اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الخميس، أنّ تدمير المباني بشكل ممنهج والذي يؤكد خبراء ومنظمات حقوقية أن إسرائيل تقوم به في قطاع غزة بغرض إقامة منطقة عازلة، غير قانوني ويرقى الى "جريمة حرب".
وأشار المفوّض فولكر تورك في بيان إلى تقارير مفادها أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل داخل قطاع غزة لتدمير جميع المباني الواقعة على بعد كيلومتر واحد من السياج الحدودي مع إسرائيل بهدف إنشاء منطقة عازلة.
وقال تورك: "أؤكد للسلطات الإسرائيلية أن المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على قوة الاحتلال تدمير ممتلكات أشخاص عاديين، باستثناء الحالات التي يصبح فيها هذا التدمير ضروريًا جدًا بسبب عمليات عسكرية".
وحذّر من أنّ الهدف من إقامة منطقة عازلة لأغراض الأمن العام "لا يبدو متسقًا مع الاستثناء الضيق لـ"العمليات العسكرية" المنصوص عليه في القانون الإنساني الدولي".
وأضاف أنّ "التدمير الواسع النطاق للممتلكات، والذي لا تبرّره الضرورة العسكرية ويتمّ تنفيذه بشكل غير قانوني وتعسفي، يرقى إلى انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب".
وأشار تورك إلى أن مكتبه سجّل منذ أكتوبر/ تشرين الأول "دمارًا وهدمًا واسع النطاق تسبب به (الجيش الإسرائيلي) للمنشآت المدنية وغيرها".
وتشمل هذه المنشآت وفق قوله "المباني السكنية ومدارس وجامعات في مناطق لم يعد يدور فيها قتال".
وأشار إلى أن مثل هذا الدمار شوهد في بيت حانون ومدينة غزة بشمال القطاع المحاصر، وفي مخيم النصيرات بوسط القطاع، فيما ورد أن العديد من المباني السكنية قد هدمت في خانيونس جنوبًا في الأسابيع الأخيرة.
وتابع تورك: "لم تقدّم إسرائيل أسبابًا مقنعة لمثل هذا التدمير الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية".
وحذر من أن "مثل هذا التدمير للمنازل وغيرها من البنية التحتية المدنية الأساسية يؤدي أيضًا إلى ترسيخ نزوح المجتمعات التي كانت تعيش في هذه المناطق قبل تصاعد الأعمال العدائية".
وقال: "يبدو أن هدف ذلك أو أثره هو جعل عودة النازحين إلى هذه المناطق مستحيلة". وأضاف: "أذكّر السلطات بأن التهجير القسري للمدنيين قد يشكل جريمة حرب".
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصادر مصرية وإقليمية، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قولها إن إسرائيل أبلغت عدة دول عربية برغبتها في إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة، لمنع أي هجمات مستقبلية عليها، في إطار مقترحات بشأن القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
وذكرت ثلاثة مصادر إقليمية أن إسرائيل أبلغت جارتيها مصر والأردن، إلى جانب الإمارات التي طبّعت العلاقات معها في العام 2020، بهذه الفكرة.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الفكرة طُرحت أيضاً على السعودية، التي لا تربطها علاقات مع إسرائيل، والتي أوقفت مساعي التطبيع معها بوساطة أميركية بعد اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأكد مصدر مصري، لـ"العربي الجديد" في 17 يناير/ كانون الثاني الفائت، أن "هناك مخاوف من خطة إسرائيلية جديدة بشأن فصل شمال غزة وإقامة منطقة عازلة بين القطاع ومستوطنات غلاف غزة في الشمال، عن طريق إقامة منطقة ذات إدارة دولية منفصلة في الشمال، وعزلها عن باقي القطاع، ليصبح القطاع منحصراً فعلياً في الوسط والجنوب فقط".
وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي اندلعت فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من أن "جرائم حرب" قد تكون ترتكب في الحرب على القطاع.
وتحدّثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن عمليات تهجير قسري وعقاب جماعي واحتجاز رهائن خلال الحرب. وقالت الناطقة باسم المفوضية رافينا شمداساني، في مؤتمر صحافي في جنيف: "نحن قلقون من أن تكون هناك جرائم حرب ترتكب. إننا قلقون حيال العقاب الجماعي لأهالي غزة...".
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)