ذكرى الاعتداء الإسرائيلي على حمام الشط في تونس: أين تجريم التطبيع؟

38 عاماً على الاعتداء الإسرائيلي في حمام الشط بتونس.. مطالب بقانون يجرّم التطبيع

01 أكتوبر 2023
الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يزور حمام الشط بعد الغارة 1985 (أرنود بوريل/Getty)
+ الخط -

يحيي التونسيون في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام ذكرى ضحايا اعتداء حمام الشط الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 1985 بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس. ويطالب التونسيون بتمرير قانون يجرم جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل متسائلين عن سبب عدم إصداره حتى الآن.

ووضع سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية التونسية هائل الفاهوم، اليوم الأحد، أكاليل زهور على أضرحة "شهداء الثورة"، الذين ارتقوا خلال الغارة الإسرائيلية على مقر قيادة منظمة التحرير في تونس، بحسب بيان صادر عن السفارة.

وتبقى ذكرى استهداف الاحتلال الإسرائيلي منذ 38 عاماً مقرّ القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية، عالقة في أذهان التونسيين بعد استشهاد 68 تونسياً وفلسطينياً.

مطالب بقانون يجرم التطبيع

وكان التونسيون استبشروا خلال الحملة الانتخابية للرئيس التونسي الحالي، قيس سعيّد، في 2019 بخطاباته المناصرة بقوة للشعب الفلسطيني ورفعه شعار "التطبيع خيانة عظمى" وهو الطلب الذي يوحّد كل فئات الشعب رغم اختلافاتهم.

وانتقد المعارضون عدم إقدام سعيّد على إصدار قانون يجرم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي رغم تفرده بجميع الصلاحيات منذ 25 يوليو/ تموز 2021، فيما اعتبر كثيرون أن دستور 2022 الذي صاغه سعيّد يمفرده خيّب آمالهم بعدم التنصيص صراحة على تجريم التطبيع.

وكانت كتلة "الخط الوطني السيادي" في البرلمان التونسي الجديد، التي تتكون من أغلبية نواب حركة الشعب ونواب من الحزب الاشتراكي ومستقلين، قد قدّمت مقترح قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل في يوليو/تموز وسط تساؤلات حول مصير هذا القانون وهل ستتم المصادقة عليه من قبل باقي النواب والكتل.

وأكد المتحدث باسم حركة الشعب، أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، أنه "تم إيداع قانون تجريم التطبيع في يونيو/ حزيران الماضي في مكتب البرلمان، الذي درسه وأحاله إلى لجنة الحقوق والحريات المختصة وهي بصدد النظر فيه".

وأوضح عويدات: "بحسب الأصداء فإنّ هناك إجماعاً حول تمرير قانون تجريم التطبيع والمصادقة عليه من قبل جميع الكتل"، مشيراً إلى أنّ "هذا القانون يأتي في سياق دولي وإقليمي وتسارع العديد من الأنظمة العربية إلى التطبيع، وهنا يأتي موقف تونس أو الموقف الذي نريده لتونس رافضاً التطبيع بكل أشكاله، وأن تكون هناك عقوبات جزائية قضائية ضد كل من يذهب للتطبيع مع هذا الكيان العنصري الذي أجرم وشرّد شعباً بأسره".

وقالت القيادية في جبهة الخلاص والنائبة السابقة عن حزب النهضة، يمينة الزغلامي، لـ"العربي الجديد": "تأتي ذكرى اعتداء حمام الشط هذا العام في لحظات فارقة تمرّ بها المنطقة العربية بجملة من الأوضاع، لعل أهمها استشراء التطبيع مع الكيان الصهيوني في الساحة العربية، مما يفرض مقاومة التطبيع واستعادة ذكرى تلك الغارة لفهم طبيعة الكيان الصهيوني الإجرامية".

وبينت الزغلامي أن "مناصرة القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني هو مبدأ راسخ يتوارثه التونسيات والتونسيون جيلاً بعد جيل، وليسوا في حاجة لحزب أو برلمان أو أي جهة أن تنص على ذلك بقانون، وحق الشعب الفلسطيني ثابت لدى الشعب التونسي الذي خرج أيام زين العابدين) بن علي بالآلاف تلامذة وطلبة ومن كل فئات الشعب للتنديد بالعدوان والاجتياح زمن كانت الدولة بوليسية وتقمع أي تحرك".

وتابعت: "بالنسبة للمجلس الوطني التأسيسي (أول برلمان بعد ثورة 2011) فقد نص في دستور الثورة على الانتصار للقضية الفلسطينية، والدستور هو أعلى نص قانوني للبلاد. حيث كتب في توطئة الدستور الذي وقع صياغته والتصويت بالإجماع على واجب (الانتصار للمظلومين في كلّ مكان، ولحقّ الشعوب في تقرير مصيرها، ولحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرّر الفلسطيني، ومناهضة كلّ أشكال الاحتلال والعنصرية)".

وتابعت أنه "كان هناك مقترح لقانون يجرم التطبيع لم يحل حتى على اللجان المختصة في البرلمانات السابقة"، مؤكدة أن "البرلمان السابق فشل في تمريره لنرى هل أن هذا البرلمان سيقوم بتمريره والاحتفاء بذلك".

وتابعت الزغلامي أنه "هناك في برلمان (إبراهيم) بودربالة أغلبية للتيار القومي العروبي الذي زايد طيلة سنوات على حركة النهضة وبقية الأحزاب بخصوص هذا القانون، وهم من مناصري الرئيس وداعمون لهذا المسار"، لافتة إلى أنّ "عليهم المصادقة على القانون وفوراً فلا مانع من ذلك".

ورجحت الزغلامي أنه "لن يتم تمرير قانون تجريم التطبيع من قبل الرئيس قيس سعيّد ولا من قبل البرلمان الحالي الذي أصبح فاقداً لأي شرعية"، بحسب توصيفها.

ما الذي حدث في حمام الشط؟

وكان طيران الاحتلال الإسرائيلي أغار في 1 أكتوبر/ تشرين الأول 1985 على قرية حمام الشط، (تبعد 30 كيلومتراً عن تونس العاصمة)، مخلّفاً 68 شهيداً وأكثر من مائة جريح، ومدمراً عدداً من المباني. وبحسب ما تسرب حينها، فإن إسرائيل كانت تستهدف الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والقوة 17، التي كانت موجودة في المدينة.

وكان سرب من الطائرات الإسرائيلية، تدعمه من ارتفاع مغاير طائرات أخرى، بادر بنشر مناطيد حرارية في الجو، تحسباً لردود الدفاع الأرضي المضاد للطائرات، ثم أغار على مقر قيادة الفلسطينيين بحمام الشط، وقذف الدفعة الأولى من قنابل مبيدة، ثم أغار مجدداً وقصف بقية الأهداف، قبل أن يغادر بسرعة في اتجاه البحر.

وأكد الفلسطينيون وقتها أنّ إسرائيل استعملت في غارتها القنابل الفراغية الممنوعة دولياً والتي تحدث عند انفجارها خللاً قوياً جداً في توازن التركيبة الهوائية والمغناطيسية للفضاء، حيث تجرف حول محور سقوطها كل المباني مؤدية إلى انهيارها.