مداخلة فريق فلسطين أمام محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي

19 فبراير 2024
أشار الفريق إلى أن إسرائيل لا تريد للفلسطينيين تقرير مصيرهم في دولة مستقلة (رويترز)
+ الخط -

المالكي: حان الوقت لوضع حد لازدواجية المعايير التي عانينا منها

إسرائيل ترفض الالتزام بالمفاوضات على أساس القانون الدولي

مطالبنا إقامة دولة فلسطينية والمحكمة اليوم امتحان للقانون الدولي

بدأت محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع بشأن العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، بالاستماع إلى مداخلة الفريق الفلسطيني، والتي استمرت لثلاث ساعات، وشدد خلالها على أن إسرائيل تواصل انتهاكها القانون الدولي، بسبب سياسة الإفلات من العقاب.

وأشار المتحدثون عن الفريق إلى أن دولة إسرائيل لا تريد للفلسطينيين تقرير مصيرهم في دولة مستقلة بالضفة الغربيّة وقطاع غزّة والقدس الشرقيّة، الأمر الذي يتنافى مع القانون الدولي، ويؤدي إلى استمرار الاحتلال، فيما استعرضوا أمام القضاة الخمسة عشر، عدداً من التصريحات الرسميّة الإسرائيليّة التي تسعى إلى فرض السيادة الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة وضم أراض فلسطينيّة محتلة لإسرائيل. 

ومن المقرر أن يستمع قضاة محكمة العدل الدولية لمداخلات 52 دولة، وثلاث مؤسسات هي جامعة الدول العربيّة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، على مدار أسبوع حتى يوم الاثنين المقبل.

وافتتح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مداخلة دولة فلسطين، بالحديث عن آثار عدم احترام إسرائيل القانون الدولي، مستعرضاً قرار التقسيم والنكبة، وواقع الشعب الفلسطيني اليوم المُقسّم في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي 48.

وذكّر بمعاناة كل قسم من الشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال والممارسات العنصريّة، كما ذكّر بقضية اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يستطيعون العودة إلى وطنهم بفعل النكبة والتهجير عام 1948.

واختار المالكي أن يتحدث أمام المحكمة عن الحياة الفلسطينيّة السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة في فلسطين قبل النكبة، ليفنّد الادّعاءات الإسرائيليّة بأن فلسطين كانت فارغة مرفقاً ذلك بصور من قبل النكبة، مؤكداً أن ما تشهده فلسطين هو استعمار، وأن الإبادة التي تشهدها غزّة هذه الأيّام هي نتاج عقود من إفلات إسرائيل من العقاب.

امتحان للقانون الدولي

كما عرض المالكي خلال مداخلته صورة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، خلال كلمة في الأمم المتحدة وهو يحمل خريطة فلسطين التاريخيّة على أنّها دولة إسرائيل، ليُبيّن للقضاة أن إسرائيل لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير.

وأكّد المالكي أن دولة فلسطين "تلتزم بالقانون الدولي الذي يجب أن يتفوق وينتصر". وقال: "نحن اخترنا العدالة، لكن هذه العدالة تأخرت، وتم إنكار حق الشعب الفلسطيني في وطنه. حان الوقت لوضع حد لازدواجية المعايير التي عانى منها شعبنا. القانون الدولي يجب أن يسري على الجميع ولا شعب يجب حرمانه من حق الحماية". 

إسرائيل لديها نية مسبقة للإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي

وخلص إلى القول "مطالبنا إقامة الدولة الفلسطينيّة وعاصمتها القدس الشرقيّة، والمحكمة اليوم امتحان للقانون الدولي، ونحن نعرب عن ثقتنا بأن المحكمة ستنفّذ واجباتها بحكمة وعقل بما يتوقعه العالم منكم".

الصورة
المالكي: فلسطين اختارت العدالة لكن هذه العدالة تأخرت (رويترز)

وقال البروفيسور، أندرياس زيمرمان، عضو الفريق القانوني عن فلسطين، في بداية مداخلته إن "المحكمة اليوم لديها الصلاحية في النظر في إعطاء رأي استشاري"، مشدداً على ضرورة أن تطبق جميع الأطراف القرارات الدولية.

وذكر زيمرمان أمام محكمة العدل الدولية مجموعة من الخروقات التي تقوم بها إسرائيل للقانون الدولي، الأمر الذي يحُتّم على المحكمة أن تُعطي رأيها الاستشاري القانوني، مُشيراً إلى أن أغلبية الدول في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة وافقت على هذا الطلب.

وتطرق زيمرمان لخروقات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي، الأمر الذي يُقوّض قيام دولة فلسطينيّة، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، قائلاً "المسؤوليّة لحل القضية الفلسطينيّة هي من واجبات إقرار السلم في ميثاق الأمم المتحدة والقرارات المتعلقة بالمسألة الفلسطينيّة وقرارات الشرعيّة الدوليّة".

وذكر زيمرمان رفض إسرائيل المستمر الالتزام بالمفاوضات على أساس القانون الدولي، مستشهداً بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولين إسرائيليين كبار، قائلاً: "إسرائيل أوضحت أنها ستسمح بدولة واحدة بين نهر الأردن وبحر المتوسط وهي دولة إسرائيل، وذلك ما أكدته الخريطة التي عرضها نتنياهو في الأمم المتحدة. وهو بنفسه صرّح أكثر من مرة رفض إقامة دولة فلسطينيّة" مؤكداً أنها ليست تصريحات فقط، بل خطوات على الأرض منذ عقود.

الفريق الفلسطيني: النظام الإسرائيلي القائم حالياً هو "لصالح فئة اثنية عرقية واحدة دون الأخرى، بناءً على النية والغرض والهدف"

وخلص إلى القول إلى أن مجلس الأمن دعا مراراً إلى تسوية سلمية للمسألة الفلسطينيّة على أساس قرارات الأمم المتحدة، ويجب عدم الاستمرار في سياسة الإفلات من العقاب.

احتلال واضح وفاضح

وفي مداخلته حول عدم قانونيّة الاحتلال الإسرائيلي، تحدث عضو الفريق القانوني لدولة فلسطين، باول ريتشلير، عن سياسة إسرائيل في ضم الأراضي الفلسطينيّة منذ عقود، مستعرضاً المحددات القانونيّة للاحتلال العسكري بحسب القانون الدولي.

وقال ريتشلير: "56 عاماً لاحتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينيّة بشكل فاضح وواضح، وهو احتلال غير قانوني. القانون واضح وصريح، يقول إن أي احتلال لأرض يجب أن يكون مؤقتاً ويجب أن ينتهي. ما يجعل استمرار إسرائيل لاحتلالها، هو إدارة ظهرها للقانون".

واستعرض عدداً من الأدلة حول سياسة إسرائيل في تعزير الاستيطان خلال العقود الأخيرة، وتصريحات لقادة المستوطنين المدعومين من الحكومة الإسرائيليّة الذين يعلنون نيتهم السيطرة الكاملة على الضفة الغربيّة، لتحقيق رؤيتهم في أن تكون دولة إسرائيل من النهر إلى البحر. مؤكداً أن إسرائيل لديها نية مسبقة للإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي.

كما ذكر ريتشلير سياسة إسرائيل في هدم المنازل الفلسطينيّة الممنهجة، وسياسة التهويد في القدس الشرقيّة والاستيلاء على آلاف الكيلومترات من الأراضي للاستيطان. وخلص إلى أن القرار الذي يجب أن تتخذه المحكمة اليوم له أهمية مماثلة بقرار الرأي الاستشاري الذي اتخذته المحكمة عام 2004 بشأن جدار الفصل العنصري. 

وفي مداخلة ثالثة للفريق القانوني لفلسطين، قالت ناميرة نيجم، إن النظام الإسرائيلي القائم حالياً هو "لصالح فئة اثنية عرقية واحدة دون الأخرى، بناءً على النية والغرض والهدف، إذ يمارسون سياسات لإخضاع الفلسطينيين خلف الجدران وعلى الحواجز العسكرية، دون الأخذ بعين الاعتبار أي حقوق للفلسطينيين، بما في ذلك الحق في الوجود".

وأكدّت نيجم أمام قضاة محكمة العدل الدولية أن "نظام الفصل العنصري متجسد في الأراضي المحتلة"، وذكرت مثال جنوب أفريقيا وناميبيا وكيف اتخذت المحكمة قراراً بذلك، قائلة: "على إسرائيل الكف عن تطبيق نظام الفصل العنصري. هذه المحكمة حظرت تطبيق الفصل العنصري وتمنع معاملة الإنسان بأي شكل من أشكال الإهانة والإذلال أو الإجبار والاحتلال للآخرين، وهذا قرار صدر عن المحكمة". 

يُذكر أن الدولتين الوحيدتين اللتين دافعتا عن إسرائيل في التعليق على المدخلات القانونيّة المكتوبة التي قُدمت للمحكمة، هما دولة فيجي والولايات المتحدة. 

المساهمون