هل يحقق أردوغان مبتغاه؟

هل يحقق أردوغان مبتغاه؟

30 مايو 2016
+ الخط -
استقال أحمد داود أوغلو من رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة حكومة تركيا بهدوء، كما أمر أردوغان، وقد وصف مراقبون ومحللون كثيرون ما حدث بأنه انقلاب، وأن الاستقالة يجب ألا ينظر إليها شأناً حزبياً داخلياً، أو تغييراً روتينياً داخل حزب العدالة والتنمية التركي، بل بسببه سوف تتغير سياسة تركيا الداخلية والخارجية تغييراً شاملاً، فهناك من يعتقد خطأ، أن هناك خلافات كثيرة بين الرجلين حول الإدارة وكيفية اتخاذ القرار وأولوياته، وأن من الأسباب التي عمقت الخلاف أن تركيا دخلت فعليا في إطار النظام الرئاسي، وأصبح أردوغان يمارس سلطاتٍ لم يخولها له الدستور، ليتعدّى بها حدود كرسي رئاسة الدولة، أو بسبب اعتراض داود أغلو نتيجة ضعف نفوذه كرئيس للوزراء، وسحب فعلي لصلاحياته الدستورية، واقتصار عمله على إدارة عمل الوزراء، أو بسبب أن الرئيس رجب طيب أردوغان يسعى إلى تغيير الدستور، ويريد تحويل النظام السياسي في تركيا من برلماني إلى رئاسي، فأوغلو يعرف جيدا أن أردوغان هو الرجل الأقوى من دون منازع، وهو السلطان، يأمر فيطاع، ويعرف أيضا أنه لولا ترشيح أردوغان له ما أصبح رئيسا لحزب العدالة والتنمية.
اختار أردوغان داود أوغلو ليخلفه في رئاسة حزب العدالة والتنمية، عقب انتخابه رئيساً للبلاد في 2014، إذاً ما حدث هو إقالة وعقاب لأغلو، ليس لخلاف أو لإعتراضه على قرارات أردوغان كما يعتقد بعضهم، بل لفشله في تطبيق أوامر أردوغان وتنفيذها، فقبل انتخابات تركيا البرلمانية التي أجريت في 7/06/2015، منح أردوغان أوغلو الحرية في تحديد المرشحين والاستعداد للانتخابات، وكانت النتيجة أن فقد حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية التي تمكّنه من تشكيل الحكومة وحده، ما استدعى تدخل أردوغان مباشرة لينقذ الحزب، ليحقق الحزب في الانتخابات المبكرة التي أجريت في الأول من نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي فوزا ساحقا، ويحصل على نحو 50% من أصوات الناخبين، والتي مكّنته، مرة أخرى، من تشكيل الحكومة، كذلك فترة رئاسة أوغلو، تزايد فيها عدم الاستقرار بالنسبة لتركيا، ومنها فشله في تنفيذ فكر أردوغان وتوجيهاته في مواجهة الصراع المتصاعد مع المتمردين في حزب العمال الكردستاني، والهجمات من مسلحي داعش الإرهابية، بعد فقدان تركيا السيطرة عليهم، من دون أن ننسى فشل أوغلو في استغلال موجات الهجرة غير الشرعية من السوريين، والأفواج من المهاجرين واللاجئين عبر الأراضي التركية إلى أوروبا، كما خطط لها أردوغان، حيث اكتفى بعقد اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، للحد من عدد اللاجئين العابرين حدودها، نظير تسريع وتيرة المحادثات بين الجانبين لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والبدء في مفاوضات إعفاء الأتراك من تأشيرة دخول دول الإتحاد، والحصول على مساعدات مالية، فأردوغان كان يطمح في استغلال ورقة اللاجئين أفضل استغلال، أي مقابل قبول الأوربيين بتحويل النظام السياسي إلى الرئاسي.
أصبح أردوغان اليوم يملك مفاصل القرار في كل النواحي، فداخلياً يمتلك من الأساليب والمناورات التي تمكّنه تغيير الدستور، ويطمح إلى ذلك من دون اللجوء إلى استفتاء شعبي، أي الحصول على ثلثي أصوات البرلمان. بالفعل، كانت هناك بروفة عملية، أخرجها أردوغان بنجاح، تمهيداً لتحقيق ذلك، حيث تبنى البرلمان التركي في 20 مايو/ أيار الجاري قانونا يسمح برفع الحصانة عن 138 من نوابه، وشارك في التصويت 531 من أصل 550 نائبا يتألف منهم البرلمان التركي، ويكفي هذا العدد لإجراء تعديلات على دستور البلاد، من دون إجراء استفتاء شعبي، في مقدمتها أن يتحول الحكم الى رئاسي في تركيا، فهل يستطيع أردوغان أن يصل إلى حلمه ومبتغاه، ويصبح رجل تركيا الأول بقوة الدستور كما يريد؟
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)