عن الوظيفيين والمشروع الصهيوني

عن الوظيفيين والمشروع الصهيوني

17 ابريل 2024
في خانيونس بقطاع غزة أمس الثلاثاء (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عبد الوهاب المسيري يبرز مفهوم "اليهودي العربي الوظيفي"، مشيرًا إلى أفراد وجماعات داخل البيئة العربية يخدمون المشروع الصهيوني، سواء بجهل أو بنوايا مريضة، معطلين جهود دعم القضية الفلسطينية.
- يتعدى الدور الوظيفي الخادم للصهيونية الأنظمة العربية والإسلامية ليشمل نخبًا وكتّابًا وأفرادًا في الإعلام والدين، يساهمون في تقويض المقاومة وتشكيك الجمهور في الحق الفلسطيني.
- تنتشر إشاعات وتقارير زائفة تهدف لتشويه صورة المقاومة والهيئات الإغاثية العاملة في غزة، مما يكشف عن تواطؤ بين السرديات الإسرائيلية والأطراف العربية الوظيفية في تقويض الدعم للقضية الفلسطينية.

إذا كان من فضل يشكر عليه صاحب الدراسات المتخصّصة في الصهيونية، الراحل عبد الوهاب المسيري، ويستحق به عالي التقدير، فهو استشرافه حالة لم تكن تخطر على بال أحد في زمانه، عندما تحدث مبكراً عن "اليهودي العربي الوظيفي"، ويقصد به خُدّام إسرائيل والمشروع الصهيوني، من داخل البيئة العربية نفسها، وبالأدوات العربية أيضاً، عن جهلٍ بالأشياء أو لغاية مريضة.

وهؤلاء عن قصد وعمد، أو عن جهل وسذاجة، نماذج وأشكال وفرادى وجماعات، مثبطة للعزائم ومعطّلة كل جهد يسعى إلى تعزيز بنية المقاومة السياسية والشعبية بكل أشكالها، ومشككة في كل مجهود لإسناد الحق الفلسطيني، وتجتهد لكبح تنفيذ كل خطوة تتمثل التزاماً أخلاقياً وإنسانياً وعقدياً مع القضية الفلسطينية، ولا تقصر في تسفيه كل تعبير رمزي، تظاهرة أو رسماً أو مقاطعة للبضائع والمتاجر المؤيدة للصهيونية.

ليست الأنظمة في البيئة العربية والإسلامية فقط هي التي تؤدي هذا الدور الوظيفي الذي يخدم المشروع الصهيوني، تطبيعاً أو تواطؤاً، أو صمتاً وتخاذلاً على الجرائم والمجازر المروعة في حق الفلسطينيين، ولكن من يؤديه مجتمع ذو صلة بالرأي العام، من النخب والكتّاب وفي الإعلام، وجزء من المتلبّسين للفكر الديني المسيّج بالمقولات الفاسدة، ومن مجالاتٍ أخرى (كفتاوى منع إخراج الزكاة لصالح سكان غزة)، ينطبق عليهم تماماً وصف المسيري وحديثه عن "اليهودي العربي والوظيفي"، من حيث إنهم جزءٌ من السردية الإسرائيلية ليس إلا.

دأبت هذه النماذج المعطوبة في تفكيرها، والمعطّلة في فهمها السياقات والمرحلة، على استزراع التشكيك في المقاومة ككيان تارة، فما كان منها الخجل أن تقول إن حركة حماس كلها صناعة إسرائيلية، وتارة أخرى التشكيك في رجالات المقاومة وإخراج الروايات الكاذبة على قادة المشروع المقاوم، ومن ذلك إشاعاتها أن أبناء رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، يتنعّمون في فنادق خارج القطاع، حتى ظهرت الحقيقة أنهم بين أبناء شعبهم شهداء قبل وبعد. وحين تتكشّف مثل هذه الأباطيل يجدون في استعانة المقاومة بالسلاح الإيراني فرصة للتحريض على كل المقاومة فكرة وسبيلاً.

ليس هناك كثيرٌ من الفرق بين الشكوك التي عمدت إسرائيل إلى إطلاقها بشأن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإزاء كامل الهيئات الإغاثية والإنسانية العاملة في قطاع غزة، والزعم أن "حماس" تستولي على المساعدات التي تصل إليها، وبين مواقف لا مسؤولة من أطراف جزائرية حتى، لم تختر لا التوقيت المناسب ولا الظرف المعقول، للتشكيك في جهود هيئات إغاثية جزائرية، وطرح أسئلة بالغة السذاجة عن كيفية تمكّنها من إدخال المساعدات إلى غزة بطرقٍ استدعتها ظروف المحنة وفرضتها استحقاقات إغاثة للشعب الفلسطيني والنازحين في قطاع غزة، على غرار جمعية البركة الجزائرية التي تواصل جهودها الميمونة في القطاع. وزعمت تقارير زائفة أن واشنطن فتحت كتاب الجمعية بعدما اغتاظت من حضورها البارز... هل يمكن ملاحظة أنها السردية نفسها بين الوظيفيين وإسرائيل، سردية واحدة تخرُج من عقل مريض وجحر واحد.

المساهمون