تونس: العدالة الانتقالية تستمع لشهادات في التعذيب والقتل بحضور مدير الأمن الرئاسي لبن علي

03 فبراير 2022
شاهد روى وقائع تعذيب قيادي بالنهضة حتى وفاته (Getty)
+ الخط -

نظرت الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية في تونس، اليوم الخميس، في قضيتي مقتل قيادي في مجلس شورى حركة "الاتجاه الإسلامي" (النهضة حالياً) عبد الرؤوف العريبي، الذي توفي في مقر وزارة الداخلية بعد تعذيب وحشي، وكذلك قتل الطالب عامر الدقاشي سنة 1991.

وحضر في القضيتين مدير الأمن الرئاسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، علي السرياطي، وكذلك المسؤول السابق في وزارة الداخلية محمد الناصر، وعبد العزيز البوزيدي، وهو شاهد على عمليات التعذيب، أُوقِف هو أيضاً، وسُجن في الفترة نفسها، وقدّم شهادته بخصوص التعذيب.

وقال البوزيدي إنه "كان موقوفاً في وزارة الداخلية، حيث عُذِّب أيضاً، وكانت هناك عدة مكاتب، وفي كل مكتب يوضع الموقوفون كل حسب تهمته"، مؤكداً أنه حضر تعذيب صديقه عبد الرؤوف العريبي بحكم انتمائهما إلى حركة النهضة حينها، مضيفاً أن "العريبي الذي كان عضواً في مجلس شورى النهضة، كان يعذّب في الغرفة رقم 9 بوزارة الداخلية".

وأوضح الشاهد أن "التعذيب كان وحشياً، وبمجرد أن علموا أنه وصديقه من النهضة ضُيِّق الخناق عليهما وكُثِّفَت الأسئلة عليهما، وخاصة العريبي، الذي كان في حالة يرثى لها جراء القمع والبطش الذي ناله"، مشيراً إلى أنه "مات ليلتها نتيجة التعذيب".

وبيّن أنهم استمعوا في الليل إلى بعض التحركات غير العادية وإلى جلبة وضجيج، ليتبين لاحقاً أن "الفقيد توفي تحت التعذيب في 12 مايو/ أيار 1991"، مؤكداً أن الغرف "كانت تضم 10 أشخاص ممن كانوا يُعذَّبون".

اختلاف درجات التعذيب

وأوضح البوزيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك اختلافاً في درجات التعذيب، كل حسب نوع الاعترافات التي يرغب الجلادون في الحصول عليها وانتزاعها، وكان التعذيب أيضاً بحسب تصنيف الداخلية للموقوفين، سواء كان قيادياً بارزاً أو وجهاً غير معروف"، مبيناً أنهم "كضحايا كانوا يعرفون جيداً الجلادين والمشرفين على التعذيب، من ذلك رئيس فرقة الاستعلامات والمسؤول بالداخلية والحاضر في جلسة اليوم محمد الناصر".

ولفت إلى أن "الناصر كان كثيراً ما يتوجه إليهم بالكلام البذيء، ويطالب بانتزاع اعترافات منهم، خاصة أنه يساري، وله كره إيديولوجي شديد للناشطين في حركة "الاتجاه الإسلامي" (النهضة)"، وفق قوله، مشيراً إلى أنه كانت ملابسهم تُنزَع، ويُعلَّقون في أثناء التعذيب، وأن الناصر كان يقول له: "طالما أنا موجود فلا يمكنكم فعل أي شيء، وأن نظام بن علي "لن يسقط"، فكان يرد عليه: لو كان كذلك لبقي الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة أيضاً".

وتابع الشاهد أنه "لم يقابل مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي سابقاً، ولكنه كان يسمع عنه الكثير، لكونه وراء عدد من عمليات التعذيب"، مبيناً أنّ السرياطي كان مديراً للأمن العسكري في 1991، وكان معروفاً جداً حينها، وقد بلغهم أنه "أشرف على قتل كاتبه الخاص الوكيل عبد العزيز المحواشي، الذي اتُّهم حينها بمحاولة الانقلاب على نظام بن علي، وتوفي نتيجة التعذيب بوزارة الداخلية".

وأكد أن "الفقيد كان معهم في ذات الزنزانة، ومن فرط التعذيب الذي طاوله لم يكن يقوى على الوقوف، حيث كان يُجلَب في لحاف، وقد كانوا كسجناء يضعونه على كرسي مهشم ليتمكن من الجلوس".

وبين المتحدث أنه "اختار تقديم شهادته في العدالة الانتقالية وفي الدائرة المتخصصة لكشف حقيقة الانتهاكات ولطلب المحاسبة لكل من أجرم وتورط في التعذيب والقتل".

حضور بعض "الجلادين"

من جانبه، أكد القيادي في حركة "النهضة" والمهتم بالعدالة الانتقالية، نجيب مراد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه حضر عشرات الجلسات، حيث استُمِع إليه كشاهد ومتضرر سابقاً بحكم سجنه وتعذيبه في التسعينيات، مبيناً أن هناك "حضوراً لبعض الجلادين خلافاً للسابق".

وأشار مراد إلى أن "السرياطي حضر في جلسة اليوم، ولكنه لم يُستنطَق، نظراً لغياب محاميه بسبب إصابته بكورونا"، مبيناً أن "السرياطي والناصر متورطان في القضيتين المعروضتين على أنظار المحكمة، وتُوجَّه إليهما تهم بالتعذيب والقتل".

المساهمون