درعا: حرب اقصاء للسيطرة على الشيخ مسكين

درعا: حرب اقصاء للسيطرة على الشيخ مسكين

07 نوفمبر 2014
تُعدّ الشيخ مسكين طريق إمداد لقوات النظام المحاصرة(فرانس برس)
+ الخط -

تعد جبهات المواجهة بين قوات المعارضة والنظام السوري في حوران، جنوبي سورية، أكثر الجبهات تحرّكاً وفق معادلة تميل بشكل عام لصالح قوات المعارضة، التي تمكّنت خلال الأشهر الأخيرة من انتزاع العديد من المواقع من أيدي قوات النظام. وباتت الأخيرة شبه غائبة عن مجمل القطاع الغربي للمحافظة وصولاً إلى محافظة القنيطرة وريف دمشق الجنوبي الغربي، شمالاً.
وتدور رحى أحدث معارك المنطقة الجنوبيّة في مدينة الشيخ مسكين، الواقعة قرب طريق دمشق عمان الدولي في ريف درعا الغربي، حيث أطلقت كتائب المعارضة معركة "أدخلوا عليهم الباب"، للسيطرة على كامل المدينة، التي تتقاسم السيطرة عليها مع قوات النظام.

وتمكّن مقاتلو المعارضة من السيطرة على تلّة حمد وحاجز الناحية، وجزء من الحي الشرقي في مدينة الشيخ مسكين، يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن شنّوا هجوماً خاطفاً على مواقع قوات النظام في المدينة، وهو ما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 20 جندياً وإصابة آخرين، وفق الهيئة العامة للثورة السوريّة.
وكانت الفصائل المقاتلة، سيطرت الثلاثاء على مواقع عدّة داخل مدينة الشيخ مسكين، ومنها مبنى الدكتور غسان الصفدي، الذي حوّلته قوات النظام إلى ثكنة عسكريّة، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام وأطلقت سراح المدنيين المحتجزين فيه. وذكرت مصادر إعلامية في درعا، أنّ الفصائل المقاتلة أحكمت سيطرتها على حاجز الدوار، عقب انسحاب عناصره نحو المساكن العسكريّة تحت ضربات مقاتلي المعارضة.

من جانبه، شنّ الطيران الحربي والمروحي أكثر من 25 غارة جويّة على مدينة الشيخ مسكين، بعد خسائر تلقّتها قوات النظام في المدينة. كما قصف طيران النظام مدينة الطيبة، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، وكذلك مدينة إبطع، حيث أدّت الغارات الجويّة إلى مقتل مدنيّين اثنين، فيما نتج عن هجمات الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على بلدة أم المياذن سقوط جرحى.
وكان الفيلق الأول و"ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮحّدة"، والتي تضم كلاً من حركة "المثنى الإسلاميّة" وجبهة "ثوار سورية" و"جبهة النصرة" و"فرقة الحمزة"، و"ألوية شهداء دمشق"، وﻟواء "برق الإسلام"، ولواء "حمص الوليد" ولواء "أهل العزم"، أطلقت يوم الاثنين الماضي، معركة "أدخلوا عليهم الباب"، وذلك بعد أن عمدت قوات النظام، منذ مطلع الشهر الحالي، إلى شنّ حملة عسكريّة واسعة في مدينة الشيخ مسكين.
ويهدف النظام من خلال معركته هذه إلى السيطرة الكاملة على أحياء المدينة، وإخراج فصائل الجيش الحر منها، إضافة إلى قطع طريق امداد الجيش الحر، على خلفيّة الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات النظام خلال الفترة الماضية في القطاعات الغربيّة والجنوبيّة في محافظة درعا، ما دفعها لمحاولة تعزيز موقفها العسكري في القطاع الأوسط.
ولم تتأخّر كتائب المعارضة في المدينة عن تلبية نداء "الفزعة"، الذي استجابت له فصائل المعارضة خارج المدينة، موضحة أنّ "هدفها هو القضاء على تجمّعات النظام الأسدي ومرتزقته الموجودين في الشيخ مسكين".

وتشكّل حواجز النظام المنتشرة داخل المدينة، هدفاً مباشراً للمعركة، وهي تتوزّع على أكثر من عشر مناطق، مثل الدوار، والجسر الواقع غرب الدوار، والوحدة الإرشاديّة، ومديريّة الناحية، وفندق الساحر الواقع على طريق نوى وحاجز الكتيبة 71 مشاة، وحاجز المساكن العسكرية، وحاجز الكهرباء وحاجز اللواء 82.
ويوضح مصدر في "الجيش الحر"، أنّ النظام أرسل تعزيزات عسكريّة لقواته إلى الشيخ مسكين، قبل يوم من بدء الحملة، بينها ثلاث دبابات تقدمت من طريق إزرع الواصل إلى الشيخ مسكين، وثلاث أخرى تمركزت في موقع الدوار، بينما تمّ تعزيز حاجز الناحية بدبابتين إضافيتين.
وتخلّل الحملة العسكريّة ضد المدينة، سقوط العديد من المدنيين، منهم أشخاص عدّة، أعدموا مطلع الأسبوع، برصاص جنود النظام والميليشيات الطائفيّة التي تقاتل معهم. كما سقط أربعة آخرون، من جراء القصف وقتلت امرأة برصاص قناص. كما قتل يوم الاثنين الماضي، مراسل "الهيئة السورية للإعلام" في الشيخ مسكين، عماد أبو عقيل حوران، وقال ناشطون إن قوات النظام خطفت جثته واحرقتها.
وكان عماد، في تسجيل مصور، بثّه على موقع "يوتيوب"، قد طالب مختلف فصائل الجيش الحرّ بالتدخل السريع لنجدة المدينة المحاصرة ومساعدة مقاتلي المعارضة فيها.
وتعتبر مدينة الشيخ مسكين، رابع أكبر مدن حوران، لناحية عدد سكانها بعد مدن درعا ونوى والصنمين، وهي عقدة مواصلات هامة تربط محافظات المنطقة الجنوبية (درعا، ودمشق، والسويداء والقنيطرة). كما تشكّل نقطة الوصل بين مدن نوى وازرع وابطع وداعل والصنمين.

وتُعد المدينة ذات أهمية استراتيجيّة بالنسبة إلى الجيش الحر، الذي يعتبر السيطرة عليها بداية إنهاء سلطة النظام في القطاع الأوسط. كما تُعتبر نقطة ارتكاز رئيسة لقوات النظام في المنطقة، نظراً لما يتفرّع عنها من طرق إمداد لقواته المحاصرة في نوى وباقي جيوبه العسكرية في المنطقة الغربيّة، فضلاً عن كونها خط الدفاع الأخير عن الصنمين من جهة الجنوب، الأمر الذي دفع النظام إلى المواظبة على تعزيز الشيخ مسكين بقوات إضافيّة كونه يدرك أنّها ستكون الهدف اللاحق للجيش الحر.

في غضون ذلك، يسيطر الجمود على الموقف في أقصى الجنوب، بعدما تمكّنت قوات المعارضة خلال الأيام الماضية من إنهاء وجود النظام على الطريق الدوليّة، المؤدية إلى معبر نصيب على الحدود الأردنيّة، بعد سيطرتها على حاجز أم المياذن وحواجز أخرى كانت وظيفتها الدفاع عن المعبر.
وفي حين تؤكّد مصادر "الجيش الحر"، أنّ السيطرة على المعبر لا تحتاج أكثر من يومين، إذا اتخذ القرار بذلك، لأن قوات النظام باتت معزولة، ومن السهل حصارها وقطع الإمدادات عنها، يشكك البعض بأنّ التوقف المفاجئ للمعركة بعد خمسة أيام من اندلاعها، قد يكون مرتبطاً بضوء أحمر أردني، منع قوات المعارضة من مواصلة مهمّتها باتجاه السيطرة على المعبر.
وفي موازاة إذاعة بيان وقّعه جيش اليرموك وأهالي بلدة نصيب، رفضاً لاستكمال العمليات العسكريّة، حذّر المعارضة من التقدّم باتجاه المعبر، أكد لواء "درع أهل السنة"، في بيان معاكس بعد ساعات، مواصلة العمل بهدف السيطرة على المعبر.
والمعروف أن تجارة الترانزيت الأردنيّة ترتبط بمعبر نصيب بشكل كبير، وهو المعبر الوحيد المتبقي للنظام السوري على حدوده البريّة، إضافة إلى منافذه على الحدود اللبنانية. ويُعدّ المعبر حلقة الوصل الوحيدة بين الموانئ اللبنانيّة والسوريّة من جهة، والأردن ودول الخليج العربية من جهة أخرى. ويعني توقّف المعبر، توقّف طرق النقل البريّة باتجاه دول الخليج، وتوقّف قطاع النقل البري الخارجي اللبناني عن العمل.
ولا يستبعد مصدر في "الجيش الحر"، مفاوضات تجري في هذه الأثناء، تحت الطاولة، من أجل التوصّل إلى تسوية حول كيفيّة مواصلة المعبر عمله، في حال وقع تحت سيطرة قوات المعارضة.