تونس .. قروض التعمير والتطهير

تونس .. قروض التعمير والتطهير

25 مايو 2015
+ الخط -
عقد مجلس نواب الشعب في تونس جلسة عامّة يوم 19 مايو/أيار الجاري، صادق فيها على اتفاق قرض تكميلي بين الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه والبنك الدولي، قيمته 19 مليون يورو، مخصصة لمشروع تزويد المناطق الحضرية بمياه الشرب.

هذا هو حال تونس ما بعد التاريخ، حيث أصبح مدّ قنوات تصريف المياه بضع سنتيمترات تحت الأرض، يتطلب قرضا من الخارج، بعد أن كانت المياه في عصور ما قبل التاريخ تنقل من مدينة زغوان إلى تونس العاصمة، عبر قنوات تعلو سطح الأرض بعدّة أمتار.

هناك وزارة في الحكومة التونسية الحالية، اسمها وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي: تنمية تشهد الاعتصامات التي تعيشها البلاد من شمالها إلى جنوبها على نجاح "المنوال التنموي" في تونس من الاستقلال إلى اليوم، واستثمار يستجديه الحكّام من الخليج إلى المحيط، وتعاون دوليّ لم نرَ له أثرا إلا في مجال مكافحة الإرهاب.

وتعليقا على هذا القرض وغيره من القروض المقبوضة والموعود بها، قال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في تونس، ياسين إبراهيم، إنّه من الضروري التداين والقبول بشروط صندوق النقد الدولي، لتحقيق التوازن المالي للبلاد، توازن سبقتنا اليونان إلى "تحقيقه" وها هي تجد كلّ "الدعم"، لا من جنة الاتحاد الأوروبي، بل من أحزاب ترفع شعارات لم يعد لها أثر في الكتب، فما بالك في الواقع المَعيش.

قروض من الجارة الجزائر وأخرى من صندوق النقد الدولي: هذا هو المشهد المالي في تونس اليوم، قروض لا نعلم عنها شيئاً، عدا قيمتها، أمّا نسبة فوائضها فتختلف من مسؤول إلى آخر، فهي 2% عند هذا و7% عند ذاك، أرقام لا تعني المواطن البسيط في شيء، لسبب بسيط، هو أنه هو الآخر "خبير" في سياسة الاقتراض من البنوك المحلية، وبات "يلهث" لتسديد ديونه والاقتراض من جديد، لا لبناء بيت أو بعث مشروع، بل لملء قفته بخضروات الطبيعة لا غلالها أو لحومها.

قد يكون الاقتراض بغرض الاستثمار أحد الحلول للخروج من الأزمات الماليّة التي تُـميّز بلدان رأس المال، أما في بلدان "رؤوس النهب"، كما هو الحال في تونس، فإن الأموال التي تمُدّنا البنوك الدوليّة "قَطرة قَطرة" تصرف لسدّ عجز الميزان التجاري، أو لتسديد فوائض ديون سابقة.

"إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضّة": حكمة قالها سيدنا عمر منذ أربعة عشر قرناً، وعلى الرغم من هذا العمر المديد، مازلنا في تونس نتطلع إلى سماء لم تَجُـدْ علينا بالماء في حين اكتفى صُـنّاع القرار التنفيذي باستجداء القروض وعرضها على المجلس التشريعي للنقاش، والمصادقة في تطوّر ملحوظ لدور هذا المجلس الذي كان، فيما مضى، يجتمع للمصادقة فقط.
avata
avata
يوسف بوقرة (تونس)
يوسف بوقرة (تونس)