المسلمون وعقدة نقص

المسلمون وعقدة نقص

08 فبراير 2016
+ الخط -
لو تأملنا في طبيعة الصراعات الدائرة في العالم، سنجد لها منطلقات كثيرة، وبغض النظر عن طبيعة المنطلقات، فإن المسلمين هم الفئة الأكثر تضرراً، حيث الدم المسفوك عربي إسلامي، وبأيدٍ عربية وتمويل من عربي ويدعي الإسلام. السؤال المطروح هنا: لماذا يا سادة يحدث هذا؟
سننقسم هنا لقسمين، قسم سيبرئ نفسه من التقصير، وينام في حضن نظرية المؤامرة الغربية على الإسلام، وأن الغرب وأهله يريد تدمير الإسلام، وآخر سيتلو على مسامعنا قول الله (قل هو من عند أنفسكم). وبالتدقيق في الإجابتين، يتضح أن لكل منهما درجة من الصحة والمنطقية، لكننا كثيراً ما نركن لما يعفينا من المسؤولية ونعقلها ونتواكل.
شخصياً، أميل للمزج بين الرأيين، بمعنى أن الغرب لم يكن ليتسلط علينا، لولا أننا أهنا ديننا قبله، فالدين ليس صلاة وصوماً فحسب، وليس احتفاء بذكرى المولد النبوي، على أهمية هذه الأمور وقداستها في الإسلام، بل هو دين يشمل كل مناحي حياة الإنسان.
النائم في حضن المؤامرة الغربية هو، في حقيقة الأمر، عاجز عن إحداث قفزة نوعية في الحياة الإسلامية، ولنفترض جدلاً صدق هذه النظرية، لماذا تسمح للعمل الإسلامي على أراضيها، وربما يتوفر للمسلم حرية فيها أكثر من دولته؟
يا عزيزي: أميركا لا يهمها دين الآخر، بقدر ما يهمها منه تحقيق مصالحها، فأميركا ضربت اليابان (ليست عربية ولا إسلامية) بقنابل نووية لا تزال آثارها إلى الآن، وأميركا تعادي كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا (ليسوا عرباً ولا مسلمين)، ولها تنافس مع دول أخرى، وشنت حرباً مع دول سنية كبيرة على العراق رغم أنه سني، ودعمت إسرائيل في حربها ضد حزب الله رغم أنه شيعي، ودعمت إسرائيل في حربها على غزة رغم أنها سنية، وتتحالف مع دول ومنظمات سنية وشيعية ضد دول ومنظمات سنية وشيعية لأن مصالحها تتطلب ذلك فالغاية عندها تبرر الوسيلة.
لست مدافعاً عن أميركا، بقدر ما يؤلمني أن نرى الخطأ فينا، لكننا نكابر ونصر على عنادنا، ولا أبرئها مما نحن فيه من وضع سيء، لكن سياسات الدول الكبرى لا تبنى على العواطف، كما يظن أغلبنا، بل هي مصالح ومواقف، وعلى الرغم من أننا، نحن العرب، نملك من الثروات ما يسيل له لعاب العالم كله، إلا أن الجوع والعطش والفقر والبطالة منتشرة بكثرة في بلادنا.
عجزنا عن نصرة الإسلام مرده تمزقنا وتشتتنا، الناتج عن سوء فهمنا صريح القول القرآني والنبوي. لذا، نحن نوهم أنفسنا بأن الغرب يريد تدمير الإسلام، لذا نمت فينا عقدة النقص تجاه الغرب، باعتباره يملك مفاتيح نجاتنا، فأصبحنا نغني لأميركا (أحبك جداً، وليس لدي بديل).
وهنا اللوم يوجه لعلماء الأمة الذين نفض أغلبهم يديه من الحديث في الأمور السياسية، مؤثراً السلامة، ويتكلم في أمور الحيض والنفاس.
3C21A7CA-1A58-492C-88A4-25F861318670
3C21A7CA-1A58-492C-88A4-25F861318670
مصطفى أبو السعود (فلسطين)
مصطفى أبو السعود (فلسطين)