"داعش" يخدم النظام السوري شمال حلب... والمعارضة تردّ بالساحل

"داعش" يخدم النظام السوري شمال حلب... والمعارضة تردّ بالساحل

13 أكتوبر 2015
تخوض المعارضة معركة الدفاع عن مناطقها بريف حماة الشمالي(الأناضول)
+ الخط -

بات من الواضح بعد مرور نحو 12 يوماً على التدخّل الروسي في سورية، أنه لم ينجح في دفع المعارضة السورية للانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها والمستهدفة من الطيران الروسي، وهو ما ظهر بسيطرة المعارضة على بلدة دورين، مما يفتح الباب أمامها لمواصلة التقدّم على حساب النظام في الساحل. في المقابل، لا يزال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يُقدّم الخدمات للنظام بتسليمه مناطق في شمال حلب، كان قد أجبر قوات المعارضة على الانسحاب منها.

وجاء انسحاب "داعش" من سجن الأحداث والمنطقة الحرة شمال حلب لمصلحة قوات النظام، في الوقت الذي تواصل فيه قوات المعارضة تصديها لقوات النظام التي حققت تقدّماً طفيفاً على جبهات القتال في ريف حماة الشمالي، لكن المعارضة في جبال اللاذقية غرباً حقّقت مفاجأة كبيرة بدخولها بلدة دورين الاستراتيجية والتي سيطرت عليها قوات النظام منذ نحو ستة أشهر، لتضع قوات المعارضة هناك في وضع صعب، خصوصاً بعد هجومها على قرية كفردلبة المطلة على طرقات تؤدي لبلدة سلمى.

وأكد الناشط الإعلامي الميداني، ماجد عبد النور، خبر انسحاب "داعش" من المنطقة الحرة وسجن الأحداث شمال حلب لمصلحة قوات النظام، مشيراً إلى أن هذا الانسحاب جاء بعد يومين فقط من سيطرة التنظيم على هاتين النقطتين الاستراتيجيتين بعد عملية التفاف أجبر من خلالها التنظيم قوات المعارضة على الانسحاب منهما.

ويُعدّ هذا التقدّم المجاني لقوات النظام شمال حلب، والذي حصل عليه إثر انسحاب "داعش" من المنطقة، مكسباً كبيراً لقوات النظام في المنطقة التي تحشد قواتها هناك بهدف مواصلة تقدّمها نحو بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، المواليتين للنظام والمحاصرتين من قوات المعارضة. كما أن قوات النظام تسعى في الوقت نفسه إلى فصل مناطق سيطرة قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي عن مناطق سيطرتها في مدينة حلب، وهو هدف تتقاطع فيه مصالح قوات النظام مع تنظيم "داعش" في المنطقة.

ولا تتوفر معلومات مؤكدة من مصادر موثوقة عن تنسيق مباشر بين قوات النظام وقوات "داعش" في المنطقة، إلا أن المعطيات الميدانية، في الأيام الأخيرة، تشير إلى خدمة كل منهما للآخر في سبيل تقدّم الطرفين على حساب المعارضة المسلحة، التي باتت، في الأيام الأخيرة، في موقف لا تُحسد عليه في ريف حلب الشمالي، بعد تقدّم "داعش" الأخير وحشود النظام الكبيرة التي تنتظر ساعة الصفر للانقضاض على قوات المعارضة التي سيتوجب عليها حينها خوض معركة واحدة ضد النظام "داعش" في آن معاً.

وتخوض قوات المعارضة، أيضاً، معركة الدفاع عن مناطق سيطرتها في ريف حماة الشمالي، وتواصل تصديها لقوات النظام في محاور تقدّمها الثلاثة. فبعد أن استعادت المعارضة السيطرة على بلدة عطشان في ريف حماة الشمالي الشرقي، عاودت قوات النظام محاولات التسلل إليها لتتمكن قوات المعارضة من تدمير آليتين اثنتين لقوات النظام في محيط البلدة ظهر أمس الاثنين.

اقرأ أيضاً: سورية: إخفاق حملة ريف حماة يفتح جبهة اللاذقية

ويجري ذلك، في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات بين قوات المعارضة التي تتمركز على تل ترعي جنوب مدينة خان شيخون، وقوات النظام التي تتمركز في محيط تل سكيك الذي سيطرت عليه، أخيراً، على الحدود الإدارية التي تفصل بين محافظتي حماة وإدلب. وتحشد قوات المعارضة المزيد من قواتها في المنطقة لتتصدى لقوات النظام التي دفعت بأرتال كبيرة إلى المنطقة بالتزامن مع تواصل قصف الطيران الروسي الحربي على أماكن تمركز قوات المعارضة في المنطقة، وخصوصاً في بلدة التمانعة الواقعة إلى الشرق من مدينة خان شيخون.

لكن هجوم قوات النظام الأعنف والأقوى كان على بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي، والتي تسيطر عليها قوات المعارضة. إذ أكد الناشط مروان الإدلبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قوات المعارضة تمكّنت من أسر عدد من مقاتلي قوات النظام بعد تسلّلهم إلى الحي الجنوبي من بلدة كفرنبودة التي باتت تشهد، منذ عصر أمس الاثنين، حرب شوارع بين قوات النظام والمعارضة التي تمكنت من تدمير أربع دبابات ومدرعة ناقلة للجند من طراز "بي أم بي" بصواريخ مضادة للدروع من نوع "تاو" أميركية الصنع في محيط كفرنبودة.

وأشار الإدلبي إلى أن الطيران الروسي يستخدم في دعم قوات النظام السوري في هجومها على البلدة، استراتيجية الأراضي المحروقة، إذ شنت الطائرات الروسية أكثر من ستين غارة جوية على بلدة كفرنبودة ومحيطها، لكن ذلك لم يدفع قوات المعارضة إلى الانسحاب منها.

لكن التطور الأبرز الذي ميّز المشهد الميداني شمال سورية، يوم أمس، كان قيام قوات المعارضة المسلحة المتمركزة في منطقة جبل الأكراد في ريف مدينة اللاذقية الشمالي بعملية هجوم مباغت، أفضت إلى سيطرتها على بلدة دورين الاستراتيجية التي تطل على بلدة سلمى الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، والتي حاولت قوات النظام التقدّم نحوها من محور كفردلبة في الأيام الخمسة الأخيرة من دون أن تنجح بسبب مقاومة قوات المعارضة العنيفة.

وتمكّنت المعارضة من السيطرة على دورين إثر هجوم استمر ساعات قليلة، وتخلّله اشتباكات مع قوات النظام والمليشيات المحلية الموالية له، والتي كانت تتمركز في دورين، قبل أن تنسحب قوات النظام والمليشيات من البلدة لتبسط قوات المعارضة السيطرة عليها بالكامل. وأحرزت بذلك تقدّماً غير متوقع في جبهة الساحل السوري، خصوصاً مع تواصل الغارات الروسية على مواقع قوات المعارضة في المنطقة في الأيام الأخيرة.

وحول سبب سيطرة قوات المعارضة المفاجئ والسريع على بلدة دورين الاستراتيجية، أوضح القائد الميداني في المعارضة السورية في الساحل السوري، فادي حمدو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عناصر قوات المعارضة الذين استعادوا السيطرة على دورين بعد ستة أشهر كاملة من سيطرة النظام عليها، هم من أبناء المنطقة التي تتميز بتضاريسها الجبلية ووعورة طرقاتها، الأمر الذي مكّنهم من التفوق على عناصر قوات النظام الذين يعودون إلى مناطق سورية مختلفة، ومنهم من هو غير سوري أصلاً، خصوصاً عناصر حزب الله اللبناني الذين يتواجدون في المنطقة.

وستفتح سيطرة قوات المعارضة على بلدة دورين في حال استمرت، الباب واسعاً لقوات المعارضة لتحقيق مزيد من التقدم على حساب قوات النظام في الساحل السوري، الأمر الذي سيشكّل ضربة قاصمة لمشروع النظام الرامي إلى تأمين مناطق الساحل السوري بدعم جوي روسي.

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تتصدى للنظام بحماة وتستعيد بلدة استراتيجية بالساحل