الانتخابات الأميركية: تصحيحات في حملة ديسانتيس بعد التعثر

26 سبتمبر 2023
يتأخر ديسانتيس عن ترامب بفارق 40 نقطة (آنا مونيمايكر/ Getty)
+ الخط -

ضيّع حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الفرصة تلو الأخرى، في التغلب حتى الآن، على الزخم الذي يحظى به الرئيس السابق دونالد ترامب، منافسه الرئيسي داخل الحزب الجمهوري للوصول إلى البيت الأبيض.

وبقيت صورة ديسانتيس المترددة حيال الترشّح للانتخابات، وتجنّبه الردّ على هجوم ترامب، والذي يواجه معركة قضائية، عالقة في الأذهان، حيث يستمر مقطع فيديو بالتداول منذ إبريل/نيسان الماضي، يقول ديسانتيس فيه متجنباً الإجابة: "أنا لست... أنا لست مرشحاً، لذلك سنرى ما إذا كان ذلك سيتغير ومتى".

وبعد أشهر على بداية الحملة الانتخابية للرجلَين، يعترف حلفاء ومستشارون ومقربون من حملة ديسانتيس، بحسب وكالة "رويترز"، بأن إحجام الأخير في الأسابيع التي سبقت إعلان ترشحه، عن التعامل مباشرة مع ترامب الذي بدأ حملته بالهجوم عليه، كان أحد الأخطاء الاستراتيجية العديدة المكلفة للحاكم الجمهوري.

يأتي ذلك في وقت يستعد فيه الحزب الجمهوري بداية العام المقبل لانطلاق الانتخابات التمهيدية من ولاية أيوا ذات الأغلبية المحافظة والمتدينين.

فهم تأخر ديسانتيس عن ترامب في استطلاعات الرأي

ويعتبر 16 ناشطاً سياسياً ومتبرعاً مقرباً من ديسانتيس، أن فترة الـ10 أسابيع تقريباً، من منتصف مارس/آذار الماضي (قبل أول اتهام جنائي لترامب في نيويورك) حتى إطلاق حملة ديسانتيس في 24 مايو/أيار الماضي، هي فترة حاسمة لفهم سبب تأخر ديسانتيس اليوم بفارق 40 نقطة، عن ترامب، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته رويترز- إبسوس.

وخلال تلك الأسابيع، توسعت الفجوة بين ترامب وديسانتيس من حوالي 8 نقاط مئوية إلى 34 نقطة، وفقاً لموقع تحليل البيانات FiveThirtyEight. ومع اقتراب ديسانتيس الآن من منتصف الطريق لأول انتخابات تمهيدية في الحزب الجمهوري بولاية أيوا في 15 يناير/كانون الثاني المقبل، يتساءل العديد من الحلفاء عما كان يجب على الحملة القيام به بشكل مختلف.

ويقول مساعدو ديسانتيس إنهم أجروا بعض التصحيحات في مسار الحملة. واعتبر أحد المشاركين في استراتيجية حاكم فلوريدا الانتخابية أن "ما حدث هو أننا خلقنا هذا الفراغ من الضعف"، مضيفاً أنه كان يتمنى "أن يكون الحاكم قد أعلن ترشحه للرئاسة في وقت سابق".

استغل ترامب تأخر ديسانتيس بإطلاق حملته الانتخابية

في المقابل، لم يضيع ترامب ومساعدوه أي وقت في محاولة ملء هذا الفراغ، وشرعوا في استراتيجية إضعاف ديسانتيس لدى الناخبين الجمهوريين، لا سيما من خلال تصويره على أنه تهديد للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية (برنامج الرعاية الصحية لكبار السن) لأنه دعم إعادة هيكلة البرامج عندما كان عضواً في الكونغرس. حتى أن ترامب نفسه هاجمه في هذا الملف، أكثر من 40 مرة بين نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أطلق ترامب حملته، وأواخر مايو عند إطلاق حملة ديسانتيس.

وقال مدير حملة ترامب، كريس لاسيفيتا، لـ"رويترز"، "كان الرئيس (ترامب) عازماً على مهاجمة رون ديسانتيس في أقرب وقت ممكن"، مضيفاً أن حملة ترامب حاولت الاستفادة من حقيقة أن ديسانتيس كان في تلك المرحلة لا يزال غير معروف من قبل شريحة كبيرة من الناخبين الجمهوريين.

وفي مسعى لتصوير نفسه على أنه يستطيع أن ينجز شيئاً "من دون دراما ترامب"، تأخر ديسانتيس في إطلاق حملته حتى موعد جلسة إقرار المجلس التشريعي في فلوريدا، والذي يسيطر عليه الجمهوريون، مشاريع قوانين يمكنه استثمارها في حملته الانتخابية.

مراهنة ديسانتيس على مشاريع قوانين محافظة

وارتبطت بعض تلك المشاريع برؤية ديسانتيس المناهضة لـ"ووك"، أي اليقظة حول الإساءات العنصرية والتمييز، وبعضها الآخر بالسياسة المحافظة التي يتبعها. لكن الجلسة عُرفت حينها بأنها "جلسة مشروع قانون الإجهاض"، والذي أقلق بعض المانحين الرئيسيين، باعتبار أن قانون حظر الإجهاض المتشدد سيبعد الناخبين المعتدلين ويدفعهم لعدم التصويت لديسانتيس.

ووقّع ديسانتيس، في إبريل الماضي، على قانون يحظر غالبية عمليات الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، بعد أن وصف البيت الأبيض الإجراء بأنه "خطر ومتطرف"، فيما مرّر مجلس نواب فلوريدا القرار بموافقة 70 نائباً ومعارضة أربعين. وبالفعل، ففي أغسطس/آب الماضي قال رجل الأعمال روبرت بيغلو، وهو أكبر متبرع فردي للوبي "سوبر باك" الرئيسي المؤيد لديسانتيس، لـ"رويترز"، إنه سيقاطع الحاكم لأسباب من بينها موقفه من الإجهاض.

وقال مقربون من ديسانتيس إنه كان من الصعب في بعض الأحيان التوفيق بين استياء المانحين من حظر الإجهاض، ورغبة حملة ديسانتيس في جذب المحافظين الدينيين. والحملة تركز ثقلها في أيوا حيث يشكل الإنجيليون المحافظون والكاثوليك واللوثريون جزءاً كبيراً من قاعدة التصويت في الحزب الجمهوري.

لم يسع ديسانتيس للحصول على تأييد أي من المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الذين يمثلون فلوريدا

كذلك، فإن ديسانتيس، وفقاً لمطلعين، لم يسع للحصول على تأييد أي من المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الذين يمثلون فلوريدا، فيما كان ترامب يعمل على الهواتف ويستضيف المشرعين في مزرعته في مارآلاغو في فلوريدا، سعياً للحصول على دعمهم. وبحسب المطلعين، فإن فشل ديسانتيس في التحدث إلى هؤلاء المشرعين مباشرة ساهم على الأرجح في إعلان العديد منهم دعم ترامب.

إلا أن تعديلات استراتيجية ديسانتيس بحسب مساعديه، تشمل، بعد تجنبه الظهور على وسائل الإعلام الرئيسية، إجراء مقابلات متفرقة بانتظام للردّ على ترامب. ويميل الحاكم الجمهوري إلى إعطاء الناخب إحساساً أفضل على المستوى الشخصي من خلال هذه الاستراتيجية، التي تعتمد على "التجزئة".

من جهته، قال ديفيد بوليانسكي، أحد كبار مستشاري ديسانتيس لـ"رويترز"، "فقط كن ثابتاً. كن منضبطاً. تفوّق على المنافسة ونظمها. هذه هي الطريقة التي تفوز بها في ولاية أيوا، وهذا بالضبط ما نفعله".

(العربي الجديد، رويترز)

المساهمون