من تهامة إلی أزمة الرواتب... تبّاً للحرب!

من تهامة إلی أزمة الرواتب... تبّاً للحرب!

07 نوفمبر 2016
+ الخط -
ربما أضحت أحاديث الحرب والسياسة روتيناً يومياً يتداولها الشعب اليمني بعد مرور نحو عامين علی بدايتها، باستثناء بعض الأحداث التي تفرض نفسها علی الاهتمامات اليومية لمواطن أنهكته الحرب، ولا تزال تفرز الكثير من هذه الاهتمامات التي لم تكن موجودة في السابق.
صور المجاعة القادمة من تهامة مخيفة بكلّ ما تحمله الكلمة من دلالات فرضتها الحرب، التي لا تزال تفرز المزيد من المشاهد المأساوية التي لم يعهدها اليمن من قبل، فالحرب متعدّدة الأبعاد، والتي تلتقي عند سبب واحد هو انقلاب الحوثي – صالح، ونتيجة واحدة هي المأساة المتزايدة كلّما طال الزمن.
يتحدث الناشطون عن مجاعة تتطوّر بشكل لافت علی طول ساحل تهامة الممتد من حجة شمالاً وحتی تعز جنوباً، في وقت يتحدّث فيه البعض عن ثورة جياع قادمة لا محالة وقودها أزمة رواتب الموظفين كما يعتقدون، لكن صور المجاعة ربما أصبحت الأكثر حضوراً في شواهد ثورة كهذه إن حدثت.
تتعالی أصوات الموظفين للمطالبة برواتبهم ولا يخفي عدد منهم التندر وافتعال النكت للتخفيف من شحنات الغضب ومرارة التدهور المادي الذي يخيّم عليهم، في حين عجز المواطنون في تهامة عن الهمس ولو بأصوات خفية تعبّر عن نكبتهم، واكتفوا بالاستسلام لشبح المجاعة التي وثقوها بأجسادهم المتهالكة التي رسمتها عدسات الكاميرا بشكل متأخر ربّما.
لا ينكر أحد أنّ الحرب أصبحت معقدة للغاية، ومرتبطة بمصالح أطراف داخلية وخارجية لا تقيم لمعاناة المواطنين المتفاقمة أيّ وزن أو اهتمام في سلّم أولوياتها بقدر ما تتسع شهيتها للمزيد من صور المعاناة القاسية، التي يتم تداولها بشكل يومي علی منصّات التواصل الاجتماعي.
أزمة الرواتب لم تكن سوی القشّة التي قصمت الظهر، إذا وضعنا في الاعتبار أنّ هؤلاء الموظفين لم تطاولهم تداعيات الحرب في الجانب المادي منذ اندلاعها، بعكس موظفي الأعمال الحرّة الذين لزموا بيوتهم مع أوّل رصاصة حرب لاهوادة فيها، قضت علی مصادر دخلهم بشكل لم يكن متوّقعاً.
رواتب الموظفين بشكل عام كانت بمثابة المصدر الوحيد للدخل لدی عدد من الأسر اليمنية، التي تضرّرت مصادر دخولها الأخری بسبب نيران الحرب، وهو ما يفسّر التذمر الكبير في الأوساط الشعبية علی امتداد رقعة الأرض اليمنية.
لا شك في أنّ الجميع يتفق علی ضرورة إنهاء الحرب وتبعاتها التي غالباً ما يدفع ثمنها المواطن البسيط، ولكنهم يختلفون أيضاً في مَن يقف وراء هذه الحرب، وإن كان معروفاً أنّ الأطماع الحوثية في السلطة الممزوجة برغبة صالح في العودة للحكم مجدّداً، كانت سبباً رئيسياً في ما تشهده اليمن منذ نحو عامين، ولا يختلف اثنان على أنّ نار الحرب أفرزت مآسيَ كثيرة لن يكون آخرها المجاعة المخيفة في تهامة أو توقف رواتب الموظفين، فالوقت لا يزال يتسع للعديد من المآسي طالما استمرّت الحرب وقتاً أطول.
19FC6C15-927F-41BA-96AD-BF13E96622C4
19FC6C15-927F-41BA-96AD-BF13E96622C4
منذر فؤاد (اليمن)
منذر فؤاد (اليمن)