الصحف البريطانية: روسيا لا تستهدف "داعش"

الصحف البريطانية: روسيا لا تستهدف "داعش"

03 أكتوبر 2015
تصرّفات بوتين يمكن أن تؤجج العداء لروسيا (فرانس برس)
+ الخط -
كما هو لسان حال صنّاع القرار والسياسات، كذلك هو حال أقلام صنّاع الرأي العام في الإعلام البريطاني، فالجميع مشغولون في قراءة تطورات الساعات الأخيرة على ساحة الأزمة السورية، ومحاولة فهم دوافع وتداعيات التدخل الروسي ـ الإيراني العسكري المباشر والمكثف في الميدان.

وقد أجمع المحررون المتخصصون في الشؤون السياسية والدبلوماسية وكتّاب الافتتاحيات في الصحف البريطانية الرئيسية، يوم الخميس، على أن "الهدف الحقيقي للحملة الروسية ليس القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحسب، وإنما تدمير كل الفصائل المسلحة المعارضة. وهو ما أكدته طليعة الغارات الجوية التي نفذتها المقاتلات الروسية، وذلك لتعزيز موقف النظام السوري وجيشه، لا سيما بعد الخسائر الأخيرة التي لحقت به في إدلب وجسر الشغور".

وفي تفاصيل أوسع، ترى افتتاحية صحيفة "الغارديان"، أن "دوافع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) لا تنحصر في حدود إنقاذ حليفه السوري (الرئيس بشار الأسد)، إذ إن دوافع بوتين متعددة وتشمل صرف أنظار العالم عما يجري في أوكرانيا، وفك العزلة الدولية عنه، وإظهار روسيا كقوة عظمى، تفعل ما عجزت الولايات المتحدة عن فعله، بالإضافة إلى السعي لرفع شعبيته الداخلية، وإبداء قلقه المُعلن من عودة الجهاديين الذين التحقوا بداعش إلى روسيا". وتُضيف "الغارديان" أن "بوتين يسعى إلى ضمان مصالح روسيا الاستراتيجية، المتمثلة في تثبيت قواعد عسكرية بحرية في البحر المتوسط، ومناكفة النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط".

وفي قراءة للموقف البريطاني، يرى المحرر السياسي في "الغارديان" باتريك وينتور، أن "مهمة رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في الحصول على موافقة مجلس العموم للسماح لسلاح الجو بتوجيه ضربات في سورية، صارت أصعب بعد التدخل الروسي".

اقرأ أيضاً: غطاء روسي للاجتياح: أنباء عن هجوم إيراني سوري شمالاً 

ويُرجّح الكاتب أن "يُرجئ كاميرون عرض الطلب على مجلس النواب، بسبب المستجدات على الساحة السورية، وبسبب عدم ضمان تأييد حزب العمال المعارض، لا سيما بعد أن أصرّ زعيم الحزب الجديد، جيريمي كوربن، خلال مؤتمر للحزب، قبل أيام، على أن أي تدخل بريطاني في سورية، لا بدّ أن يكون مُغطى بقرار من الأمم المتحدة".

وعلى الرغم من الانتقادات السابقة لكتّاب الرأي في الصحف البريطانية لسياسات الغرب، منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، إلا أن الكاتب في صحيفة "الغارديان" جوليان بورجر، يشكك في إمكانيات نجاح الحملة الروسية.
ويرى بورجر أن "التجارب السابقة أثبتت أن إرسال معدات وقوات إلى قلب بلد يشهد حرباً أهلية، من أجل دعم نظام قمعي، غالباً ما ينتهي بكارثة، ولن يكون التدخل الروسي في سورية استثناءً".

ويلفت بورجر إلى أن "النتائج السلبية لن ترتدّ على موسكو وحسب، بل ستترك خاسرين كثيرين. وفي ظل غياب حلول دبلوماسية تؤدي إلى انتقال سياسي حقيقي في سورية، فمن المرجح أن يؤدي هذا التدخل إلى تأجيج الصراع وجرّ المزيد من القوى الإقليمية الى أتون المواجهة العسكرية".

ويرى في المقابل أن "الرابح الوحيد سيكون تنظيم داعش، والذي سيستغلّ التدخل الروسي لتجنيد المزيد من المقاتلين في المواجهة التي باركتها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ووصفتها بالحرب المقدسة". ويعتبر الكاتب أن "كل يوم من عمر التواجد الروسي على الأراضي السورية، سيعني تراكم المزيد من المخاطر والنتائج غير المحسوبة بالنسبة لموسكو، لأن القوات الروسية ستكون هدفاً تُجمع عليه كل الفصائل الجهادية المتنافسة في سورية. حتى لو فشلت هذه التنظيمات في توجيه ضربات رمزية للقوات الروسية في اللاذقية وطرطوس، فمن المُرجح أن تتجه إلى تنفيذ عمليات انتقامية داخل الأراضي الروسية".

ويُقدّر بورجر أن "القوى الإقليمية الأخرى لن تقف مكتوفة الأيادي تجاه التدخل الروسي، مما سيزيد الأوضاع في سورية تعقيداً، ويساهم في تصعيد حدة الصراع، لا سيما أن تصرّفات بوتين غير المحسوبة، يمكن أن تؤجج العداء لروسيا".

من جهتها، انتقدت افتتاحية صحيفة "الإندبندنت" الموقف الغربي من الأزمة السورية، واعتبرت أن "فيه خيانة لسورية". وترى الصحيفة أن "روسيا تحركت لملء الفراغ الذي تركه الغرب المرُهق، والذي وجد نفسه أمام خيارات محدودة"، على حد تعبير المحرر الدبلوماسي للصحيفة، كيم سينغيوبتا. وهو ما اتفقت معه افتتاحية "ديلي تلغراف"، والتي تعتبر أن "العالم سيبقى رهينة السلوك الروسي بسبب تردد الغرب وعجزه، وبسبب سياسات رئيس أميركي، قرر التخلي عن الشرق الأوسط".

ومع أن بعض المقالات توقعت فشل حملة بوتين، والذي جرّ روسيا إلى مأزق تجنبته الدول الغربية طيلة أربع سنوات، وتوقعت بسرعان هرولته للبحث عن مخرج، إلا أن أكثر الصحف البريطانية رأت أن التدخل الروسي، المتزامن مع زيادة للتواجد العسكري الإيراني، هي تطورات لن تساعد على حل الأزمة السورية، بل تؤدي إلى تراجع فرص الحلّ الدبلوماسي إلى درجة التلاشي، مما يُنذر بالمزيد من الفوضى، ومن مصلحة الجميع احتواء الوضع بأسرع وقت ممكن"، وفقاً لـ"ديلي تلغراف".

اقرأ أيضاً رمضان قديروف: مستعدون لقتال "داعش" بأمر من بوتين

المساهمون