"مراكز البحوث" السورية هدف لإسرائيل: تأخير تطوير وتخزين الأسلحة

مراكز البحوث العسكرية السورية هدف لإسرائيل: تأخير تطوير وتخزين الأسلحة

02 ابريل 2024
عقب غارة إسرائيلية على دمشق، يناير الماضي (Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- طائرات الاحتلال الإسرائيلي شنت غارات جوية على مراكز البحوث العلمية العسكرية في سورية ومستودعات أسلحة لحزب الله، مستهدفة تطوير أسلحة إيرانية بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة.
- الغارات أدت إلى دمار كامل لبعض المواقع وانتشار روائح كريهة، مسببة حالات اختناق خفيفة بين السكان، وتعكس استمرارية الاستهداف الإسرائيلي لمواقع في سورية على مدى سنوات.
- تصاعد التوترات في الصراع السوري مع استهداف إسرائيل لمراكز بحثية وشخصيات من إيران وحزب الله، في محاولة للحد من تطوير وتخزين الأسلحة، مما يشير إلى استمرارية الصراع والتوتر في المنطقة.

عاودت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصف ما يُعرف بمراكز البحوث العلمية العسكرية في سورية، المنتشرة في عدة مناطق في البلاد، والتي يُعتقد أنها تحوّلت إلى مراكز لتطوير أسلحة إيرانية، خصوصاً الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى، والطائرات المسيّرة، ما يفسّر الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لها على مدى سنوات الصراع في سورية.

وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، مساء أول من أمس الأحد، غارات جوية على منطقة جمرايا بريف دمشق، في قصف هو الثالث من نوعه خلال أسبوع، على مواقع في هذا الريف.

وبحسب شبكة صوت العاصمة، والتي تنقل أخبار العاصمة السورية دمشق وريفها، فإن إسرائيل "استهدفت بستة صواريخ مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا"، والتي تضم واحداً من أهم مراكز البحوث العلمية العسكرية في سورية، التابعة للنظام السوري.

من جانبه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، أن القصف الإسرائيلي استهدف مستودع أسلحة لحزب الله اللبناني في مركز البحوث العلمية في جمرايا، مشيراً إلى أنه دُمّر بشكل كامل.

وأضاف أن الأهالي القاطنين في جمرايا والمناطق القريبة منها، ومحيط مركز البحوث العلمية، اشتكوا "من انبعاث روائح كريهة انتشرت بكل واسع بعد القصف الإسرائيلي"، تشبه رائحة الكبريت وحريق البلاستيك، وتسببت بحالات اختناق خفيفة.  

استهدافات إسرائيلية متكررة خلال أسبوع

واستهدفت إسرائيل، الخميس الماضي، وفق "صوت العاصمة"، مبنى يستخدمه الحرس الثوري الإيراني لعقد اجتماعات على أطراف بلدة السيدة زينب، بريف دمشق، من جهة مطار دمشق الدولي، فيما نفذت المقاتلات الإسرائيلية، الأحد قبل الماضي، غارات جوية استهدفت موقعاً عسكرياً في جديدة الشيباني، بريف دمشق.

وكان الطيران الإسرائيلي استهدف، الجمعة الماضي، عدة مواقع في ريف حلب، شمالي سورية، منها معامل الدفاع في منطقة السفيرة، جنوب شرقي حلب، والتي تضم هي الأخرى مركز بحوث عسكرية يُعد الأكبر لجهة المساحة في سورية.

"البحوث العلمية" العسكرية في سورية تطوّر أسلحة

وعن أسباب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لمراكز البحوث، يقول المحلل العسكري، العقيد عبد الجبار عكيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الطيران الاسرائيلي "يستهدف مراكز البحوث بسبب احتلالها بشكل كامل من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وتطويرهما لبعض الأسلحة والصواريخ، والتي يستخدمها الحزب".

عكيدي: الاستهداف الإسرائيلي يطاول أيضاً شخصيات إيرانية، ومن حزب الله

ويتابع: "لا يقتصر الاستهداف الإسرائيلي على مراكز البحوث بل يستهدف شخصيات إيرانية هامة، ومن حزب الله أيضاً،  في كل مكان في سورية، من غربها إلى شرقها، بالإضافة إلى أماكن وجود المليشيات التابعة لها، بما فيها مطارَا حلب ودمشق بشكل متكرر"، معتبراً أن "هذا الأمر ليس جديدا، ولكنه تصاعد بعد طوفان الأقصى".

وفي السياق، يوضح المحلل العسكري، العميد عبد الله الأسعد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المراكز العلمية التابعة للنظام "تُطوَر فيها الأسلحة كافة، ويُعدّل عليها، ويتم تركيب أسلحة جديدة على الدبابات والمدفعية والمناظير، وأجهزة الحرب الإلكترونية المستوردة من الخارج".

الأسعد: هناك مخازن للأسلحة الصاروخية والدبابات داخل مركز جمرايا

ويضيف أن هناك "مخازن للأسلحة الصاروخية والدبابات داخل مركز جمرايا بريف دمشق، ما يفسّر الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لهذه المنطقة"، لافتاً إلى أن إيران والنظام السوري فتحا أخيراً "خط إنتاج للقذائف في مراكز البحوث العلمية".

ويقع مركز جمرايا الذي استُهدف الأحد، خلف جبل قاسيون الشهير، والذي يحد العاصمة دمشق من الناحية الشمالية، وتتموضع بالقرب منه العديد من القطع العسكرية، منها قيادة الفرقة الرابعة، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، وتُعد الأكثر قسوة في التعامل مع السوريين.

وتعرّض المركز منذ عام 2013 للعديد من عمليات الاستهداف الإسرائيلي. ففي إبريل/نيسان عام 2017، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عاملين في المركز، موضحةً في بيان أن "إدارة مراقبة الأصول الأجنبية أدرجت على قائمة العقوبات، 271 موظفاً يعملون في معهد البحوث في جمرايا، التابع للحكومة السورية، المسؤول عن تحضير أسلحة دمار شامل ووسائل إيصالها".

وجاءت العقوبات رداً على الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون في إدلب من قبل النظام السوري، في الرابع من إبريل في العام نفسه.

ولدى النظام العديد من المراكز شديدة السرية في عدة أماكن في البلاد، واحد منها في منطقة برزة، على أطراف مدينة دمشق الشمالية، والثاني في منطقة مصياف، بريف حماة الغربي، وسط البلاد، وآخر في منطقة السفيرة بريف حلب.

ويتعرض العاملون في هذه المراكز لتدقيق أمني واسع خشية حدوث اختراقات، إذ يلجأ النظام إلى الاعتماد على العناصر التي لا يُشكك بولائها له، للعمل في هذه المراكز، والتي بدأ العمل بها في سبعينيات القرن الماضي، بمساعدة من الاتحاد السوفييتي، وكوريا الشمالية، لتنتج ترسانة النظام من الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً.

إنتاج الأسلحة الكيميائية

ولطالما استهدف الطيران الإسرائيلي هذه المراكز بهجمات واسعة النطاق منذ بدء التدخل الإيراني إلى جانب النظام عسكرياً، مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، خصوصاً مركز مصياف.

وبينما قُتل مدير هذا المركز، عزيز أسبر، في عام 2018، بتفجير عبوة ناسفة في سيارته ببلدة مصياف، اتهم النظام الجانب الإسرائيلي في حينه بالوقوف وراء العملية، والتي تبنّاها فصيل سوري معارض (سرية أبو عمارة).

وكانت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، قد شنّت في مايو/ أيار 2018، هجمات على مركز مصياف، رداً على هجوم كيميائي اتُّهم نظام الأسد بتنفيذه في دوما، بالغوطة الشرقية، يوم السابع من إبريل من ذلك العام، والذي أجبر فصائل المعارضة في المدينة على الاستسلام، والقبول بصفقة مع الجانب الروسي نقلت بموجبها عناصرها إلى الشمال السوري.  

يُعتقد أن مراكز البحوث العسكرية تنتج أسلحة كيمائية استخدمها النظام  ضد المدنيين

ويُعتقد أن هذه المراكز تنتج أسلحة كيمائية استخدمها النظام على نطاق واسع ضد المدنيين، في سياق محاولاته وأد الثورة ضده، لعل أبرزها الهجوم الواسع على مدن وبلدات غوطة دمشق، منتصف 2013، والذي أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين.

كما أنتجت هذه المراكز البراميل المتفجرة رخيصة التكلفة، والتي فتكت بالمدنيين ودمّرت مدناً وبلدات وأحياء، خصوصاً في ريف دمشق، وفي مدينة حمص وسط البلاد، وفي حلب وريف إدلب.

وفي هذا الصدد، يقول القيادي في الجيش الوطني السوري المعارض، الرائد الطيار يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "وفق معلوماتنا ومن مصادر موثوقة في النظام، فإنه حتى اللحظة هناك مستودعات أسلحة كيميائية في مركزَي جمرايا والسفيرة".

ويشير إلى أن الهجمات الإسرائيلية على مراكز البحوث العلمية العسكرية منذ العام 2013 "لم تهدف إلى تدميرها بشكل كامل"، مضيفاً أنه "لذلك كلما يجدد الإيرانيون هذه المراكز من بعد الضربات، يتم الاستهداف مرة أخرى".

ويرى أن استهداف أي موقع تابع للقوات لإيران في سورية "يعني وجود معلومات استخباراتية عن وجود نشاط بهذه المواقع"، معتبراً أن "الضربات الإسرائيلية جزئية وليست شاملة، إذ يخرج المركز عن الخدمة بشكل كامل".