الجولاني والمشروع المستحيل

الجولاني والمشروع المستحيل

03 مارس 2024
تدل التظاهرات في إدلب على السخط على "الهيئة" (العربي الجديد)
+ الخط -

يدل الحجم الكبير للتظاهرات التي خرجت في محافظة إدلب ضد حكم أبو محمد الجولاني، قائد "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، على السخط الشعبي الكبير على حكم الهيئة وقائدها، وطريقة إدارتها لمحافظة إدلب، القائمة على إقصاء كل من يخالف منهجها، وعلى قبضتها الأمنية التي استطاعت من خلالها كمّ أفواه المواطنين وزجّهم في معتقلات، يمارس فيها كل صنوف التعذيب دون الخضوع لمحاكمات عادلة.

ورغم أن من دعا للتظاهرات مجموعة من المسلحين الذين يعملون ضمن صفوف الهيئة، الذين اعتقلهم جهازها الأمني ووجه لهم تهم العمالة للنظام والتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، إلا أن الزخم الكبير لتلك التظاهرات، وخروج مئات المدنيين للتظاهر ضد الهيئة، يدلان على حجم القمع والتسلط اللذين كانت تمارسهما تلك الهيئة بحق المدنيين دون أن يتمكنوا من الاعتراض.

ودفعت قضية اعتقال المسلحين، المدنيين إلى كسر حاجز الخوف من تلك القبضة الأمنية، والخروج في الشوارع، للتعبير عن موقفهم الرافض لهذا المشروع الدخيل على الثورة السورية.

ويطرح هذا الأمر العديد من التساؤلات عن مدى قدرة مشروع الجولاني على الصمود في المنطقة، بعد سقوط ورقة الحامل الشعبي لحكمه، التي طالما سوّقها جهازه الإعلامي.

ولا يزال مشروع الهيئة، رغم كل عمليات التجميل التي قام بها الجولاني لتسويقه كجزء من الحل في المنطقة وكجزء من القوى المعارضة لنظام بشار الأسد، يشكل مشكلة أساسية للدول الداعمة للمعارضة، ويشكل ذريعة قوية لحلفاء النظام للقيام بعمليات عسكرية في المنطقة، بسبب تصنيف الهيئة كتنظيم إرهابي من قبل المجتمع الدولي.

إلا أن المشكلة الأكبر التي تهدد مشروع الجولاني داخلية، ترتبط بتكوين الهيئة نفسها، والتي بدأت تداعياتها تظهر حالياً من خلال الانشقاقات بين الأجنحة والتيارات الدينية والمناطقية التي تشكلها، والتي تمتلك القدرة على الفعل والتأثير داخل الهيئة.

ويبدو أن الجولاني لا يمكن له تجاوز عدد من القواعد الشرعية التي تقوم عليها الهيئة، والتي يصطدم بها مشروعه التجميلي. كذلك هناك التيارات المناطقية، التي تقف وراءها قيادات من الصف الأول في الهيئة، مثل التيار الذي يمثل مكونات المنطقة الشرقية من سورية والذي يقوده أبو ماريا القحطاني، والذي اتهمه الجهاز الأمني في الهيئة بالعمالة.

يضاف إلى هذا القادة الذين اتهموا بقضية العمالة، وأُفرِج عنهم. وقد ثبت أن عناصر التشكيلات التي يقودونها تدين بالولاء لهم، لأسباب دينية ومناطقية أكثر من ولائها للهيئة، الأمر الذي يجعل من مشروع الهيئة غير قابل للاستمرار على المدى البعيد، وربما ينذر بسقوط مشروعها على يد مؤسسيها قبل سقوطه على يد أعدائها.

المساهمون