه، إنه "على الأقلّ ربما أنت فكرت، لمجرد التفكير بأن تقوم بتنفيذ عملية، لأن من لا يفكر بذلك لديكم أنتم الفلسطينيين، تقولون إنه عميل".

وفي هذه الأثناء كان يتم التحقيق مع العملة، وسؤاله عن توجهات حورشية وآرائه السياسية. وبعدما انتهى التحقيق وسط إصرار العملة وحورشية على رفض التهم، أخبرهما أحد الضباط الإسرائيليين بأنه "تم التأكد من هويتهما"، وأنه يمكنهما المغادرة لأنه "قد زال الاشتباه بهما".

ومع تلويح حورشية برغبته في تقديم شكوى ضدّ أفراد الشرطة، بعد ضربه والاعتداء عليه واحتجازه، ردّ عليه أحد الضباط في محاولة لتخويفه، قائلاً إنه "إذا قدمت شكوى ضدنا فكأنك قدمتها ضدّ رئيس الدولة... لن ينظروا بها". ويلفت حورشية إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها للملاحقة من قبل شرطة الاحتلال"، إذ كان يقوم بعمله في مجال الكهرباء قبل أسبوعين داخل مستشفى "هداسا عين كارم" في القدس المحتلة، فأوقفه جنديان إسرائيليان، وهدداه بأنهما سيعملان على طرده من عمله لو رأوه مرة أخرى في نفس المكان.

وفي الآونة الأخيرة ومع تأهب وانتشار قوات الاحتلال في مختلف الأماكن، يتعرّض الكثير من الشبان والعمال الفلسطينيين الذين يتوجهون لسوق العمل الإسرائيلي، إلى مضايقات وملاحقات واعتقالات، يكون أساسها "الاشتباه" من دون أي دليل. الأمر الذي يعكس نوعاً من الارتباك والهوس الأمني لدى سلطات الاحتلال. ويتحوّل وجود العمال العادي والمعروف مسبقاً، في مواقع عمل أو ورشات بناء، إلى موضع اشتباه لمجرد ملامحهم العربية.

وأدى الهوس الأمني الإسرائيلي إلى "تخيّل وجود مشتبهين"، كما حصل الأسبوع الماضي، في القطار الإسرائيلي في حيفا، بعد اشتباه جنديتين إسرائيليتين بوجود فلسطيني يحمل سكيناً، وصرختا: "مخرّب"، ليطلق أحد جنود الاحتلال النار في الهواء، ثم يتبيّن بعدها أن لا وجود لأي شخص فلسطيني على متن القطار.

وباتت وسائل الإعلام العبرية تعيش في ظلال حالات ارتباك، إذ إنه وبمجرد وقوع حدثٍ ما، تسارع وسائل الإعلام إلى القول بأن هناك "أخبارا عن عملية طعن" أو "العثور على مخرّب"، قبل أن يتبيّن بعدها أن الأخبار غير صحيحة، أو أن الحدث جنائي إسرائيلي داخلي.
وعادة ما تُستغلّ هذه الأحداث، التي يتبين أنها مبنيّة على إخباريات غير دقيقة، وتُوظّف لمصلحة تلميع ومدح أجهزة الأمن الإسرائيلي أمام المجتمع الإسرائيلي، وللإشارة إلى أن هذه الأحداث، حتى وإن لم تكن حقيقية، تُعدّ، وفق مزاعم الاحتلال، بمثابة "دليل على انتباه واستعداد أجهزة الأمن للتصدي لأي هجوم". وذلك لمنح "المزيد من الشّعور بالأمن لدى المستوطنين". الشّعور الذي فقدوه كثيراً في الشهر الأخير.

اقرأ أيضاً: اليمين الإسرائيلي يعيد طرح قانون "القومية اليهودية"

المساهمون