سفاسف الأمور

سفاسف الأمور

27 مارس 2015

الوحدة خيرٌ من جليس السوء، طالما الإنترنت شغّال

+ الخط -
ـ تبدأ الحكاية باختيار أم الرئيس القائد أماً مثالية للبلاد، ثم باختيار يوم توليه الرئاسة عيداً للأب، ويوم مولده عيداً للطفل، ويوم زواجه عيداً للأسرة، وتنتهي باختيار يوم طهوره عيداً للتصحيح.
ـ لا يفرح بالحروب الأهلية في الدول العربية أكثر من إسرائيل، إلا الخبراء الاستراتيجيون ومعدو الفضائيات.
ـ التهاون في تطبيق القانون عواقبه وخيمة، ويمكن أن يهدد استقرار مصر، فتنهدّ على رؤوس المصريين، ولذلك، أرفض تهاون النيابة العامة في تطبيق قانون التظاهر، باستبعاد المتظاهرة، المرحومة شيماء الصباغ، من قائمة الاتهام مع زملائها من أعضاء حزب التحالف الاشتراكي الخارقين قانون التظاهر، لأنها فارقت الحياة، بعد أن قتلها ضابط شرطة بالخرطوش، فمثل هذا القرار يمكن أن يشجع آخرين على التظاهر والإفلات بجريمتهم بعد القتل. ولذلك، لا أرى بديلاً عن حبس طفلها الرضيع بلال، بدلاً من والدته، لأن مصر فوق الجميع، أياً كان عمره، طالما كان يعيش على أرضها، ولا بد أن تظل فوقه، حتى توصله ليستقر تحت أرضها، فتظل فوقه حتى قيام الساعة.  
ـ صدقني، لا يمكن أن تسمع كلمة (الاصطفاف الوطني) أبداً، من شخص جرب ركوب الأتوبيسات، ورأى ما يحدث في زنقتها من بلاوي.
ـ قرأت عنواناً في موقع إخباري تونسي، يقول: "حملة حكومية تحسيسية لإزالة الانتصاب الفوضوي بالقيروان"، فاستغربت أن تنفق الحكومة التونسية أموالها على إزالة شيء يتكفل الزمان بإزالة فوضاه، ليصبح مقنّناً بأمر الطبيب، ثم يصبح، بعد عمر طويل، حلماً بعيد المنال. وحين قرأت متن الخبر، أدركت أنه يتحدث عن إزالة الوقفات العشوائية للباعة المتجولين، وإن كنت لم أفهم هل سر تسمية الحملة بالتحسيسية، هل لأنها تهدف لتحسيس المواطنين بوجود الحكومة، أم لأنها تقوم بالتحسيس على الباعة في أثناء الإزالة؟
ـ قبل سنين، كتبت هازلاً أنه مثلما كانت مصر "أول نور في الدنيا شق ظلام الكون"، فإنها بفعل المشروع النووي القادم ستكون آخر نور يتسبب في فناء الكون، ولم أكن أتوقع أن تلك "الهزاراية" ستصبح نبوءة محتملة، إلا حين قرأت أن عالميْن مصرييْن في مركز أوروبي لبحوث الفيزياء يقومان بمحاولة علمية لخلق ثقوب سوداء جديدة، قد تؤدي إلى فناء الكون، أو اكتشاف كون جديد. المشكلة أنني أتوقع، بين لحظة وأخرى، أن يقدم محامون شرفاء، بلاغاً إلى النائب العام، لإلزام مركز البحوث بإطلاق اسم السيسي على الكون الجديد.
ـ الوحدة خيرٌ من جليس السوء، طالما الإنترنت شغّال.
ـ نفس الشخص الذي كان يقنعك بأن السيسي سيضرب سد النهضة الإثيوبي، فور توليه الرئاسة، بصواريخ روسية وطائرات فرنسية وعزيمة مصرية، ويلعن سنسفيل كل من يتحدث عن أهمية التفاوض بعقل مع إثيوبيا، هو الذي يقنعك، الآن، بأنه لا مشكلة في موافقة السيسي فجأة على إعطاء مشروعية لسد النهضة، وخفض حصة مصر من مياه النيل، بل وشراء الكهرباء من إثيوبيا، لأن إثيوبيا أيضاً تستحق الحياة والطرعمة، ولأن "اللي يشرب لوحده يزور"، وهنيّالك يا فاعل الخير والصواب، وهو أيضاً سيكون نفس الشخص الذي سيقنعك في المستقبل، إذا لزم الأمر، بأن مصر لا تحتاج، أصلاً، إلى كل هذا الكم من مياه النيل، لأنها مياه ملوثة، وتجيب المرض، وأنه لا مانع من الإكثار من شرب المياه المعدنية، لإفشال حروب الجيل الرابع. وستجد الشخص نفسه، في كل الأحوال، متحمساً وغاضباً وشتّاماً ومخوِّناً للمختلف معه، تماماً ككل الخرفان من كل التيارات التي تتطوع، دائماً، للمأمأة والنطح، لتثبت ولاءها التام لراعي القطيع.
ـ إذا شعرت بعدم جدوى أي شيء تفعله في الحياة، فكر قليلاً في الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكيف يصحو كل يوم في الصباح، ليفطر ويغير ملابسه ويودع أسرته ويذهب إلى مكتبه، ويقضي فيه طوال اليوم، ثم يعود مرهقاً إلى بيته، وهكذا دواليك طوال فترة خدمته، وهو يعلم أن كل شيء يفعله لا جدوى له، ولا طائل من وراءه، ومع ذلك يواصل فعله. فلعلك لو تذكرت هذا تجد أن حياتك مجدية أكثر، وتقبل على ما تفعله برضا شديد، أو بشغف أشد.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.