داعش في "دافوس"

27 مايو 2015
+ الخط -
لم يكن تنظيم داعش مسجلاً على قائمة المدعوين لحضور المؤتمر الاقتصادي "دافوس" في منتجعات على شواطئ البحر الميت، إلى جانب مئات من كبار رجال الأعمال في الشرق الأوسط. لكن، كان لداعش، حسب المراقبين، حضور واضح في المناقشات التي جرت على وقع مشاعر القلق، خشية أن يفسد تمدد تنظيم الدولة الجهود الهادفة إلى تعزيز التجارة والاستثمارات والرساميل في المنطقة الملتهبة. 
على الرغم من تناول المديرين التنفيذيين المشروبات في شرفات تطل على البحر الميت في ليل غص بأنباء توسع "الدولة الإسلامية" في سورية والعراق، حيث كانت مخاوف من أن تصل إلى العاصمة الأردنية، عمان، قريباً، الأمر الذي عبّر عن نفسه في تجمع رجال الأعمال حول هاتف محمول لمعاينة خريطة تظهر الأراضي المتزايدة التي سيطر عليها التنظيم المذكور، وانضمت إلى الأراضي التي صبغت باللون البني على خريطة الشرق الأوسط.
"نحن هنا وعلى بعد 200 كيلومتر أصبحت داعش على الأبواب"، لا غرو فعشية انعقاد المؤتمر سيطر تنظيم الدولة على تدمر التاريخية في سورية، وقبلها بثلاثة أيام سيطر على الرمادي الاستراتيجية في الأنبار العراقية التي تفوق مساحتها مساحة ثلاث دول شامية، منها الأردن.
مسيرة سفر أقل من يوم بالسيارة هي المسافة التي تفصل الرمادي أو تدمر عن مكان المؤتمر الذي يخضع لإجراءات أمن مشددة لم تمنع تنفيذ تنظيم الدولة الهجوم الذي أودى بحياة نحو 21 مصلياً في أحد مساجد القطيف في السعودية.
خلق فرص عمل، وتوظيف الشباب الساخط الذين يستهويهم نهج المتشددين، باتت مجرد مقترحات لرجال الأعمال، ربما تكون متأخرة، لأن الحكومات جربتها بالفعل، ولم تفلح في تأخير ساعة الانفجار التي بدأت تدق في المنطقة.
وعلى الرغم من وجاهة هذه الأفكار، فإنها تأتي في مرتبة متأخرة على جدول رجال الأعمال، قياسا باهتمامهم بتبعات تعطيل طرق التجارة البرية للأردن مع العراق وسورية على خنق آمالهم في ازدهار تجارتهم في المنطقة، بسبب توسع تنظيم الدولة والحرب الدائرة في سورية. بينما تحتل خطط الأردن لتطوير قطاع السياحة، مصدراً رئيسياً من مصادر العملة الصعبة، ذيل سلم أولويات المؤتمر، أيضاً، بسبب المخاطر التي يشكلها تنظيم الدولة الإسلامية على فرص تنفيذ تلك الخطط.
ربما يكون الأردن قد نجا من الأزمة الاقتصادية، بفضل المليارات من المساعدات الأجنبية، إلا أنها قد لا تنجو من تنظيم الدولة الذي يقترب، حثيثاً، من حدودها، ويكاد يسمع هدير هتاف جنوده في صالونات عاصمتها.
الزواج الكاثوليكي للسياسة مع المال حال دون تأثر اقتصاديات دول الخليج، إلا أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية يهدد هذا الزواج بالطلاق الحتمي، لأنه يقوّض ثقة المستثمرين، ما يتيح للكآبة أن تنصب خيمتها القاتمة على مستقبل المنطقة.
يبدو أن ضفاف البحر الميت الذي نظم المؤتمر الاقتصادي على ضفافه أصاب المؤتمر بعدوى الموت في شرق أوسط يحترق، إلا أن الأردن ربما يهدئ من روعه قليلاً ويطمئن، لأن تنظيم الدولة ربما سيحتاج إلى السيطرة على بغداد أولاً.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)