اعتقالات وإقامات جبرية في مناطق سيطرة الحوثيين

اعتقالات وإقامات جبرية في مناطق سيطرة الحوثيين

20 مايو 2024
مسلحون حوثيون في صنعاء، مايو الحالي (خالد عبدالله/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في 24 إبريل، تعرض البرلماني اليمني أحمد سيف حاشد لتسمم أدى لجلطة وانسداد في الشريان، مما استلزم عملية قسطرة وتركيب دعامة بصنعاء، ويواجه صعوبات بالعلاج تحت سيطرة الحوثيين.
- الحوثيون لم يستجيبوا لمناشدات السماح لحاشد بالسفر للعلاج، رغم إعرابه عن إحباطه وتلقيه إشارات إيجابية للسفر برًا، مفضلًا السفر جوًا لأمان أكثر.
- تزايد التوتر في مناطق سيطرة الحوثيين مع فرض الإقامة الجبرية على البرلمانيين والسياسيين، واعتقالات لقيادات المؤتمر الشعبي العام، فيما ينفي الحوثيون هذه الإجراءات مدعين دعمهم لحاشد وآخرين.

في 24 إبريل/نيسان الماضي، تعرض البرلماني اليمني المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أحمد سيف حاشد للتسمم، وأُسعف إلى المستشفى في صنعاء، وأُجريت له عملية قسطرة ودعامة للقلب. وبحسب حاشد فالجلطة التي أصابته كانت حديثة وليست مزمنة، والانسداد كان 100 في المائة في الشريان الرئيسي. وحتى اليوم ما زالت بعض الشرايين مغلقة، ويحتاج حاشد للرعاية الطبية والسفر خارج البلاد لتلقي العلاج، وهو الأمر الذي كانت سلطات صنعاء التابعة للحوثيين تتعنت فيه حتى إنها تفرض الإقامة الجبرية على حاشد، كما تفرضها على بقية النواب والسياسيين والناشطين والمشايخ والعسكريين والفاعلين في الدولة.

وأطلق سياسيون وصحافيون وناشطون مناشدات تطالب جماعة الحوثيين بإنقاذ حاشد دون جدوى. ونقل حاشد قضيته إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وغرد على منصة إكس قائلاً: "في موضوع سفري للعلاج أشعر بمماطلة غريبة، أشعر أن هناك من ينتظر شيئاً ما، أو يدبر أمراً أكثر ريبة. لم أعد أطلب من سلطة صنعاء مساعدة، فقط أريد أن تسمح لي بالمغادرة، أو سأغادرها من دون إذن. ربما أغادر صنعاء فجأة، وأحمل سلطة صنعاء المسؤولية عما سيحدث لي". 

وعقب ذلك، أعلن حاشد عبر منصة اكس تبلغه من نائب رئيس مجلس النواب في صنعاء التابع للحوثيين، عبدالسلام هشول، أن وزارة الداخلية التابعة للجماعة لا تمانع سفره براً "حال رغبتي، وسيتم إبلاغ العمليات بذلك متى رغبت، فشكرته، وأبديت رغبتي بالسفر جواً من مطار صنعاء لأمان أكثر"، معرباً عن أمله في أن يجد المختص في إصدار الجوازات في صنعاء. بعدها قال حاشد أمس الأول الجمعة إنه لم يتسلم بعد جواز سفره للسفر إلى الخارج.

ويعد حاشد واحداً من عشرات البرلمانيين الذين تفرض عليهم جماعة الحوثيين الإقامة الجبرية، وتمنع مغادرتهم صنعاء، خاصة بعد انشقاق عدد من القيادات العسكرية والمدنية وانضمامها للشرعية، بينهم وزراء، أبرزهم وزير الإعلام في حكومة الحوثيين عبد السلام جابر في 2018. وعقب فض التحالف بين الحوثيين والرئيس الراحل علي عبدالله صالح في ديسمبر/كانون الأول 2017، ومغادرة عدد من القيادات العسكرية والمدنية الموالية لصالح مناطق سيطرة الحوثيين كثفت الجماعة من إجراءاتها الأمنية المفروضة والإقامة الجبرية على قيادات وأعضاء حزب المؤتمر، وهو ما يستمر إلى اليوم.

اعتقالات في مناطق سيطرة الحوثيين

وفي السياق، دان مصدر مسؤول في المؤتمر الشعبي العام تحدث، لـ"العربي الجديد"، إقدام المليشيا أخيراً على "شن حملة اعتقالات في مناطق سيطرة الحوثيين طاولت العشرات من قيادات وعناصر المؤتمر، بينهم أعضاء في اللجان الدائمة الرئيسية والفرعية في العاصمة المختطفة صنعاء وباقي المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها". وأكد المصدر أن "مليشيا الحوثيين تفرض رقابة صارمة على ما تبقى من قيادات المؤتمر الشعبي العام بمناطق سيطرتها من الصفين الأول والثاني، وعدد من البرلمانيين والشخصيات السياسية والقبلية، وقيادات سابقة في الدولة، وتفرض على عدد منهم الإقامة الجبرية، وتمنعهم من السفر، وتفرض عليهم إجراءات معقدة، وضمانات لمن يستدعي وضعهم الصحي السفر للخارج لتلقي العلاج".

حزام الأسد: لا يوجد فرض إقامة جبرية ولا اعتقالات للسياسيين في الداخل

وأشار المصدر إلى أن "هذه الممارسات الإجرامية، والتي وصلت حد إجبار مليشيا الحوثيين لأهالي المخفيين قسراً، من السياسيين والصحافيين والإعلاميين والحقوقيين والنشطاء، على الصمت، وتهديدهم بإجراءات إضافية في حال تناول هذه الجرائم عبر وسائل الإعلام، تؤكد أنها مليشيا إرهابية ترفض مبدأ الشراكة، ولا تقبل التعايش مع أحد، وتنتهج القوة والعنف والإرهاب لتكريس سيطرتها، ولا تلقي أي اعتبار لحقوق الإنسان".

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين حزام الأسد، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يوجد فرض إقامة جبرية ولا اعتقالات لأحد من السياسيين في الداخل، والجميع يعمل بروح الفريق الواحد لمواجهة العدوان وإسناد أهلنا في غزة. ومن يسوق لهذا الحديث هم أولئك الذين شنوا عدوانهم على اليمن طيلة 10 سنوات بحجة الشرعية، ثم ما لبثوا أن احتجزوا تلك المسميات بعد أن استخدموها مطية". وأضاف الأسد أنه "بالنسبة للنائب أحمد سيف حاشد فهناك اهتمام كبير من قبل القيادة بعلاجه وسفره، لولا الحصار والقيود المفروضة على البلد، وإغلاق مطار صنعاء الدولي من قبل دول التحالف إلا لوجهة واحدة وعدد قليل من الرحلات، ومع ذلك فالترتيبات جارية لنقله للعلاج في الخارج".

السياسيون باتوا رهائن

المحلل السياسي وسام محمد قال، لـ"العربي الجديد"، إن "السياسيين في صنعاء وفي مناطق سيطرة الحوثيين عموماً باتوا بمثابة رهائن، لا يستطيعون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، فإما أن يكونوا مؤيدين لجماعة الحوثي أو ملتزمي الصمت، وفي حال انتقدوا الفساد يجري اعتقالهم واختطافهم وتلفيق التهم لهم". وأوضح أن الحوثيين استخدموا عنوان "العدوان" لإرهاب كل من لا يؤيدهم، وبعد عودة المفاوضات مع السعودية، عقب مصالحة الأخيرة مع إيران، تلاشى مصطلح "العدوان" وتلاشى أثره، وتصاعد السخط ضد سلطات الحوثيين، لهذا كان الحوثيون بحاجة إلى عنوان جديد، و"اليوم أصبحت تهمة التصهين هي البديل، فأي معارض أو صاحب رأي يُتهم بأنه متصهين".

وسام محمد: أصبحت تهمة التصهين البديل عن عنوان العدوان لإرهاب من لا يؤيد الحوثيين

وأكد محمد أن "الحوثيين يفرضون نوعاً من الإقامة الجبرية على السياسيين الذين لديهم موقف من سلطتهم، بما في ذلك المرضى، وإذا سُمح لأي شخص بالسفر فالأمر يكون بعد ضمانات، وتحت نظر جهاز الأمن والمخابرات، ولعل هذا يعكس خوف الجماعة، ويكشف مدى هشاشتها، فهي تخاف من أي صوت معارض، وتخاف أكثر من أصحاب الخبرة السياسية، فخروجهم من تحت قبضتها وتحررهم من رقابتها، قد يجعلهم يتحدثون عن كل ما عاشوه، الأمر الذي سيؤلب الناس ضد الجماعة".

من جهته، قال الصحافي همدان العلي، لـ"العربي الجديد"، إنه يتم "فرض الإقامة الجبرية على قيادات المؤتمر في مناطق سيطرة الحوثيين لأن الجماعة ترى أن المؤتمرين ما زالوا ملتصقين بالجماهير، وتجد أن المؤتمر، وإن كان في ظروف صعبة وقاسية، وحالة الضعف التي يعيشها جراء الاستهداف الممنهج من قبل جماعة الحوثي، ما زال لديه جماهير ويستطيع التأثير".

وأشار إلى أن "جماعة الحوثيين قامت بما يمكن تسميته بالتطهير الحزبي، واستهدفت كل الأحزاب اليمنية، لا سيما المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، وكل الأحزاب بما فيها اليسارية، حيث تعرضت القيادات العليا والمتوسطة لاستهداف ممنهج في مناطق سيطرة الحوثيين مثل التصفية والسجن ومصادرة الأموال والملاحقة والتحريض والاجتثاث من داخل مؤسسات الدولة، وعملية اختطاف الناشطين والقيادات المؤتمرية جزء من هذه الحالة". وبرأي العلي فإن "جماعة الحوثيين تدرك أن الكثير من السياسيين والقياديين، سواء كانوا حزبيين أو قبليين أو عسكريين أو دينيين، بمجرد أن يتحرروا من القيود المفروضة عليهم من هذه الجماعة، سيتحدثون عما يمارسه الحوثيون من جرائم وانتهاكات، ولهذا تقوم هذه الجماعة بتقييد حركة هؤلاء الناس وتمنعهم من التنقل".