الدببة النائمة على الصقيع

الدببة النائمة على الصقيع

28 يناير 2015
+ الخط -

من بلاد الدببة النائمة على الصقيع، حيث القلوب المتجمدة خلف أروقة السياسة، التي تحاكي واقعاً خياليّاً بعيداً عن عين الحقيقة، وما بين القاهرة وحضن النيل، أمس، وموسكو اليوم، انعقد منتدى موسكو الهزلي، بلا وزن أو قيمة، بحضور ما لا يزيد عن 20 شخصاً من ممثلي نظام الأسد، ومن يسمون أنفسهم معارضين، قدموا مع بعضهم يداً واحدة، وعلى طائرة واحدة، وتحت سقف مطالب مشتركة أيضاً، إلا أن الاختلاف كان فقط في درجة مقاعد الطائرة التي جلسوا عليها!
لا جديد يذكر ولا حل حقيقيّاً يقدّم، ثرثرة فارغة فوق دماء الشهداء ومواجع المكلومين، اختزال لعظمة الكارثة، وتقليل من قيمة المشهد، وقاحة طرح وقباحة وجوه.
والأسئلة التي تتوارد إلى الأذهان في ظل ما يجري في موسكو:
هل من يقرأ الوضع السوري بواقعه المعقد جدّاً، مازال يعتقد أن مثل هذه الحوارات أو المؤتمرات أو المنتديات تجدي نفعاً، وتساعد السوريين في الوصول إلى حلولٍ، تخلصهم مما هم فيه؟
لماذا بات المشهد يقتصر، في مثل هكذا حوارات، إن كان في القاهرة أو في موسكو، على شخصيات بلا وزن في الواقع، أو عند السوريين أنفسهم، وتقتصر على المعارضة التي تقفز وتظهر عنترياتها تحت السقف الذي حدده الأسد ونظامه؟
وهل انعقاد مؤتمري موسكو والقاهرة، على فترتين متلاحقتين وبشخوص مختلفة، لكنها تنتمي إلى التصنيف نفسه، مع غياب المعارضة الفعلية، كالائتلاف السوري، ككيان سياسي معارض جامع 80% على الأقل من أطياف المعارضة المختلفة، مؤشر لحالة من تنافر الرؤى الدولية تجاه الملف السوري، أو على حالة من الشد والجذب، ومحاولات فرض الأجندات بين الأطراف المختلفة؟ أو هي فقرة من لعبة تضييع الوقت؟ وهل تسعى هذه الأطراف، من خلال ذلك، إلى إزاحة الائتلاف عن الواجهة السياسية، وتشكيل جسم سياسي ينوب عنه من شخصياتٍ، تعتبر من جنود الأسد المخلصين في الخفاء، ترحب بجميع الحلول، وأهمها بقاء ‫‏الأسد‬ في السلطة؟
نجيب عن السؤالين السابقين، كالتالي، الأطراف التي ترعى هذه الحوارات وشخوصها والأصوات الدولية التي تؤيدها، لا تريد تقديم حل، بل تسعى، من خلال هذه الإبر المخدرة، إلى إعادة إنتاج الأسد مرة أخرى، وحصر الفاجعة السورية بالأزمة الإنسانية والإرهاب صنيعة الأسد نفسه. ‬
حركة مسارح متنقلة، كل فينة وأخرى، من بقعة إلى بقعة، تستعرض مشهداً تمثيليّاً هزليّاً بطولة ثلة من الأرجوزات، نسلط الضوء على عينة منها، ونذكر ما قالته إحدى الشخصيات الحاضرة في منتدى موسكو، أكدت أن سقف الائتلاف المعارض مرتفع جدّاً (وتقصد مسألة الحكومة الانتقالية ورحيل الأسد)، واعتبرته موجهاً من 11 جهاز استخبارات دوليّاً، وحصرت العمل الوطني تحت سقف محدد، وتقصد به السقف الذي حدده الأسد شرطاً لوجود مسمى معارضة في دولة البعث، كما أنها حاولت التنكر لوجود الثورة، وحصرتها بداعش والنصرة فقط.
وتبقى محاولات الالتفاف على الثورة، وإعادة تأهيل الأسد، مستمرة، كاستمرار النار في سورية والجليد في موسكو.

473CA940-B33A-413B-A5C0-670ECC3B2102
473CA940-B33A-413B-A5C0-670ECC3B2102
رجوى الملوحي (سورية)
رجوى الملوحي (سورية)