اجتماع جدة الوزاري... لا توافقات على عودة نظام الأسد للجامعة العربية

اجتماع جدة الوزاري... لا توافقات على عودة نظام الأسد للجامعة العربية

16 ابريل 2023
بن فرحان مستقبلاً المقداد في جدة، الأربعاء الماضي (رويترز)
+ الخط -

لم يخرج اللقاء التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم في الأردن ومصر والعراق، والذي عُقد ليل الجمعة - السبت في مدينة جدة السعودية، بقرار واضح حول إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية في ظل اعتراضات من دول عربية، ورفض غربي للتطبيع مع رئيس النظام بشار الأسد.

اجتماع جدة يغيّب القرار 2254

وفي حين أبرز اجتماع جدة الاتفاق على ضرورة وجود دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة السورية، فإنه خلا من الإشارة إلى القرار الأممي 2254 كأساس للحل، مع التشديد على ضرورة العودة الآمنة للاجئين ومكافحة "الإرهاب".

وذكر البيان الختامي للاجتماع، أنه "تم التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدة سورية، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي، بما يحقق الخير لشعبها".

وأكد الوزراء وفق البيان، أن "الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهائها، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود".

أبرز بيان جدة ضرورة وجود دور قيادي عربي في جهود الحل

واتفق الوزراء على "أهمية حلّ الأزمة الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سورية، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية".

وأكد الوزراء "أهمية مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، وأهمية قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة سورية على أراضيها لإنهاء تواجد المليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري".

دول عربية معارضة

ويشير عدم الاتفاق على قرار حول إعادة النظام للجامعة العربية، إلى أن الجهود القائمة لذلك لا تزال تلقى معارضة من دول عربية. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد نقلت عن مسؤولين عرب، أن خمسة أعضاء على الأقل من الجامعة العربية، من بينهم المغرب والكويت وقطر واليمن، يرفضون إعادة النظام السوري إلى المجموعة، مضيفين أن مصر أيضاً التي أحيت العلاقات مع النظام في الأشهر الأخيرة تقاوم القرار.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل لقاء جدة، أن على النظام الالتزام بالحل وفق القرار 2254، وذلك في مؤتمر صحافي جمعه بنظيره التركي مولود جاووش أوغلو في أنقرة. وفي معرض حديثه عن الشأن السوري، قال شكري إنه أطلع نظيره التركي على زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد إلى القاهرة (الأول من إبريل/نيسان الحالي)، ليردف بالقول إن على "الحكومة السورية (النظام) ضرورة الوفاء بقرار مجلس الأمن رقم 2254 وإيجاد مسار سياسي يضم كافة الشركاء السياسيين يؤدي لإزاحة شوائب الماضي والإقدام على مستقبل أكثر إشراقا وضرورة عودة اللاجئين السوريين للعودة لبلادهم".

وسجلت قطر كذلك موقفاً معارضاً لتعويم النظام. وأكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن "أسباب تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية ومقاطعة النظام السوري لا تزال قائمة".

وأضاف في مقابلة مع تلفزيون قطر، الخميس الماضي: "صحيح أن الحرب في سورية قد توقفت، ولكن الشعب السوري لا يزال مهجراً، هناك أناس أبرياء في السجون، هناك أمور كثيرة، نحن لا نريد فرض حلول على الشعب السوري، الشعب السوري هو من يجب أن يتوصل إلى حلول، ويجب أن يكون هناك حل سياسي للأزمة السورية. دولة قطر قرارها كدولة، منفرد، وهو ألا تتخذ أي خطوة إذا لم يحصل تقدم سياسي وحل سياسي للأزمة، هذا هو الموقف الذي تتمسك فيه دولة قطر".

وتابع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري بشأن مساعي عودة سورية إلى الجامعة العربية، أنه "لا شي موجوداً على الطاولة، كلها تكهنات".

هذا الاعتراض من بعض الدول العربية، له مثيل في الغرب، لا سيما من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ففي أول تعليق أميركي على زيارة المقداد إلى السعودية الأربعاء الماضي، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية، إن "موقف بلاده واضح".

وتابع كما نقلت قناة "الحرّة" الأميركية: "لن نقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد في غياب تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الأساسي". وأضاف: "لقد أكدنا للشركاء الإقليميين الذين يتعاملون مع النظام السوري أن الخطوات الموثوقة لتحسين الوضع الإنساني والأمني للسوريين يجب أن تكون على رأس أولويات وفي صلب أي تواصل مع النظام".

القربي: بيان جدة يتناغم مع سياسة خطوة مقابل خطوة لبيدرسن

وتعليقاً على بيان اجتماع جدة، رأى المحلل السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاجتماع "يؤكد أن هناك مقاربات جديدة للتعامل مع الملف السوري على الأقل من الدول العربية"، مضيفاً أن "بيان جدة يتناغم مع سياسة خطوة مقابل خطوة التي طرحها المبعوث الأممي غير بيدرسن، وفي اللاورقة الأردنية التي قدمت إلى واشنطن في 2021". وأشار إلى أن التوجه الحالي "يقوم على تقديم الملف الأمني والإنساني على الملف السياسي". وتابع: "هناك تجاهل كامل للقرار 2254 الدولي في بيان جدة، وهذا مكسب كبير للنظام". وبيّن أيضاً "وجود تجاهل للمعارضة السورية في البيان".

وأشار القربي إلى أن بيان جدة دعا إلى عودة "آمنة" للاجئين وليس "طوعية"، واعتبره "مسايرة لرؤية الروس والنظام للحل في سورية، ما يمهد لحل شكلي وتجميلي للنظام عبر حكومة (وحدة وطنية) من دون كتابة دستور جديد أو إجراء انتخابات، وعدالة انتقالية، ومن دون انتقال سياسي يمثل قطيعة مع مرحلة الاستبداد".

من جهته، قال عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، إبراهيم جباوي، لـ"العربي الجديد"، إن "بيان جدة تجاهل القرار الدولي 2254 ووجود المعارضة التي اعترفت بها الأمم المتحدة"، معتبراً أنه "يخدم الاستبداد والمستفيد الأول منه النظام والإيرانيون".

وكانت وكالة "رويترز" ذكرت قبل اجتماع جدة أن الأردن يدفع بخطة سلام عربية مشتركة يمكن أن تضع حداً لتبعات الصراع السوري المدمرة. ونقلت الوكالة عن "مصدر مسؤول" أن عمّان اقترحت تشكيل مجموعة عربية مشتركة "تتعامل مع الحكومة السورية (النظام) مباشرة بشأن خطة مفصلة لإنهاء الصراع". وأضاف أن "خريطة الطريق التفصيلية تتناول جميع القضايا الرئيسية... وحل الأزمة حتى تتمكن سورية من استعادة دورها في المنطقة والانضمام مجدداً إلى جامعة الدول العربية".

وقال المسؤول إن اتباع نهج "خطوة بخطوة" في إنهاء الأزمة والسماح في نهاية المطاف لسورية بالعودة إلى الجامعة العربية يمثل أساس خريطة الطريق التي يدفع بها الأردن. وقال المسؤول إن الأردن أطلع واشنطن ودولاً أوروبية رئيسية على الخطة، مضيفاً أن هناك قضية رئيسية يتعين معالجتها هي عودة ملايين اللاجئين، وكثير منهم يخشى الانتقام. وتابع أن الحصول على دعم الغرب حاسم لإنهاء الأزمة وكذلك رفع العقوبات الغربية عن دمشق لتمكين عملية إعادة إعمار ضخمة للبلد الذي مزقته الحرب وتلبية احتياجاته الإنسانية.

ورأى الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" ياسين جمول، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المبادرة الأردنية "لن تنجح إلا في حدود دنيا ولن تستمر"، مضيفاً أن "فتح الحدود السورية الأردنية أدى إلى تدفق المخدرات إلى الأردن". واعتبر أن "الدولة السورية لم تعد كما كانت، وقرار النظام ليس في جيب واحد، وهو عاجز عن إخراج إيران من سورية أو حتى إضعاف مليشياتها".

المساهمون