عن الصراع في اليمن

عن الصراع في اليمن

01 ابريل 2015
+ الخط -
المشهد الصراعي داخل القبيلة الواحدة ناجم عن السعي إلى السيطرة على نصاب الزعامة/ الرئاسة من خلال إعادة إنتاج علاقات القبيلة وولاءاتها نحو المألوف تاريخياً ودينياً ومذهبياً. وإن الحركة الحوثية استطاعت تجييش الوضع الزيدي، لجهة استعادة دعاوى النسب القرشي والفاطمي، في مسعى إلى استعادة الدور والموقع.
وبناء على هذا الواقع، نرى تحالف الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مع الحوثيين، وتسلمهم كل القوى والفرق العسكرية التي أسقطت اليمن بالقوة، وهو الذي خاض ضدهم ست حروب طاحنة، واليوم يخوض الحرب السابعة متحالفاً معهم. فإن الهدف الرئيسي للزيدية هو المحافظة على الرئاسة التي يجب أن تبقى في يد الأقلية الزيدية، إضافة إلى عامل الانتقام من كل الذين أسقطوا عرشه، وتآمروا على سلطانه، بمن فيهم بيت الأحمر أنفسهم، الذين كانوا حلفاءه في المذهبية والسلطة.
وهذا ما ينطبق، فعلياً، على رفض الحوثيين قرارات الحوار الوطني، ومنها تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وحاولوا أن يغازلوا الرئيس عبد ربه منصور هادي، في رسائلهم المبطنة، بأن يلغي قرار الحوار الوطني باعتماده والإبقاء على إقليمين، واحد في الشمال يسيطرون عليه وإقليم في الجنوب، ويتركون السلطة للرئيس هادي ولنجل صالح الذي كان يدير الأمور سراً. ولكونهم كانوا يتصورون أن الرئيس الجنوبي يمكن إقناعه بالعمل وفق أجندتهم، وعندما فشلوا انقضوا عليه، وحاولوا تحجيم سلطته.
ربما استخدم هادي الوجود الحوثي للتخلص من تركة حركة الإخوان المسلمين و"حزب الإصلاح" التي كانت متمسكة برئاسة الوزراء، ولها خمسة وزراء، في ظل إنهاء دور الإخوان في الدول العربية كافة، وتحديداً دول الربيع العربي، وبالفعل، ما أجبر الرئيس السابق على الاستقالة من مركزه، والتوجه بها إلى الشعب، وليس للرئيس.
أما عن التأثير الإيراني في المشهد اليمني، فيرى الباحث أن إيران لم تستغل، وحرسها الثوري، حالة التنوع الحاصل في اليمن فحسب، بل استغلت هذه الحالة في لبنان (مؤازرة حزب الله) والعراق (بناء نظام ما بعد صدام حسين)، وسورية (الوقوف مع نظام الأسد في حربه ضد المكونات الثورية الشعبية)، إضافة إلى البحرين (مساندة المطالبين بإسقاط الحكم)، وقد تستغلها في أماكن أخرى، تنفيذا لاستراتيجية استغلال التنوع، بوصفها خط عبور لمد نفوذها وتحقيق طموحاتها.
لوحظ التقارب بين الحوثيين والإيرانيين في عام 2002. تحديداً في أثناء ذهاب الرئيس علي عبدالله صالح إلى السعودية، لأداء فريضة الحج عبر موكب بري، مر بالمحافظة الحدودية مع السعودية صعدة، وتوقف فيها لصلاة الجمعة، وفي أعقاب أداء الصلاة، هتف أنصار الحوثي بشعار الصرخة، وهو الشعار الحوثي (الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، وهذا الشعار يعود نسبه الفعلي إلى بداية تاريخ الثورة الإسلامية في طهران 1979، حين رفعه الإمام الخميني، أول مرة، في وجه الشاه (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، الموت للشاه)، وصار أتباعه يرددونه في كل المظاهرات، حتى بعد سقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية، حيث ظل الشعار مصاحباً للتعبئة الثورية، واتخذ بصيغ أخرى، مختلفة متقاربة، كانت تتغير بحسب الأوضاع السياسية: الموت لأميركا الموت لإسرائيل الموت للمنافقين، الموت لأعداء ولاية الفقيه، وقد انتقل الشعار إلى لبنان.
ولم يكن اليمن بأقليته الزيدية المرتبطة بالثورة الإيرانية بعيداً عن استخدام هذا الشعار الذي عرف صالح مصدره سريعاً. كلف صالح  في 7مارس/آذار 2003، أي قبل الحرب الأولى، وزير خارجيته آنذاك،  أبو بكر عبدالله القربي، بالتوجه إلى إيران حاملاً رسالة إلى مرشد الثورة الإسلامية، تتعلق بموضوع الحوثي في صعدة، وبموقف إيران الرسمي من ذلك، غير أن إيران لم تراع مبادئ العلاقات الدولية، وواصلت تقديم الدعم والمساندة للحوثيين.
avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)