غطاء روسي للاجتياح: أنباء عن هجوم إيراني سوري شمالاً

غطاء روسي للاجتياح: أنباء عن هجوم إيراني سوري شمالاً

02 أكتوبر 2015
كرر لافروف ادعاءات بلده في نيويورك أمس(دومينيك روتر/فرانس برس)
+ الخط -
بدت أجواء اليوم الثاني من الاجتياح الروسي للأجواء السورية، بمثابة غطاء -علمت "العربي الجديد" أن المقاتلات الصينية في طريقها للمشاركة فيه - لتأمين اجتياح بري وشيك لقوات إيرانية وسورية وأخرى حليفة لها من حزب الله، لمناطق سيطرة المعارضة السورية المسلحة في شمال البلاد. كلام أوردته وكالة "رويترز" ولم ينفه حزب الله الذي ردّ، ممثلاً بمسؤول رفيع المستوى فيه، على استفسار "العربي الجديد" بالقول: لا نعلّق على الخبر.

لكن المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد علق بالفعل على الخبر، وأبلغ "العربي الجديد" أن هناك معلومات لدى فصائل المعارضة المسلحة عن "التحضير لهجوم بري واسع على شمال سورية من قبل جيش النظام مدعوما بميلشيا حزب الله وقوات إيرانية بالتزامن مع الضربات الجوية الروسية"، التي توقع أبو زيد أن تزداد وتيرتها في الأيام القليلة المقبلة. وكشف أبو زيد عن اجتماع عسكري لفصائل المعارضة المسلحة، على مستوى رفيع داخل الأراضي السورية لبحث التطورات الميدانية المترافقة مع الضربات الجوية الروسية، متوقعاً أن يشهد الوضع الميداني السوري "تطورات كبيرة قريباً". كل ذلك يبقى رهن ردة فعل الدول الحاضنة للمعارضة السورية المسلحة التي لن يكون سهلاً معرفة رد فعلها في ظل ما يبدو أنه تفرد روسي بالملف السوري في ظل صمت عالمي.

وأشار أبو زيد إلى أن التوجه نحو الشمال السوري كان واضحاً منذ بدء تمركز القوات الروسية في مطار حميميم العسكري من أجل تثبيت خط الدفاع في سهل الغاب ومنع جيش الفتح من التقدم نحو الساحل تمهيداً للتقدم باتجاه مناطق المعارضة شمالي سورية، بدليل "تركيز العمليات العسكرية في محافظة إدلب الخالية من داعش".


وشهد الادّعاء الروسي حيال أهداف الغارات في سورية، تحولاً لا حرج فيه إزاء الاعتراف بأن الغارات تستهدف "قائمة من جماعات أخرى" غير "داعش"، علماً أن موسكو تعتبر معظم معارضي النظام بمثابة "جماعات إرهابية". كلام ورد على لسان المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، تبعه قائد فصيل سوري معارض جزم بأن إحدى الغارات الروسية استهدفت معسكر تدريب لمقاتلين دربتهم الاستخبارات الأميركية، في إشارة فهمها بعضهم على أنها تكرّس الأحادية الروسية التي تتصرف موسكو بموجبها في الملف السوري، وربما العراقي في إطار ما بات يعرف بـ"غرفة بغداد"، بعدما أعلنت القيادة الروسية أنها ستنظر في أي طلب عراقي بتولي روسيا محاربة تنظيم "داعش" من خلال غارات جوية.

أكثر من ذلك، أعلنت موسكو، أمس الخميس، رسمياً، رفضها الانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بشكله الحالي لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية". ويرى كثيرون أنه مقدمة روسية للمجاهرة بالهدف الحقيقي للحملة، أي تأمين غطاء جوي ضروري لزحف تحدثت عنه وكالة "رويترز" لـ"مئات من القوات الإيرانيّة البريّة التي وصلت إلى سورية منذ حوالى عشرة أيام للمشاركة في عملية برية في الشمال السوري"، كاشفةً أنّ حزب الله يستعد للمشاركة في هذه العملية.

اقرأ أيضاً: روسيا توفر الغطاء لهجوم بري للنظام وحلفائه بالشمال السوري

وأوضحت المصادر أنّ "العملية البريّة التي سيقوم بها الجيش السوري وحلفاؤه ستواكبها غارات يشنها الطيران الروسي". وأشار أحد المصادر للوكالة نفسها إلى أنّ "العمليات الجوية الروسية في المستقبل القريب سوف تترافق مع تقدم للجيش السوري وحلفائه براً في القريب العاجل"، وهو ما توقع مسؤول سوري من النظام أن يكون له "الأثر الكبير في سير المعارك على الأرض".

وفي السياق، بدأت فصائل المعارضة السورية المسلحة في محافظتي درعا والقنيطرة وريفهما جنوبي سورية، باتخاذ تدابير أمنية جديدة، خشية أن تكون مقرّاتها ضمن خارطة أهداف الطائرات الروسية. وشملت التدابير تغيير المقرات المعروفة للفصائل، ونقل مستودعات الأسلحة والذخيرة إلى مواقع مجهولة في مناطق سهلية، خشية استهدافها من قبل الطائرات الروسية. وأوضح القيادي العسكري في حركة أحرار الشام "أبو المغيرة"، في تصريحات أدلى بها لوكالة "الأناضول"، أن معظم الفصائل المعارضة التي تُسيطر على مناطق واسعة في الجنوب السوري، هي عُرضة للاستهداف الروسي، وذلك بعد أن ثبت استهداف طائراتها لمواقع فصائل معارضة، في محافظات حمص وحماة وإدلب.


وكشف أبو المغيرة، أن "حركة أحرار الشام اتخذت بعض التدابير لحماية قياداتها ومستودعات أسلحتها، عبرَ نقلهم إلى مناطق أكثرَ أمناً، وغير معروفة". ربما من هنا يمكن فهم الحماسة الإيرانية في ترحيبها السريع و"الكامل" بالغارات الروسية، بالتزامن مع إعلان واشنطن، أن غرفة العمليات المشتركة لاجتماعات التنسيق حول الغارات في سورية، بدأت أمس الخميس بالفعل.

أمّا خيارات فصائل المعارضة المسلحة، فيبدو أنّها ذاهبة باتجاه التوحّد في مواجهة هذا التدخل، في ظروف يتفق العديد من المراقبين أنها تشكل حالة نموذجية لتنظيمات من نوع "داعش" يملك السلاح الكثير والتعبئة الهائلة والإمكانات الكبيرة التي يمكن أن تدفع بعدد من المقاتلين الراغبين بالقتال ضد القوى الأجنبية "المحتلّة"، إلى الانضمام إلى الطرف الأقوى والأكثر تنظيماً، على شاكلة "داعش". وعلى الرغم من عدم امتلاك الفصائل العدّة اللازمة لمواجهة الطيران الروسي ولا قوات برية إيرانية أو من حزب الله، إلّا أنّ أي تدخل عسكري بري من شأنه أن يورط الطرف الذي يقدم عليه.

يعتبر أمين سر الهيئة السياسية لـ"الائتلاف السوري المعارض"، أنس العبدة، أنّ "العدوان العسكري الروسي إلى جانب الاحتلال الإيراني، حوّل الثورة السورية من مرحلة الكفاح ضد نظام مستبد، إلى مرحلة تحرّر وطني ضد احتلال روسي إيراني مزدوج". ويضيف العبدة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قوى الثورة السورية ستعيد النظر في قواعد التعامل بعد العدوان الروسي المباشر"، موضحاً أنّ "الهيئة السياسية التقت اليوم الخميس (أمس) مع وفد من الفصائل العسكرية بهدف التحضير لخطوات مشتركة من شأنها مواجهة التطورات الراهنة، إضافة إلى إجراءات أخرى، منها التواصل مع الدول الإقليمية والدولية ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ العملية السياسية".

ويؤكّد أبو زيد "استمرار المواجهة، مع وصول أول جندي أجنبي إلى الأراضي السورية، فخياراتنا العسكرية هي المقاومة، مبيّناً أنّ "موقفاً يصدر عن المعارضة السياسية والعسكرية، خلال الأيام القليلة المقبلة، يُجمع كل الفصائل والائتلاف، من خلاله، أنّ لديهم الكثير من النقاط لما يجري في سورية والتدخل الأجنبي"، مؤكداً، أنّهم لن يطلبوا مساعدة أحد، "فالواجب بات معروفاً".

اقرأ أيضاً: هل يختطف بوتين من أوباما الحرب على "داعش"

المساهمون