جهود مبكرة في الجزائر بشأن مشاركة منطقة القبائل في الانتخابات

جهود مبكرة في الجزائر بشأن مشاركة منطقة القبائل في الانتخابات

08 مايو 2024
رجل مسن يجلس في محطة للحافلات مغطاة بالملصقات الانتخابية، الجزائر، 11 يونيو 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- القوى السياسية في الجزائر تبذل جهودًا لتقريب منطقة القبائل الأمازيغية من صناديق الاقتراع قبل الانتخابات الرئاسية في 7 سبتمبر، لمنع استغلال الحركات الانفصالية والأطراف الخارجية لخصوصية المنطقة.
- حزب التجمع الوطني الديمقراطي ينظم لقاءً في تيزي وزو لتشجيع مشاركة سكان المنطقة في الانتخابات، محذرًا من محاولات التشويش على العملية الانتخابية.
- المحللون يرون فرصة لمصالحة انتخابية بين ناخبي منطقة القبائل والانتخابات، معتبرين الظروف السياسية الحالية والإجراءات الأمنية المشددة عوامل قد تسهم في تحسين نسبة التصويت.

بدأت قوى سياسية في الجزائر جهوداً مبكرة لإنهاء حالة قطيعة انتخابية مزمنة بين منطقة القبائل ذات الغالبية الأمازيغية مع صناديق الاقتراع، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع سبتمبر/ أيلول المقبل.

وتسعى هذه القوى إلى منع حركات انفصالية - مثل حركة "الماك" التي تتحدث عن إقامة حكومة منفى لمنطقة القبائل في باريس - و"أطراف خارجية" من "توظيف خصوصية منطقة القبائل في التشويش على الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو "استخدام أي تدنٍ لنسبة التصويت والمشاركة في الانتخابات في منطقة القبائل لصالح مطامحها".

وفي الأول مايو/ أيار الجاري، نظّم حزب التجمع الوطني الديمقراطي لقاء سياسياً في مدينة تيزي وزو كبرى مدن منطقة القبائل، ركز فيه الأمين العام للحزب مصطفى ياحي على ضرورة أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة إقبالاً من سكان المدينة وكامل المنطقة، بما يمثل بحسبه أفضل رد على ما وصفها بـ"الكيانات الإرهابية"، في إشارة منه إلى حركة "الماك" التي تطالب بانفصال المنطقة. ودعا ياحي مواطني ولاية تيزي وزو والمنطقة إلى "المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية المقبلة والإدلاء بأصواتهم بكل حرية وديمقراطية وشفافية يوم السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل". وحثّ المسؤول السياسي مواطني الولاية وسكان منطقة القبائل إلى "المزيد من اليقظة والتجند من أجل إحباط وإفشال أي خطوات تهدف للتشويش على سير موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة".

وفي الغالب تشهد ولايات منطقة القبائل أدنى نسب التصويت في الاستحقاقات الرئاسية على وجه الخصوص، فخلال الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت عام 2019 سجلت ولايات منطقة القبائل والعاصمة الجزائرية نسبة تصويت بين 1 و2 في المائة في الولايات الثلاث تيزي وزو وبجاية والبويرة، لكن نسبة التصويت ارتفعت بشكل لافت في الانتخابات المجالس النيابية عام 2021، إلى 20 في المائة في ولاية تيزي وزو، و18.36 في ولاية بجاية، إحدى كبرى ولايات المنطقة، و33.18 في المائة في ولاية البويرة، بما اعتبر تحولاً مهماً في علاقة المنطقة بالانتخابات.

وتتطلع السلطة والأحزاب نحو مصالحة انتخابية جادة بين منطقة القبائل وصناديق الاقتراع، على أساس هذا التحول وعلى عوامل متعددة أخرى، كالتقارب الذي حصل بين أكبر الأحزاب المتمركزة في المنطقة، مثل جبهة القوى الاشتراكية، وبروز مؤشرات جدية واقتناع لدى سكان المنطقة بوجود استهداف حقيقي وتوظيف للخصوصيات الإثنية للمنطقة لتهديد وحدة واستقرار الجزائر، وتفكيك السلطات خلال السنوات الثلاث الماضية خلايا حركة (الماك) الانفصالية، ودفاع الرئيس عبد المجيد تبون عن الاستحقاقات التنموية والرموز التاريخية للمنطقة.

دعوات لمعالجة مقاطعة منطقة القبائل

من جهته، اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني الانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة لإنهاء حالة العزوف والمقاطعة الانتخابية في منطقة القبائل، وقال حساني في تجمع سياسي مع كوادر حزبه، السبت الماضي، في منطقة البيض غربي الجزائر إنه "يتوجب اعتبار الانتخابات الرئاسية الثانية بعد الحراك الشعبي السلمي العملاق فرصة لاستدراك الاختلالات المتعلقة بالعزوف السياسي وضعف نسب المشاركة، وضرورة التأكيد على البعد الوطني وحماية الوحدة الوطنية من التفكك والاستهداف ومعالجة إشكالية مقاطعة جهات مهمة من الوطن للانتخابات".

فيما وصف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الكريم بن مبارك في تجمع شعبي عقده السبت الماضي في منطقة تمنراست أقصى جنوبي الجزائر منطقة القبائل "بالعزيزة والأمازيغ الأحرار"، وقال إن "منطقة القبائل قدمت تضحيات جساماً في سبيل تحرير الوطن والحفاظ على وحدة الشعب ونسيجه الاجتماعي والثقافي".

ويعتقد مراقبون أن الظرفية السياسية بشكل عام تبدو مناسبة أكثر من أي وقت مضى لإحداث مصالحة انتخابية نسبية بين الناخبين في ولايات منطقة القبائل وصناديق الاقتراع، على الرغم من استمرار مشكلات الحريات والممارسة الديمقراطية. ويرى هؤلاء أن "الحزم الأمني" سيمنع المجموعات والحركات التي كانت تعترض مسار الاستحقاقات الانتخابية السابقة في المنطقة وتغلق مكاتب الاقتراع أو تعطل الحملات الانتخابية وتمنع الناخبين من التصويت، من الإقدام على أي حركة للتشويش على الانتخابات أو الضغط على الناخبين، خاصة مع صدور القوانين العقوبات الجديد.

وقال المحلل السياسي مالك عبيدي إنه "من المبكر الحديث عن توقع نسبة تصويت في المنطقة في ظل عدم كامل معطيات المسار الانتخابي المقبل بعد. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" إن "مواقف وتحركات الأحزاب السياسية المبكرة تندرج ضمن محاولة خلق نسيج انتخابي منسجم في كامل الوطن".

وحول منطقة القبائل، أشار عبيدي إلى "جملة من المعطيات التي قد تصب في صالح أن تكون هناك نسبة تصويت معقولة في الانتخابات الرئاسية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ظروف التي تجرى فيها الانتخابات هذا العام مختلفة عن ظروف عام 2019 حيث كان الحراك الشعبي في أوجه". وقال إن حركة المقاطعة للانتخابات لن يكون لها أي حضور او نشاط هذه المرة، "سواء لاعتبارات سياسية تتعلق بتفهم القوى السياسية ذات الثقل في المنطقة وأقصد جبهة القوى الاشتراكية، للظرف الوطني والإقليمي الحساس الذي تجري فيه الانتخابات، أو لاعتبارات ترتبط بإحكام السلطة قبضتها بشكل عام".
 
لكن بخلاف ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد ايوانوغان أنه "لا توجد مؤشرات تسمح بتوقع ارتفاع في نسبة المشاركة في الرئاسيات المقبلة". وقال ايوانوغان في حديث لـ"العربي الجديد" إن "منطقة القبائل لم تتعود حتى الآن على المشاركة القوية في الانتخابات، وحتى عندما ترشح ابن المنطقة سعيد سعدي، وهو رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في انتخابات عامي 1995 و2004، لم يكن هناك تصويت مكثف"، مضيفاً أنه "لا يوجد أي خطاب سياسي في الوقت الحالي كفيل بتجنيد الناخبين في المنطقة ورفع نسبة التصويت".