الأقصى مسؤوليتي

الأقصى مسؤوليتي

25 مايو 2015
+ الخط -
كانت فكرة إبداعية تلك التي أطلقها شيخ الأقصى، رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة 48، لتنظيم مسيرة "الأقصى مسؤوليتي" التي انطلقت من مسجد الشيخ عبدالله، في قلب حيفا باتجاه المسجد الأقصى، مشياً على الأقدام، للفت انتباه الأمة، شعوباً ومحكومين، لما يتعرض له الأقصى من مخاطر وتدنيس يومي من المحتل الصهيوني. 
انطلقت المسيرة يوم السبت، 9 مايو/أيار الجاري، من ساحة مسجد الشيخ عبدالله في حي الحليصة، والذي لم يكن يجد، في بداية ثمانينيات القرن الماضي، من يرفع فيه الأذان، أو يصلي فيه، وها هو المسجد، وبعد مرور 35 عامًا يمتلئ بالمصلين والرواد الذين ينطلقون في مسيرة "الأقصى مسؤوليتي"، "تأكيدًا منهم على وحدة المصير بين حيفا والقدس المباركة"، كما يقول الشيخ رائد صلاح.

ومن المؤشرات على النفوس الراقية والهمم العالية مشاركة الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في المسيرة، ليس كقائد ولكن كجندي، ماشيا على قدميه، على الرغم من كبر سنه، يسمع ويطيع لقائد المسيرة، سندباد طه.

وكان من بين المشاركين طفل صغير من مدينة حيفا، مشى في المسيرة على قدميه إلى جانب المسنين والكبار، على الرغم من أنه لم يمض عليه سوى خمس سنوات من عمره، ومع ذلك ظل صامدًا وصابرًاً.

استقبلت المسيرة في كل قرية ومدينة، كانوا يمرون عليها، بالتهليل والتكبير وأبواق السيارات وتوزيع المياه والحلويات على المشاركين، كما استقبلت بدموع العجائز وحنين المسنين والكبار وتمنياتهم ودعواتهم الطيبات.

كما استقبلت السماء المسيرة بأجوائها الغائمة، وهوائها العليل والمنعش، وبأمطارها التي تساقطت زخاتها الخفيفة عليهم، أكثر من مرة، لتغسل عنهم أدران وأوساخ الطريق، ليجدد فيهم الهمة والعزيمة، ويطهرهم من وساوس التبلد والكسل والخمول، في مشهد يذكّرنا بالمطر الذي غسل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في معركة بدر الكبرى.

ولكن، إذا كانت رسالة المسيرة رسالة عالمية، منطلقة من عالمية المسجد الأقصى ومكانته في نفوس الأمة والعالم، فهل وصلت الرسالة إلى الأمة المسلمة والعالم العربي والشعب الفلسطيني، عبر التغطية الإعلامية من مئات من وسائل الإعلام التي تحدثت عن هذه المسيرة، على امتداد كل أيامها فقط، أم كان يمكن أن تصل الرسالة بشكل أكبر وأبلغ وأعمق أثراً وتأثيراً.

ولكي تصبح الفكرة أكثر شمولية، ولا تحرم الملايين من عشاق المسجد الأقصى حول العالم من مسيرات النصرة للأقصى، ومن المشاركة في إيصال رسالة هذه المسيرة إلى كل الشعوب حول العالم، ولكي تصل رسالتها القوية والحازمة والرادعة إلى المحتل الصهيوني، ربما يجب علينا تطويرها:

- لتشمل الدعوة إليها جميع عشاق الأقصى حول العالم، ويكون إعداد المشاركين فيها بعشرات أو مئات الألوف.

- تنظم مسيرات غير متزامنة تحمل الاسم نفسه "الأقصى مسؤوليتي" في كل دول العالم العربي والإسلامي والأوروبي، ويدعى للمشاركة فيها كل مناصري الحق الفلسطيني ودعاة الحرية.

- أن تنظم مسيرات غير متزامنة في الضفة وغزة، وأن يحضر لمهرجانات استقبال كبيرة لها في مختلف مدن العالم التي تنطلق فيها، وأن تنقل فعاليات هذه المهرجانات، وببث مباشر، عبر وسائل التواصل الجديدة إلى مدينة القدس، لرفع معنويات أهلها وتثبيت صمودهم فيها.

- أن تنظم على مدار أيام المسيرات، فعاليات عن تاريخ القدس وحاضرها، والانتهاكات والمخاطر التي تتعرض لها كل يوم، في كل مدينة وكل قرية تصل إليها المسيرات، وفي مختلف الدول والأقطار التي تنظم فيها، وأن تتراوح هذه الفعاليات بين الأمسيات الثقافية والعروض المرئية، والمهرجانات الخطابية، ومعارض الصور، والأرقام والإحصاءات التي توثق هذه الانتهاكات والمخاطر.

وبذلك، يمكن أن نصنع للقدس، في كل يوم من أيام المسيرات وفي مختلف الدول والأقطار، مكانا ومكانة. ويمكن أن نجعلها تتصدر، ليس على مدار أيام المسيرات فقط بل وقبلها وبعدها، وسائل الإعلام المحلي والدولي، فضلا عن وسائل التواصل الجديدة، بحيث نجعلها حديث كل لسان ومحل تعاطف كل الأجناس، ومهوى كل القلوب.

وبذلك، يمكن أن تصل رسالة مسيرة "الأقصى مسؤوليتي" الرادعة، إلى العدو الصهيوني المحتل عن مجرد التفكير في المساس بالأقصى المبارك، فضلا عن إجباره على وقف انتهاكاته بحق القدس، مسجدا ومدينة ومرابطين وسكاناً.

فضلا عن تحفيز العالم عموماً، والعرب والمسلمين خصوصا، للعمل على تحريرها، فضلا عن دعم صمود أهلها، وتثبيتهم فيها شوكة في خاصرة العدو.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)