"يا عزيزي كلنا لصوص"

"يا عزيزي كلنا لصوص"

05 مارس 2015
+ الخط -

بعد سماع التسريبات من مكتب وزير الدفاع المصري السابق، عبد الفتاح السيسي، لنا أن نتخيل كم الفساد والهمجية التي تعيش فيها مصر منذ يوليو/تموز 1952، من رجال قالوا إنهم حموا مصر من كل الأخطار، لكنهم خانوا المؤسسة والوطن والجنود، بل وخانوا بعضهم، فينطبق عليهم أحداث رواية الكاتب الكبير، إحسان عبد القدوس "يا عزيزي كلنا لصوص"، والتي تمثل كم الفساد والتسلسل في السرقة والنفاق، فيحدثني أحد الجنود الذين يخدمون الوطن، ليس على الحدود لا. بل على شواطئ البحر الأحمر في إحدى القرى السياحية التي تملكها المؤسسة الكبيرة العريقة "خير أجناد الأرض"، عن الانحلال في شواطئها وكمية الإسفاف من رجال يظهرون على الشاشات كأنهم ملائكة، لكنهم في الواقع شياطين. يخبرني عن حجم التكاليف التي يدفعونها في بناء شاليهات للقادة العظام، وعن تكرار البناء والهدم وإهدار المال بلا رقيب ولا حسيب. وهذا كله حتى ترضى زوجات القادة وأبناؤهم. وعندما أخبرني عن الأسعار الفلكية للدخول إلى الشاطئ، فرحت لأنها ستدخل خزينة الدولة.
أخبرني أن السعر للمدنيين فقط 100 جنيه للشاطئ للفرد بدون الحصول على أي شيء، كمشروب أو غداء، والشاليه في اليوم الواحد 600 جنيه بدون مشروب أو أكل. لكنها تكون النصف عندما يكون النزيل من القوات المسلحة، من أبنائها وليس وافداً عليها، والجندي إلى "الصول" يحاسب كالمدني بالسعر نفسه. ومن ملازم إلى أعلى هم رجال القوات المسلحة. فزعت عندما أخبرني أن هذه الأموال ليس عليها ضرائب، وأن القرية معفاة من رسوم النظافة والكهرباء والمياه، وحتى الجمارك لا تدخل خزينة الدولة، بل تدخل خزينة القادة، وليس الجيش، لأن الجيش يأخذ من ميزانية الدولة أكثر من ثلث الميزانية، بالإضافة إلى المعونة الأميركية.
زادت دهشتي، عندما أخبرني عن علاقتهم مع بعضهم بعضاً، وعن المصالح والمجاملات التي يتبادلونها من دون رقيب أو إحساس بالمواطن الفقير الذي يحتاج رغيف الخبز، ويأتي قائد المؤسسة العظيم يحدث الناس عن التقشف "وشد الحزام"، هو وأبواقه الإعلامية. وما يزيد دهشتي حال بعض المواطنين البسطاء الذين خالت عليهم ألاعيب عبد الفتاح السيسي، عندما ألغى دعم التموين، وأعطى المواطن نقوداً بديلاً من السلع الأساسية التي يحتاجها كل بيت. تقول مواطنة مصرية: أدعو للسيسي، ادانا في التموين لبس وجبنه ومربى، مكناش بنشوفهم أيام "الإخوان". هي لا تعلم أن هذا الثراء، من وجهة نظرها، هو غش، فقد ألغى عنها دعم الرز والسكر والزيت والسلع التموينية الضرورية للحياة، وأعطاها للفرد مبلغاً شهرياً يقدر 15 جنيهاً، تشتري به كل محتويات الشهر من سلع، فلا تستطيع شراء السلع، فتشتري به عصائر وزبادي. ويزيد الاستغلال لها بمنحها كل عدة أشهر مبلغاً تشتري به سلعاً مجانية. ونسيت أن الدول كانت تدفع 70% من الدعم، والمواطن يدفع30% فقط، لكنه كان يأخذ أشياء كثيرة، وزهيدة الثمن، فيستطيع، ولو قليلاً، تخفيف الأعباء، أما اليوم فحال المواطن المصري يظهر على الوجوه في الصباح في الأماكن الفقيرة. وحال الأسياد يظهر على زجاج سياراتهم الفارهة. فأتعجب، وأقول: شر البلية ما يضحك.

 

 

avata
avata
محمود شوقي الشاعر (مصر)
محمود شوقي الشاعر (مصر)