مؤشرات على مرحلة جديدة في مواجهات "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي

مؤشرات على مرحلة جديدة في مواجهات "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي

15 فبراير 2024
دخان متصاعد من قرية شيحين اللبنانية جراء قصف إسرائيلي (كونات حاجو/فرانس برس)
+ الخط -

الاحتلال تخطى قواعد الاشتباك بينه و"حزب الله" وحدود القرار 1701

استشهد 11 شخصاً بعدما ركز الاحتلال على استهداف منازل المدنيين

مصدر في "حزب الله": الردّ على المجزرة الإسرائيلية سيكون قوياً

يستمرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي في تصعيد هجماته على قرى وبلدات حدودية جنوبي لبنان مركزاً استهدافاته الأخيرة على منازل المدنيين والمباني السكنية، وأكثرها دموية كان أمس الأربعاء مع استشهاد 11 شخصاً على الأقلّ، وبالمقابل يتوعد "حزب الله" بردّ قوي.

وتركت المجزرة، التي ارتكبها الاحتلال أمس في الجنوب بحق المدنيين، وتخطّي استهدافاته قواعد الاشتباك بينه و"حزب الله" وحدود القرار الدولي 1701، تساؤلات حول مرحلة جديدة مقبلة قد تكون أشدّ عنفاً وتوسعة لدائرة الحرب، خصوصاً أنّ مسؤولين في "حزب الله" أكدوا الجهوزية والاستعداد لكلّ الاحتمالات، وأن الردّ سيكون قاسياً وإسرائيل ستدفع ثمن جرائمها.

وما يُعزز سيناريو اتساع المواجهات بين الطرفين، كذلك، تعثر الوساطات الأجنبية حتى الساعة في تهدئة الجبهة الجنوبية والوصول إلى وقف إطلاق النار عبر حل دبلوماسي سياسي وتراجع مؤشرات قبول لبنان "الرسميّ" بالاقتراحات الفرنسية، خصوصاً أنه وضع ملاحظات عدّة عليها والأهمّ أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أقفل الباب عليها بعدما اعتبرها تبنّياً للورقة الإسرائيلية.

وجاءت غارات الاحتلال أمس الأربعاء بعد مزاعم إسرائيلية عن استهداف "حزب الله" للقيادة الشمالية والقاعدة الجوية في ميرون وقاعدة عسكرية في صفد، حيث لم يتبنّ الحزب أمس أي عملية عسكرية ضد مواقع إسرائيلية أو تجمّعات لجيش الاحتلال ولم يعلن عن أي استهداف. وهو اليوم الأول الذي لا يتبنّى فيه الحزب عمليات ضد الاحتلال منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باستثناء فترة "هدنة نوفمبر"، ما يطرح أيضاً تساؤلات حول دلالات أو رسائل قد تكون وراء عدم التبنّي.

واستأنف "حزب الله" ظهر اليوم الخميس "بياناته"، معلناً حتى ساعات الظهر عن ثلاث عمليات عسكرية ضدّ مواقع إسرائيلية، هي رويسات العلم والراهب وثكنة زبدين، معلناً أن الاستهداف يأتي "إسناداً لغزة والشعب الفلسطيني الصامد"، ما يترك الأنظار موجّهة إلى ردّه المُرتقب على الهجمات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني أمس.

مصدر في "حزب الله": الردّ على المجزرة الإسرائيلية سيكون قوياً

وشدد مصدرٌ نيابيٌّ في "حزب الله" لـ"العربي الجديد" على أنّ "الردّ سيكون في وقته وبالقوّة نفسها، فالمقاومة لن تسكت عن المجزرة الإسرائيلية بحق النساء والأطفال، ولن تتركها تمرّ مرور الكرام"، مشيراً إلى أنّ "الكلام كلّه سيقال غداً في كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى القادة الشهداء".

ويلفت المصدر إلى أنّ "العدو خاسر وضعيف ومهزوم، والمقاومة ستنتصر، والجبهات ستبقى مفتوحة طالما العدوان الإسرائيلي مستمرّ على غزة، وحزب الله جاهز وحاضر للدفاع عن لبنان، ولكل الاحتمالات".

وبانتظار الردّ الميداني من "حزب الله"، سلك "لبنان الرسمي" الطريق الدبلوماسي، معلناً تحركه لتقديم شكوى جديدة عاجلة ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي عقب "التمادي في العدوان". وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، من وزير البيئة ناصر ياسين الدعوة إلى اجتماع عاجل لهيئة الطوارئ الوطنية لمواكبة الوضع.

وعززت التطورات الأخيرة المخاوف من توسّع دائرة الحرب في لبنان، واعتبر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، أن الوضع في لبنان خطير لكنه لم يبلغ نقطة اللاعودة.

وعلى الرغم من الردود اللبنانية السلبية على المقترح الفرنسي، لكن مصدرا دبلوماسيا فرنسيا يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "الاتصالات مستمرة لا بل ارتفعت وتيرتها لمحاولة التهدئة، عبر حل سياسي، وفرنسا ستكثف جهودها لتجنب الحرب في لبنان".

كذلك، أبدى الناطق الرسمي باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، خشيته ممّا شهدته الأيام القليلة الماضية من "تحوّل مثير للقلق في تبادل إطلاق النار، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق".

وإذ اعتبر تيننتي أن "الهجمات التي تستهدف المدنيين تُعتبر انتهاكات للقانون الدولي وتشكل جرائم حرب"، ناشد "جميع الأطراف المعنية وقف الأعمال العدائية على الفور لمنع المزيد من التصعيد"، مؤكداً ضرورة "تكثيف الجهود الدبلوماسية لاستعادة الاستقرار والحفاظ على سلامة المدنيين المقيمين بالقرب من الخط الأزرق".

قراءة في عدم تبنّي "حزب الله" عملية صفد

وفي دلالات عدم تبنّي "حزب الله" عملية صفد يقول الكاتب والمحلل السياسي، فيصل عبد الساتر، لـ"العربي الجديد" إنّ "المؤشرات كلّها تدلّ على أننا دخلنا مرحلة جديدة من المواجهات المفتوحة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، وهذا الأمر لا يقتصر فقط على المجزرة أمس، بل أيضاً وتيرة اتساع دائرة الاستهداف من قبل الاحتلال على مدى الأيام الماضية، وفي المقابل، استهداف كبير لقاعدة صفد العسكرية، شمالي فلسطين المحتلة".

ويرى عبد الساتر أن "هذه العملية أصابت العدو الإسرائيلي بحالة هستيرية بالكامل، خصوصاً من قبل وزير الحرب والقيادة العسكرية الإسرائيلية في الشمال الفلسطيني المحتل، والمجزرة الإسرائيلية التي ارتكبت في النبطية والاستهدافات الواسعة التي وصلت إلى إقليم التفاح، هذه كلها تؤشر إلى أن النوايا العدوانية تتوسّع أكثر فأكثر من قبل جيش الاحتلال".

ويلفت عبد الساتر إلى أنّ "كل قيادة حزب الله تُجمع على أننا دخلنا في طور جديد، لكن هل يعني ذلك أننا سنشهد مزيداً من التصعيد بمعنى أن تُفتح الحرب على اتساعها، هذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه لأن حزب الله يتعامل بدقة متناهية مع الأمر ولا يكشف عن أوراقه التي يستخدمها أو الأوراق التي قد يلجأ اليها في مثل هذا النوع من التطورات الخطيرة. لكن الوضع لا يبشر بأن الأمور قد تعالج ببعض التصريحات من هنا وهناك، وحتماً سيكون هناك رد ميداني".

وحول عدم تبنّي "حزب الله" عملية صفد، يقول عبد الساتر، وفق قراءاته لتطور الأحداث: "ربما يكون ذلك جزءاً من تكتيك جديد يستعمله الحزب أو الغموض البنّاء الذي ممكن أن يساهم في إرباك العدو أكثر فأكثر، بحيث إن العملية لا يتبنّاها أحد، لكن الإسرائيلي يدرك تماماً أن هذا شيء ممّا نسمّيه رسائل القوة والإرادة لدى حزب الله".

بمعنى ثانٍ، يضيف عبد الساتر، "قد يكون حزب الله أراد أن يُري العدو شيئاً جديداً من أساليبه العسكرية، خصوصاً أنّ هذه العملية جاءت بعد الحديث المُكثف عمّا سُمّي بالورقة الفرنسية التي سُلِّمت إلى لبنان، وتحدثت عن إبعاد الحزب 7 إلى 10 كلم من الحدود مع فلسطين المحتلة، وقاعدة صفد تبعد تقريباً 15 كلم، وكأنها رسالة تريد أن تقول للفرنسي وغيره إن كلّ ما تأتون به لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد".

كذلك، يشير عبد الساتر إلى أنّ "عملية صفد إشارة من حزب الله إلى الصهاينة بأنه إذا واصلتم اجتياحكم لرفح فسيأتيكم أكثر ممّا تتوقعونه من جبهة لبنان".

المساهمون