مصر: مهجرو رفح يتوجسون من تحركات الاستخبارات لاحتواء حراكهم

11 سبتمبر 2023
أثناء عملية للجيش المصري في رفح، 2014 (Getty)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ توليه رئاسة الاستخبارات العسكرية في القوات المسلحة المصرية، زار اللواء أركان حرب شريف فكري، يوم الجمعة الماضي، محافظة شمال سيناء شرقي البلاد، والتقى بحسب مصادر "العربي الجديد"، عدداً كبيراً من رموزها، لمناقشة عدة موضوعات، أبرزها اعتصام المهجرين في مدينة رفح الذين يطالبون بالعودة إليها، والبحث عن حلول تنهي القضية مع ضمان عدم تكرار ما حصل قبل أسبوعين من اعتصام مفتوح على أطراف المدينة. يأتي ذلك في وقت أشارت مصادر شاركت باللقاء إلى وجود ما ينذر بعودة الاعتصام مجدداً في حال لم يتم تحقيق مطالب المهجرين.

وقالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن الوفد ضم إلى جانب فكري، قائد الجيش الثاني الميداني محمد ربيع، وعدداً من القادة العسكريين الميدانيين. وأضافت أن وفد القبائل كان مكوناً من مشايخ قبائل السواركة، والأرميلات، والترابين، وعدد من نواب مجلسَي الشعب والشورى، إلى جانب مسؤولين حكوميين محليين. وقد عُقد اللقاء بحسب المصادر في مقر الكتيبة 101 في مدينة العريش، حيث جرى قطع الاتصالات والإنترنت خلال تنقل الوفد العسكري داخل المدينة.

مخاوف من عدم عودة المهجرين إلى رفح

ونقلت المصادر نفسها عن أحد المشاركين في اللقاء قوله إن النائب سالم أبو مراحيل، دخل في مشادة كلامية مع القيادات العسكرية، بعد حديثه بشكل صريح عن أن عدم عودة المهجرين يبعث على القلق.

يأتي ذلك بسبب المخططات التي يجرى الحديث عنها، بحسب ما نقل عن أبو مراحيل، في ظل إصرار الأهالي على العودة إلى رفح كاملة وليس أجزاء منها، وعدم وجود سبب لاستمرار حالة التهجير، وغياب المسبب المتمثل في مكافحة الإرهاب.

وبداية الشهر الحالي، تمكّن الوسطاء المرسلون، من الجيش المصري والمخابرات، إلى المهجرين من مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء والذين اعتصموا على أطراف مدينتهم يوم الجمعة 25 أغسطس/ آب الماضي، من إقناعهم بضرورة إنهاء اعتصامهم في مقابل عقد جلسة نقاش ومفاوضات في مقر الكتيبة 101 مع ممثلين من قوات الجيش والمخابرات الحربية وعدد من ممثلي المهجرين، وإعطائهم موعداً بالعودة إلى ديارهم مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وكان مئات المهجرين المصريين من مدينة رفح قد أقاموا اعتصاماً مفتوحاً على أطراف مدينتهم، بعد رفض الجيش السماح لهم بالدخول إليها، فيما مرّ أكثر من ست سنوات على تهجيرهم تحت مظلة مكافحة الإرهاب. يأتي ذلك بعد طرد قوات الجيش المصري، مسنودة بمجموعات قبلية، تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" قبل عام من سيناء، وبدء إجراءات تسليم أرض رفح لمستثمرين.

اعتصام المهجرين في مدينة رفح قد يتجدد

وفي التعقيب على ذلك، قال أبو أحمد السواركة، أحد المشاركين في جلسة النقاش في مقر الكتيبة 101 في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شعوراً واضحاً بالمراوغة والانسحاب من الوعود التي قدمت لنا وتوجهنا بها إلى المعتصمين في رفح".

وأضاف أن ذلك "ينذر بعودة الاعتصام مجدداً طالما لم يأتِ القادة العسكريون بقرار سيادي يسمح بعودة المواطنين إلى كامل مدينة رفح، ما عدا مساحة 1200 متر من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وسيناء، وهي المنطقة الأمنية العازلة التي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل صريح عام 2014".

أبو أحمد السواركة: الجيش المصري يهمه عامل الوقت

وأضاف السواركة أن "ما يجري حالياً من تحركات على الأرض في رفح ومحيطها، يشير إلى أن الجيش المصري يهمه عامل الوقت أكثر من مطالب المهجرين".

وأرجع ذلك إلى "إنشاء كمائن عسكرية، وخندق في الأرض يحول دون وصول السيارات والمواطنين إلى مدينة رفح خلال المرحلة المقبلة، في حال فشلت المفاوضات بين القبائل وقيادة الجيش والمخابرات". وأشار إلى أن اللقاء مع قادة المخابرات والجيش "كان متعلقاً بعدة قضايا هامشية غير قضية المهجرين، إلا أن الحضور أصروا على الحديث في الملف الرئيسي كسباً للوقت والفرصة". 

إجراءات الجيش المصري لمواجهة المهجرين

من جهته قال الباحث المختص في شؤون سيناء مهند صبري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن كثيراً من الأهالي يتوجسون من تنفيذ خطة متدحرجة لمواجهة الاعتصام الرافض لاستمرار التهجير من رفح، بينما "لدى القوات المسلحة مبررات وأسباب تحاجج بها عدم عودة المواطنين إلى المنطقة العازلة (بين مصر وغزة) البالغ مساحتها أكثر من خمسة كيلومترات".

وأوضح أن "أسباب الجيش في رفض عودة المواطنين التي يحاول ترويجها تتمثل في أسباب تتعلق بالأمن القومي المصري، إلا أن الواقع يشير إلى وجود مشروع استثماري ذو خلفية سياسية يجري تنفيذه على أرض سيناء".

وأضاف أن "الجيش المصري اتخذ جملة من الإجراءات تمهيداً لخطة مواجهة المهجرين، والتي تمثلت بمحاولة تحييد بعض القبائل عن الأزمة وحصرها مع قبيلة الأرميلات، كذلك عقد لقاءات منفردة مع مشايخ القبائل وتجاهل قادة الاعتصام الفعلي على الأرض".

مهند صبري: الأهالي يشتكون من عدم الدقة في تحديد مواعيد العودة لديارهم

ولفت صبري إلى أن الأهالي يشتكون من عدم الدقة في تحديد المواعيد التي أبلغ بها المعتصمون عبر الوسطاء، ما بين 10 أكتوبر و20 أكتوبر، "فيما لم يتم إثبات المساحة التي سيسمح بالعودة إليها، هل هي مناطق رفح كاملة، أم التي أُخليت ضمن العملية الشاملة عام 2018 (محاربة الإرهاب)، والتي تبعد أكثر من خمسة كيلومترات عن الحدود المصرية الفلسطينية".

من جهة ثانية، قال صبري إن من بين العروض التي قدمت للأهالي، "الإفراج عن عدد من المعتقلين البدو في السجون العسكرية والمدنية تحت قضايا وتهم مختلفة، وكذلك إسقاط التهم الموجهة ضد العشرات من أبناء القبائل، وتسهيل المرور عبر قناة السويس من وإلى سيناء، وكذلك تقديم مساعدات ومشاريع لأهالي سيناء خلال الفترة المقبلة".

وهذه العروض، بحسب صبري "من دون عودة الأهالي إلى مركز مدينة رفح، وإنما الاكتفاء بالمناطق المحيطة بها من قرى وتجمعات بدوية على أن يكون هذا الاتفاق نهائياً لا عودة للحديث فيه مجدداً". إلا أن ذلك "قوبل برفض مشايخ القبائل الذين يعرفون تماماً حجم الغضب في صفوف أبناء القبائل في حال التراجع عن المطالب التي رفعتها خيمة الاعتصام (العودة إلى ديارهم)".

التحضير لاعتصام أوسع في سيناء

بدوره، قال مصدر قبلي آخر تحدث لـ"العربي الجديد"، "إن المهجرين سيقومون بالاعتصام الشهر المقبل في حال فشلت المفاوضات أو تراجع الجيش عن وعوده، بجانب مقر للقوة الدولية لحفظ السلام في سيناء قرب مدينة رفح".

وأضاف أن الاعتصام سيكون لأهداف عدة أبرزها "إيصال رسالة للعالم أجمع بوجود مهجرين من قراهم ومنازلهم بدعوى مكافحة الإرهاب وبعد الانتهاء من الإرهاب لا تزال الهجرة قائمة، والثانية التخوف القائم من إمكانية تعرض قوات الجيش للمهجرين المعتصمين والاعتداء عليهم لتفريقهم في حال تمدد الاعتصام وأصبح له صدى في الشارع المصري".

وربط المصدر نفسه، هذا الاعتصام مع قرب الانتخابات الرئاسية معتبراً أنه "يأتي لضرب النقاط الأساسية في البرنامج الانتخابي للسيسي"، الذي يرتكز على ملف إنهاء الإرهاب في سيناء، وكذلك مشروعات التنمية فيها، بحسب تعبيره.

وفي السياق، أشار المصدر إلى أن "الأهالي يحضرون أنفسهم لاعتصام مفتوح إلى حين السماح لهم بالدخول إلى قراهم، على أن يكون العدد مضاعفاً عن المرات السابقة". وأضاف أن "الأعداد تتضاعف بشكل كبير، بحضور المهجرين وعوائلهم من المحافظات المصرية خارج سيناء كالإسماعيلية والشرقية والغربية وكافة المناطق التي لجأوا إليها قبل عشر سنوات، نتيجة الحرب على الإرهاب وملاحقة الجيش لهم وطردهم من أراضيهم".

يُشار إلى أن أغلب المناطق التي يُمنع المواطنون من الدخول إليها تتبع لقبيلتَي الأرميلات والسواركة، في حين أن القرى التي تتحدر منها قبيلة الترابين عاد إليها سكانها. وتشمل هذه القرى مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، كالبرث ونجع شيبانة والعجراء. في المقابل، لا يزال سكان المقاطعة والخرافتين وجوز أبو رعد والظهير والوفاق والمطلة وبلعا وقرى ساحل البحر، ينتظرون قراراً بالعودة إلى ديارهم منذ سنوات.

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون