ظاهرة اختفاء المعارضة

ظاهرة اختفاء المعارضة

30 يوليو 2015
+ الخط -
عند قراءتك الصحف والمجلات، وتصفحك مختلف الأخبار والمقالات، وعند مشاهدتك البرامج ومتابعتك لفضائيات، تجد انك أمام ظاهرة مثيرة وغريبة، انفردت بها بعض البلدان العربية، هي خلوها من المعارضة، ففى تلك البلدان، اختفت المعارضة فى ظروف غامضة.
فتجد الصحف والشاشات التي كادت تصرخ وتجهر بصريح السباب واللعانات والسخرية والنكات على أحد الحكام ، لا تتحدث اليوم سوى عن فتوحات الحكام الجدد، ومشروعاتهم وأمجادهم، وإن كانت في الخيال والأوهام.
تفتح الصحف، فتقرأ الرئيس يتفقد والرئيس يضع الحجر والرئيس يفتتح ، وعلى أغلفة المجلات الرئيس يقف ويجلس، يركع ويسجد، وتفتح الشاشات، فترى الرئيس يفرح ويحزن، يشكر ويشجب، كل الصحف تمدح الرئيس وأعوانه، وتقدس حركاته وأقواله، فلا تجد عنواناً فيه تعليق على خطأ ما بقراراته وأفكاره، ولن تجد اعتراضاً على تصريحاته وأفعاله، فتحتار أهذا الرئيس قامع وجبار، أم أنك تعيش فى بلد يحكمها ملاك لا يعصى الله ما أمره، ولا يخالف ضميره، ولا يضر شعبه، ملاك لايخطئ ولايعصى ولا يذنب. وقد تحتار ما إذا كان الإعلام تنازل عن واجبه تطوعا منه، ومساهمة في استحداث وصناعة منتج جديد من الفراعنة، أم أن الشعب تبرع بعقله، وأخذ يهلل للمدح، ويلعن المعارضة، وقد اختار خداع نفسه، ليحيا في الوهم، بدلا من مواجهة الظلم والاصطدام بالواقع المؤلم.
اختفاء المعارضة ظاهرة في ظاهرها الحياة الوردية، وفي باطنها مقتل الحرية وشهادة وفاة الديموقراطية، وهو صنيعة الأنظمة الشموليه التى تقصي كل مرآة تظهر أخطاءها، وكل عين تراقب أفعالها. واختفاء المعارضة هو اختفاء لصمام أمان المجتمع والنظام، وهو عنوان الفشل وأولى سطور الخلل والفساد، فبإختفاء المعارضة قد يخرج المجتمع عن مساره الديمقراطي، وينفجر البركان بعد كبت، لينقلب على الواقع بأي الطرق والأفعال، ومنها العنف والنزاعات والحروب والصراعات الداخلية، فيا لها من ظاهره لا تحمد عاقبتها، ولا يرجى بقاؤها.


avata
avata
محمد زكريا (مصر)
محمد زكريا (مصر)