تعليقات عابرة

تعليقات عابرة

31 يناير 2015
+ الخط -
رد حزب الله، كما توقع بعضهم، على ضربة القنيطرة. إعلامه ذكر سقوط 17 قتيلاً وضباط كبار، بينما الطرف الإسرائيلي، تحدث عن قتيلين وبعض الجرحى. بعيداً عن عقد المقارنات في حجم الرد، بالضربة المؤلمة التي تلقاها الحزب في مصرع أبرز قيادات أركانه، وفي ظل غياب القدرة عن معرفة أي من الإعلامَين أكثر مصداقية، أو كذباً من الآخر، لفتت الانتباه رسالة التهدئة، التي أوصلها الحزب عبر قوات المراقبة الدولية، أن هذا الرد هو الأخير ولن يتبعه شيء. بالتأكيد سيسعد الطرف الإسرائيلي بهذه الرسالة، حيث ستنتهي القصة على خير، وعلى طريقة الفنان حسن حسني في فيلم "البريء"، عندما أمر المجند سبع الليل (أحمد زكي) بصفع زميله، وما لبث بعدها أن أمر المجند المضروب أن يسترد كرامته ويرد الصفعة، "عشان تبقوا خالصين" كما قال حسن حسني، والذي إن أسقطناه على مشهد الواقع الحالي، لأكمل حديثه بلهجته المصرية لطرفي الخناقة قائلاً: "التفتوا لشغلكو المهم، عندكم شعوب عايزة تتقتّل وتتهجّر ويتمارِس عليها تطهير عرقي، في حمص وحلب، والقدس وغزة، ...".
سياسة تهويد القدس استراتيجية قديمة، تنفذها حكومة الاحتلال منذ نشأة الكيان العبري، تطبخ على نار هادئة، ويعرفها معظم المتابعين، تترجم على الأرض بسحب الهويات من المواطنين العرب وطردهم، وتمنع تمددهم السكاني الطبيعي، برفض إعطاء تراخيص البناء. أيضاً يتم تهميش المجتمع العربي وتدمير نظام التعليم والصحة وإيجاد بيئة تنعدم فيها فرص التنمية، مع فرض القيود والضرائب على المؤسسات التجارية العربية، ومصادرة العقارات والمباني، تحت بند قانون أملاك الغائبين، لقتل أي انتعاش ونمو اقتصادي فلسطيني. يضاف إلى ذلك إغراق شباب القدس في المخدرات والجريمة لإضعاف دورهم والقضاء عليه نهائياً. محصلة السياسة تلك تتمثل في إزالة الوجود العربي تماماً من القدس الشرقية، بمحو كل الأحياء العربية، بدايةً بإحاطتها بغلاف كامل من المستوطنات اليهودية، وعزلها جغرافياً، تمهيداً لإزالتها وإقامة متنزهات وأسواق تجارية، ووحدات سكنية يهودية، مخططات واضحة ومكشوفة، وموجودة في خرائط بلدية حكومة القدس اليمينية العنصرية. في المقابل، لا تبدو هناك أية خطة مضادة يعتمدها العرب، من خلال مؤسساتهم العديدة بمسمياتها المختلفة، من جامعه عربية، إلى مؤتمر إسلامي، أنتج من عقود لجنة تدعى "لجنة القدس"، لم يسمع أحد عن منجز أو خطة تخرج منها، لمواجهة سياسة التهويد. في دول العالم المتحضر، تعقد اللجان السياسية الرسمية، مؤتمراتها، وتنشر البيانات لتوضيح المنجزات الملقاة على عاتقها، كما تتعرض للمساءلة والتحقيق، من خلال أنظمة ولجان مراقبة أخرى، تقيّم دورها وتبيّنه للرأي العام، هل سمع أحد عن مؤتمر صحافي، أو بيان توضيحي للجنة القدس؟، كي تُفهِم فيه المجتمع العربي والمسلم حول العالم، ما أنجزته لتدعيم الصمود العربي في القدس؟ هل يفهم الحريصون على القدس سياسة السلطة الفلسطينية في هذا الصدد، من خلال مؤسساتها ولجانها المختلفة؟ لماذا يظهر كل هذا الفشل والتعتيم فيما يتم إنجازه على الأرض، إن وُجِد بالأساس، في مقابل مخطط تهويدي/صهيوني شرس يسير بنسق منتظم ومدروس؟ تبدو الخلاصة من ذلك كله أن القدس تتعرض لسياسة تهويد، تقابلها سياسة تهميش وفشل عربي- فلسطيني معتاد. لذلك، لن يستغرب أحد، في المستقبل البعيد أو القريب، (إن بقي الحال على ما هو عليه) إذا ما وجد القدس العربية قد مُحِيت تماماً، بمعالمها وأحيائها، وعنصرها العربي من الوجود. عندها قد يضطر الشاعر الفلسطيني، تميم البرغوثي، ليمحو أيضاً أيقونته الشعريه "في القدس"، لأنه، ساعتذاك، قد يخشى ألا يرى في مدينته، المسجد والكنيسة، ومدرسة الظاهر ومنبر الناصر، ليبقى فقط "مستوطنو مانهاتن وجنود من الأحباش وسيّاح شقرُ"، كما ذكر في قصيدة له.
avata
avata
سامر ياسر (فلسطين)
سامر ياسر (فلسطين)