معركة ترامب مع القضاء و"أف بي آي"

معركة ترامب مع القضاء و"أف بي آي": أدلّة وزارة العدل تهدد الرئيس السابق

02 سبتمبر 2022
ترامب في نيويورك، في 10 أغسطس الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

دخل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في معركة قضائية مع وزارة العدل، على خلفية مصادرة وثائق سريّة، مخزّنة في منزله في مارآلاغو ـ فلوريدا في 8 أغسطس/آب الماضي، لكنه أيضاً يواجه معركة من نوع آخر مع مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي".

وشكّلت هجمات فردية لأنصار ترامب في مرحلة ما بعد مداهمة مارآلاغو لمقرّات عدة لـ"أف بي آي"، تصعيداً جديداً بين الجمهوريين والمكتب، وسط تزايد النقاش حول أدوار "أف بي آي" والحاجة إليها كأبرز جهاز استخباراتي في الداخل الأميركي.

طلب تعيين "مشرف قضائي"

وبعد المداهمة ومصادرة "أف بي آي" عدداً كبيراً من الوثائق، بإذن قضائي من وزارة العدل، طلب فريق ترامب القانوني تعيين "مشرف قضائي" في القضية. والمشرف القضائي الخاص هو طرف ثالث مستقل تعينه المحاكم أحيانا في قضايا حساسة لمراجعة المواد التي يحتمل أن تكون مشمولة بامتياز المحامي والموكل.

وزاد إصرار المحامين على هذا الطلب، بعد نشر وزارة العدل أدلّة على إخفاء ترامب وثائق سرية عن "أف بي آي"، الثلاثاء الماضي، حين حاول الأخير استعادتها في يونيو/حزيران الماضي، ما دفع المكتب لإجراء تفتيش غير مسبوق لمنزل ترامب.

صمت الجمهوريون بعد الكشف عن العديد من الوثائق
 

وقالت وزارة العدل إن التحقيق يسعى خصوصاً إلى تحديد ما إذا كان ترامب أو أقاربه قد تورطوا في سلوك يمكن إدانته جنائيا، عبر السعي إلى منع "أف بي آي" من استعادة هذه الوثائق. وأضافت أن مكتب التحقيقات الفيدرالي، اكتشف قبل العملية "أدلة من مصادر عديدة" تظهر أن "المستندات السرية" لا تزال موجودة في مقر إقامة ترامب في مارآلاغو بولاية فلوريدا.

وتابعت أن الشرطة "حصلت أيضا على أدلة تفيد بأن وثائق حكومية أخفيت أو نقلت على الأرجح، وأن أعمالاً جرت لعرقلة تحقيقها أيضاً على الأرجح". وروت الوزارة خصوصا كيف ذهب موظفو مكتب التحقيقات الفيدرالي للمرة الأولى إلى مارآلاغو لاستعادة عدد من الملفات.

وتطرقت إلى إدلاء أحد أعضاء فريق ترامب "بإفادة تحت القسم" أكد فيها أنها آخر ما بقي في المنزل. لكن خلال عملية الدهم عثرت "أف بي آي" على نحو 30 صندوقاً تحوي وثائق شديدة الحساسية ومصنفة بين "السرية والسرية للغاية"، إلى درجة أن محامي مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل طلبا "تصاريح" ليتمكنا من الاطلاع عليها. كما تظهر إحدى الوثائق أنها مؤرخة يوم 9 مايو/أيار 2018، بعد يوم من إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران المبرم في 2015.

وفي وثائق مقدمة للمحكمة من 54 صفحة، قدمت وزارة العدل أدلة على عرقلة سير العدالة، متهمة مساعدين لترامب علناً للمرة الأولى بأنهما أكدا زوراً في يونيو/حزيران الماضي، إعادة الرئيس السابق جميع السجلات الحكومية التي كان قد خزنها في منزله بعد مغادرة البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021.

كما كشفت الوثائق أن محامي ترامب "منعوا صراحة الموظفين الحكوميين من فتح أو النظر داخل أي من الصناديق" في غرفة التخزين، عندما سافر عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لأول مرة إلى منتجع مارآلاغو في بالم بيتش لاستعادة السجلات، في يونيو الماضي.

وذكرت الوزارة في الملف الذي قدمته إلى المحكمة أن الحكومة توصلت أيضاً إلى أدلة على أن "السجلات الحكومية ربما أخفيت ونقلت من غرفة التخزين في جهود بذلت على الأرجح لعرقلة تحقيق الحكومة". وتتضمن الصفحة الأخيرة من تقرير وزارة العدل صورة لوثائق صادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي تحمل ختماً "سرياً للغاية" وملقاة على سجادة.

وقال محامو ترامب في وثيقة قضائية، مساء أول من أمس الأربعاء إن عملية التفتيش التي أثارت عاصفة سياسية، "غير مسبوقة وغير ضرورية ولا أساس قانونياً" لها في إطار "بحث خاطئ لتجريم حيازة رئيس سابق لأرشيف رئاسي وشخصي في مكان آمن".

وأظهرت شهادة حكومية أن وزارة العدل بدأت التحقيق في الأمر بعد العثور على 15 صندوقاً تحتوي على معلومات مرتبطة بالأمن القومي، بما في ذلك 184 وثيقة تم وضع علامة عليها على أنها "سرية" أو "سرية للغاية".

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد واصل مكتب التحقيقات الفيدرالي الكشف عن "مصادر متعددة للأدلة" تظهر أن المستندات السرية ظلت في مارآلاغو. ورأى محامو ترامب أن المحققين ما كان يجب أن يفاجئهم وجود وثائق سرية في أرشيف البيت الأبيض.

وكتبوا في بيان مساء الأربعاء أن "التبرير المزعوم لفتح هذا التحقيق الجنائي هو الاكتشاف المفترض لمعلومات حساسة داخل الصناديق الـ15" لوثائق صادرة عن الرئاسة محفوظة في مقر إقامة ترامب في فلوريدا واستعادها الأرشيف الوطني في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأضافوا: "لكن هذا الاكتشاف كان يجب أن يكون متوقعاً في ضوء طبيعة المحفوظات الرئاسية. بعبارة أخرى، فكرة احتواء المحفوظات الرئاسية على معلومات حساسة لم يكن ينبغي أن تكون مصدر قلق".

واتهم ترامب، مساء الأربعاء، الذي ينوي خوض انتخابات أخرى في البيت الأبيض في عام 2024، وزارة العدل بالسعي للانتقام منه. وقال إنه "ما كان ينبغي للقاضي أن يسمح باقتحام منزلي".

ورأى ترامب أن تفتيش القضاء الأميركي منزله "غير مبرر". وكتب على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال": "إنه لأمر مروع كيف ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي أثناء عملية تفتيش مارآلاغو الوثائق بشكل عشوائي على الأرض (ربما لجعلها تبدو وكأنني فعلت ذلك!)"، مؤكداً انه رفع السرية عنها من قبل.

تراجع الدعم الجمهوري

وبعد الدعم الهائل الذي حظي به من الجمهوريين، بدأ ترامب يشعر بتفكك الاصطفاف من حوله. ففي وقت المداهمة انتقد الجمهوريون بشدة اقتحام "أف بي آي" منزل ترامب، ولكن مع ظهور تفاصيل جديدة حول أكثر من 100 وثيقة سرية خبأها الرئيس السابق بشكل عشوائي في ناديه، صمت الجمهوريين.

ورفض زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الرد، مساء الأربعاء، عندما سئل عن آخر التطورات في تحقيق وزارة العدل. وقال ماكونيل للصحافيين في ولاية كنتاكي: "ليس لدي أي ملاحظات حول ذلك".

وتصادم ترامب مع ماكونيل في الفترة الأخيرة، داعياً إلى إقالته من منصبه كزعيم للأقلية في مجلس الشيوخ، متهماً إياه بأنه "بيدق بيد الديمقراطيين". واستشهد ترامب في بيان، بمقال نشر في موقع "ذا فيدراليست" حول علاقات ماكونيل وزوجته إيلين تشاو المزعومة بالصين، في الدعوة إلى عزل السيناتور من منصبه، معتبراً أن "ميتش ماكونيل ليس زعيماً للمعارضة، إنه بيدق للديمقراطيين للحصول على ما يريدون. إنه يخاف منهم ولن يفعل ما يجب فعله، لذلك يجب اختيار زعيم جمهوري جديد في مجلس الشيوخ على الفور".

ترامب: ميتش ماكونيل ليس زعيماً للمعارضة، إنه بيدق للديمقراطيين للحصول على ما يريدون

واتهم ترامب ماكونيل بإعطاء "اليسار الراديكالي تريليونات من الدولارات التي يطلبونها باستمرار"، منتقداً إياه لما اعتبره "فشلاً في وقف تمرير قانون الضرائب والمناخ والرعاية الصحية المعروف باسم قانون خفض التضخم".

وفي تصريح قبل أيام، انتقد ترامب ماكونيل لإدلائه بتصريحات حول "جودة المرشحين" الجمهوريين إلى مجلس الشيوخ، الذين اختار ترامب عدداً منهم. وعدا صمت ماكونيل، انتقدت النائبة الجمهورية ليز تشيني، المعارضة بشدة لترامب والتي خسرت انتخاباتها التمهيدية أخيراً لإعادة انتخابها، الرئيس السابق. ووصفت صورة الوثائق الملقاة بأنها "سلوك لا يمكن الدفاع عنه من قبل ترامب".

مع ذلك ظلّ السيناتور الجمهوري تيد كروز، في صف الرئيس السابق، متجاهلاً صورة الوثائق، ومركزاً على "إساءة استخادم أف بي آيه للسلطة بصورة مريعة" أثناء المداهمة، ومطالباً بـ"تنظيف مكتب التحقيقات الفيدرالي".

(العربي الجديد، أسوشييتد برس)

تقارير دولية
التحديثات الحية

المساهمون