زيلينسكي من بريطانيا: لتزويدنا بالأسلحة الضرورية لوقف الغزو الروسي

08 فبراير 2023
سيلقي زيلينسكي كلمة أمام البرلمان البريطاني (Getty)
+ الخط -

حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الأربعاء، حلفاءه الغربيين على تزويده بـ"الأسلحة الضرورية" لوقف الغزو الروسي، وذلك خلال اجتماع في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

وقالت الرئاسة الأوكرانية، في بيان عقب الاجتماع، إنّ زيلينسكي "شدد على أهمية حصول أوكرانيا على الأسلحة الضرورية من الحلفاء لوقف الهجوم الروسي، وتحرير كل الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتاً".

ووصل زيلينسكي في وقت سابق من اليوم إلى بريطانيا، في زيارة هي الأولى له منذ الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.

وأثنى زيلينسكي من مقرّ رئاسة الحكومة البريطانية على المساعدات التي قدّمتها المملكة المتحدة لأوكرانيا.

ووجه سوناك التحية لزيلينسكي على سلّم مكتب رئيس الوزراء في 10 "داونينغ ستريت"، وسط تصفيق من المارة. وشكر الرئيس الأوكراني سوناك على دعم بريطانيا لبلاده "منذ الأيام الأولى للغزو الشامل".

وقال سوناك إنّ الزيارة شهادة "على شجاعة بلاده وإصرارها وقتالها… وعلى الصداقة المتينة بين بلدينا".

خطاب تاريخي أمام البرلمان البريطاني

وخاطب زيلينسكي البرلمان البريطاني، بعد ظهر اليوم، في سابقة من نوعها، إذ لم يسبق لزعيم أجنبي أن خاطب أعضاء البرلمان في مجلس العموم. واحتشد المئات من المشرعين والموظفين البرلمانيين بقاعة وستمنستر من أجل خطاب زيلينسكي.

وقال زيلينسكي للنواب، مرتدياً قميصه المميز باللون الزيتوني، إنه في الحروب الماضية، "خسر الشر"، وتابع: "نحن نعلم أن روسيا ستخسر، ونعلم أن النصر سيغير العالم"، وأضاف أنه يتحدث نيابة عن الشعب الشجاع في بلده، وشكر البريطانيين على شجاعتهم.

ولفت إلى أن "لندن وقفت إلى جانب كييف منذ اليوم الأول".

الصورة
لم يسبق لزعيم أجنبي أن خاطب أعضاء البرلمان في مجلس العموم (ستيفان روسو/فرانس برس)

زيلينسكي إلى باريس بعد بريطانيا

ويتوقع وصول زيلينسكي إلى باريس مساء اليوم، حسبما أعلنت الرئاسة الفرنسية، بعد زيارته للمملكة المتحدة.

ومن ثم يأمل مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن يتوجه زيلينسكي إلى بروكسل، الخميس، للقاء القادة الأوروبيين، في زيارة تحمل طابعاً رمزياً إلى حد كبير، ولكنها تحظى باهتمام بعد أشهر من الدعم الأوروبي لأوكرانيا.

وتأتي زيارة زيلينسكي إلى بريطانيا في الوقت الذي أعلن فيه سوناك عن "خطط توسيع نطاق تدريب القوات المسلحة الأوكرانية جواً وبحراً"، ويشمل ذلك طياري المقاتلات ومشاة البحرية، "كجزء من الاستثمار طويل الأمد" في جيشهم.

كما اتّخذت المملكة المتحدة، بحسب "داونينغ ستريت"، خطوات عاجلة لتسريع إرسال المعدات العسكرية إلى أوكرانيا، في محاولة "لمنح قواتها اليد العليا في ساحة المعركة، والحدّ من قدرة روسيا على استهداف البنى التحتية المدنية".

وكانت فرق من القوات المسلحة الأوكرانية قد وصلت إلى المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، لتعلّم كيفية قيادة دبابات تشالنجر 2، بالإضافة إلى 10 آلاف جندي تم استقبالهم خلال الأشهر الستة الماضية، لإخضاعهم لبرنامج تدريب المجنّدين على القتال، وهو ما سيعزّز، بحسب "داونينغ ستريت"، مهارات 20 ألف جندي إضافي هذا العام.

واعتبر سوناك، في بيان سابق له، أنّ زيارة الرئيس زيلينسكي إلى المملكة المتحدة "شهادة على شجاعة بلاده وتصميمها ونضالها، وهي شهادة على الصداقة المتينة بين بلدينا"، مشيراً إلى أنّ "البرنامج التدريبي الذي خصّصته المملكة المتحدة سيضمن قدرة الجيش على الدفاع عن مصالحها بشكل جيد في المستقبل"، كما أنه "يؤكد التزامنا، ليس فقط بتوفير المعدات العسكرية على المدى القصير، وإنما بالالتزام طويل الأمد".

زيلينسكي يمنح سوناك ومعارضيه لحظة تاريخية هامة

وتأتي زيارة زيلينسكي إلى المملكة المتحدة اليوم، لتمثّل اللحظة التاريخية الأهم بالنسبة لسوناك منذ وصوله إلى "داونينغ ستريت" قبل أقل من أربعة أشهر أمضاها في لملمة الخسارات والإخفاقات والانتقادات.

ومع أن سوناك يفتقر إلى علاقة الصداقة القوية التي ربطت الرئيس الأوكراني بالزعيم المحافظ السابق بوريس جونسون، إلا أن حكومته هي التي اتّخذت قرار إرسال دباباتها الشهيرة "تشالنجر 2"، وهو ما شجّع باقي الدول، بحسب اعتقاد سوناك، على أن تحذو حذوها، كما فعلت ألمانيا عبر خطتها إرسال "ليوبارد 2".

وللمرة الأولى ربما منذ فوزه في السباق إلى الزعامة، يبدو سوناك مبتهجاً في جلسة المساءلة الأسبوعية أمام البرلمان، والتي تعقد ظهر اليوم، حيث اعتاد طوال الأسابيع الماضية على مواجهة أسئلة صعبة، وسط عجز الحكومة عن تقديم إجابات ترضي عموم الناخبين من جهة، والمعارضين من جهة أخرى. إلا أن سوناك افتتح الجلسة اليوم بصوت واثق وإيقاع متماسك، بعد أن كان قد استقبل الرئيس الأوكراني في "داونينغ ستريت" قبل عشر دقائق من بدء الجلسة الأسبوعية.

وبما أن الاستجابة البريطانية السبّاقة في وجه الغزو الروسي لأوكرانيا هي المسألة الوحيدة التي تحصل على إجماع كل الأطراف، مثّلت زيارة زيلينسكي فرصة تاريخية هامة بالنسبة إلى زعيم "حزب العمال" المعارض كير ستارمر، الذي استثمر القواعد الخاصة بجلسة المساءلة الأسبوعية، حيث يفتتح هو الحوار بينه وبين رئيس الحكومة، لـ"المزايدة" على سوناك في الترحيب بالرئيس الأوكراني الذي "يجسّد الشجاعة"، وفي دعمه لأوكرانيا، وفي هجومه على سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحربه.

وتلك الصيغة المعتمدة في مجلس العموم أتاحت لستارمر أيضاً أن يكون سبّاقاً في التعاطف مع ضحايا الزلزال المدمّر في تركيا وسورية، وهو الموضوع الذي لم يأتِ سوناك على ذكره إلا بعدما ذكره "خصمه". وفي تبادلهما للثناء على أهمية الاستمرار في دعم كييف ومضاعفة الجهود لتحقيق انتصارها، كان ستارمر سبّاقاً في نقده لـ"همجية" بوتين، مطالباً بتقديمه مع حلفائه للعدالة ومحاكمتهم في محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما لو أنه يوجّه بذلك رسالة واضحة للأوكرانيين حول أن الحكومة البريطانية ستكون سبّاقة أكثر في دعمهم بزعامة الحزب المعارض.

وتكتسب زيارة زيلينسكي أهمية مضاعفة، كونها الأولى له إلى بريطانيا منذ بدء الغزو الروسي قبل عام، والثانية دولياً بعد زيارته الولايات المتحدة الأميركية العام الفائت، إضافة إلى ما تشكّله من فرصة للمطالبة بالمزيد من الدعم الغربي لهزيمة بوتين، ولحماية "أمن الدول الغربية كلها مجتمعة وليس فقط أوكرانيا".

وأنفقت المملكة المتحدة حتى اليوم 2.3 مليار جنيه إسترليني على المساعدات العسكرية، لتكون ثاني أكبر مانح بعد الولايات المتحدة. كما فرضت سلسلة من العقوبات على روسيا، واستقبلت أكثر من 100 ألف لاجئ أوكراني، ضمن خطة سخيّة تتناقض مع سياسة الحكومة في التعامل مع ملف طالبي اللجوء والهاربين من الحروب في بلادهم.

وتتضمن المعدات العسكرية التي أرسلتها المملكة المتحدة إلى جانب دبابات "تشالنجر 2"، العديد من أنظمة الدفاع الجوي المخصصة لإسقاط الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض ومن مسافة قصيرة، و30 سلاحاً مدفعياً مدرعاً (إي إس 9)، إضافة إلى مئات الآلاف من الذخيرة عيار 155 مليمتراً، والجيل الجديد من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات، وصواريخ "بريمستون" البريطانية الشهيرة التي توصف بـ"التحفة التقنية" و"فخامة القوة البريطانية".

كما أن المملكة المتحدة هي أول حليف غربي يعرض تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات متوافقة مع معايير حلف شمال الأطلسي، مع أن دول "الناتو" لم تستجب بعد لدعوة أوكرانيا لتزويدها بالطائرات الغربية، وخاصة طائرات إف-16 الأميركية، والتي من شأنها أن تسمح للقوات الجوية للبلاد بحماية أجوائها بشكل أفضل من الهجمات الجوية الروسية.

المساهمون