تونس: التهم المنسوبة إلى المعتقلين السياسيين تثير استغراب المحامين

تونس: التهم المنسوبة إلى المعتقلين السياسيين تثير استغراب المحامين

19 ابريل 2024
وقفة في فبراير للمطالبة بالإفراج عن المعارضين التونسيين (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في تونس، أثارت التهم الموجهة ضد نحو 40 معتقلاً سياسيًا في قضية التآمر على أمن الدولة استغرابًا واسعًا، حيث شملت الاتهامات تكوين وفاق إرهابي وتمويل أنشطة إرهابية، مما أثار شكوكًا حول صحتها.
- الدفاع والمعتقلون واجهوا تهمًا غريبة مثل التآمر مع منظمات دولية والتواصل مع دبلوماسيين، بناءً على مكالمات ولقاءات عادية، مما أثار جدلًا حول مصداقية الأدلة والنوايا وراء الاتهامات.
- هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين تعتزم تغيير تسميتها وتسعى للفت الانتباه إلى الانتهاكات والتعسفات في الملف، مطالبة بالإفراج الفوري واحترام القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

أثارت التهم والأفعال المنسوبة إلى المعتقلين السياسيين في تونس، في ما يُعرف بملف التآمر على أمن الدولة، والتي جرى في ضوئها ختم الأبحاث، استغراب هيئة الدفاع وعائلات المعتقلين والعديد من المختصين، حتى إن البعض منها أصبح محور تندّر على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامي سمير بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قرار ختم البحث في ما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة تضمن 144 صفحة، ويوجد نحو 40 متهماً (حُفظت التهم بشأن 12 آخرين)، وعلى الرغم من أن لكلّ شخص تهمه الخاصة، إلا أنه وُجِّهَت تهم لأغلب المعتقلين السياسيين تتضمن تكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية، والتبرع بأموال، أو جمعها، أو توفيرها، الغرض منها تمويل أشخاص، أو تنظيمات، أو أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية".

وأوضح أنه "وُجهت لغالبيتهم تهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي المرتبط بجرائم إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الخارجي المرتبط بجرائم إرهابية، وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة، والإضرار بالأمن الغذائي والبيئي، بما يخلّ بتوازن المنظومات البيئية أو ما يعرّض حياة المتساكنين للخطر، وتنظيم وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية".

وأشار إلى أنه "في إطار الحيثيات والأفعال المنسوبة، فإن هناك مسائل ستجعل من هذا القرار من النوادر، ولو نُشر القرار بأكمله فستبدو التفاصيل للجميع غريبة جداً، وكمثال على ذلك، نجد أن الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي تواصل مع شقيقه المظنون فيه رئيس جبهة الخلاص الوطني نجيب الشابي، وثبتت بعد التفحص نيتهما في قلب نظام الحكم، وهو ما يثير الاستغراب، وجاء أيضاً في ختم البحث أن عصام الشابي يتآمر مع ممثل منظمة العفو الدولية بتونس، والدليل أن عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك هو الذي منحه الرقم".

إلى ذلك، قالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامية دليلة مصدق، في تدوينة لها على صفحتها في موقع فيسبوك يوم الجمعة، إنه بعد 14 شهراً من الاتهامات، والتشويه، والكذب، والادعاء أن ملف التآمر جدي وفيه مؤيدات وتسجيلات وإثباتات حقيقية، وحتى وزير الخارجية (نبيل عمار) صرح بأن هناك ملفاً من الاستعلامات يؤكد التآمر، وبعد الاطلاع على ختم البحث أو ختم العبث الرديء، فهموا من هو الكاذب ومن هو الصادق، ومن تآمر على الدولة ومن غالط الشعب التونسي".

وأضافت مصدق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تهمة الانضمام إلى وفاق إرهابي، وعدم الإشعار بجريمة إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وارتكاب أمر موحش في حق رئيس الجمهورية، وُجهت إلى الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، ووُجهت تهمة الانضمام إلى وفاق إرهابي وعدم الإشعار بجرائم إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي ضد الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي، وعضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك، وآخرين بحالة فرار".

وأكدت مصدق أنه "بعد قرار ختم البحث، وُجهت تهمة تكوين وفاق إرهابي، والتآمر على أمن الدولة، وارتكاب أمر موحش في حق رئيس الدولة لكلّ من الناشط السياسي خيام التركي، ورجل الأعمال كمال لطيف، ووزير العدل السابق والمحامي نور الدين البحيري، وهو محال في قضية التآمر بحالة سراح". ولفتت إلى أن" بقية التفاصيل من لقاءات ومكالمات هي أفعال منسوبة إلى المتهمين لإثبات العلاقة بين عصام وجوهر أو نجيب الشابي، في محاولة لتبرير تهمة التآمر وتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي، في حين أنها أفعال عادية وليست جرائم، كالالتقاء بين عصام الشابي وممثل منظمة العفو الدولية، وهي منظمة معترف بها وموجودة في تونس منذ 70 عاماً".

وأشارت إلى أنه "نُسب مثلاً إلى شقيقها جوهر بن مبارك أنه التقى رئيس الشؤون السياسية في سفارة أميركا، وهذه ليست تهمة، بل لقاء عادي بين سياسي ودبلوماسي في إطار العمل السياسي". وأضافت المتحدثة أن "هناك معطيات كثيرة تثبت غياب الجدية ومدى هزلية الملف، ويمكن من خلالها القول إن الملف مثلما انطلق في 25 فبراير/ شباط 2023 بشهادات من دون إثباتات منقولة عن مخبرين تحت هوية (xxx)، انتهى بالشهادات نفسها وبالارتكاز عليها، وما تغيّر فقط هو أن هناك ناساً في السجن مدة 14 شهراً، وفي تقرير الختم تغيرت عبارة "ادعى المخبر" بعبارة "ثبت لدينا"، ولكن كيف؟ لا إثبات ولا أحد يعرف".

وبيّنت أن بعض "المعارضين المسجونين في قضايا أخرى لا علاقة لهم بملف التآمر، جرى حشرهم بطريقة غريبة، مثل نور الدين البحيري، المسجون بسبب تدوينة، والصحبي عتيق، المسجون في قضية حق عام مسقطة"، مؤكدة أن "هناك مسائل تثبت براءة المعتقلين، ولكن جرى استبعادها، حيث جرت الاستعانة بثلاثة مترجمين عيّنهم قاضي التحقيق لترجمة عبارة offices، وقالوا إنها تعني موظفين في السفارة وليس ضباطاً، ولكن جرت العودة إلى ترجمة فرقة الأبحاث، وهي خاطئة، وهناك عدة مغالطات، حيث قيل مثلاً إنه بالاطلاع على تقرير لجنة التحاليل المالية، لوحظ وجود تدفقات مشبوهة في حسابات المعتقلين، وهذا غير صحيح لأن اللجنة لم تقل ذلك، فباستثناء خيام الذي لديه معاملات مالية بحكم عمله (رجل أعمال)، فإن جوهر وبقية السياسيين لديهم مبالغ عادية متأتية من رواتبهم وتقرير اللجنة كان واضحاً"، لافتة إلى أن "الملف لا يحتوي على أي ربط منطقي بين الـ40 شخصية التي أُحيلت في الملف".

وكان يفترض، منتصف الليلة الماضية، الإفراج عن المعتقلين السياسيين بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، بعد انقضاء مدة إيقافهم القصوى المحددة بـ14 شهراً. وقال عضو هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيين المحامي مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أمس الخميس، إن المحكمة فعلاً لم تصدر اليوم (الخميس) أي قرار فرعي بالإفراج عن المعتقلين باستثناء قرار تأخير النظر إلى جلسة 2 مايو/ أيار، موضحاً أن "المحكمة لا يمكن أن تصدر قراراً بالإفراج طالما أن المحامين لم يتقدموا بطلب في ذلك، وهو ما لم يحصل لضيق الوقت"، مشيرًا إلى أن "ما تتحدث عنه هيئة الدفاع هو الإفراج الوجوبي الذي يستند إلى القانون ولا ينتظر أي تصريح قضائي ليُنفَّذ، وهو الفهم الصحيح الذي تقصده الهيئة".

"الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين تبحث الخطوات القادمة بسبب "فداحة الخروقات"

في موازاة ذلك، أعلنت هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس أنها قررت "الدّخول في مشاورات مكثّفة في إطار هيئة الدّفاع الموسّعة لتحديد الخطوات القادمة بما يتناسب مع فداحة الخروقات وحجم الانتهاكات".

واعتبرت الهيئة في بيان لها، ليل الجمعة، أن "خيّام التّركي في حالة احتجاز قسري منذ منتصف ليلة الجمعة، وكذلك انتهاء المدّة القصوى للإيقاف (محددة بـ14 شهراً) لبقيّة المعتقلين ليلة السّبت".

وأكدت الهيئة أنّ "دائرة الاتّهام 34 بمحكمة الاستئناف بتونس المتعهّدة بالملفّ المعروف بقضيّة "التّآمر" قد تجاهلت ما يفرضه عليها القانون من إعمال مقتضيات السّراح الوجوبي في حقّ المعتقل خيّام التّركي منتصف ليلة الجمعة، لانقضاء المدّة القصوى للإيقاف التّحفّظي.."، مطالبة بـ"تدارك التّعسّف الحاصل ضدّ خيّام التّركي وتعتبره محتجزاً خارج أيّ غطاء قانوني، وتؤكّد ضرورة احترام مقتضيات القانون المنظّم للمراحل التّمهيديّة للمحاكمة والإذن بالسّراح الوجوبي لكلّ من عصام الشّابّي وعبد الحميد الجلاصي وغازي الشّوّاشي وجوهر بن مبارك ورضا بلحاج بسبب انقضاء الآجال القصوى للإيقاف التّحفّظي".

وذكّرت الهيئة في بيانها بأن "تعمد مواصلة احتجازهم دون أي مسوّغ قانوني يجعل المسؤول عنه تحت طائلة الفصل 250 من المجلّة الجزائيّة الذي ينص على أنه يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من قبض على شخص أو أوقفه أو سجنه أو حجزه دون إذن قانوني، والفصل 252 من المجلة الجزائية الذي ينص على أنه يكون العقاب بالسّجن بقيّة العمر إذا تجاوز القبض أو الإيقاف أو السجن أو الحجز الشهر، وكذلك إذا نتج منه سقوط بدني أو انجرّ عنه مرض.. ويكون العقاب على هذه الجرائم الإعدام إذا ما صاحبها أو تبعها موت".

وتوجّهت الهيئة "بالتحيّة لعائلات المعتقلين السّياسيّين وجميع النّشطاء السّياسيّين والحقوقيّين الذين شاركوا مساء أمس في الوقفة التّضامنيّة مع عائلة خيّام التّركي التي توجّهت لسجن المرناقية على أمل الإفراج عنه"، داعية هيئة المعطيات الشّخصيّة إلى "القيام بزيارة عاجلة لسجن المرناقية للتثبّت من مدى مطابقة ظروف مقابلة المحامين لمنوّبيهم لمقتضيات القانون، والقواعد النموذجيّة الدنيا لمعاملة السّجناء المكرّسة بالمواثيق الدّوليّة".

وقرّرت الهيئة "تغيير تسميتها بداية من بلاغها القادم واعتماد تسمية "هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين المحتجزين قسريّاً"".