الصراع الخفي

ثمّة صراع خفي يوجد بالفعل، الآن، بين الدول الكبار، لكنه في الظاهر يبدو كأنه نوع من التعاون المشترك. أما عن مكان ذلك الصراع الخفي فهو منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً المنطقة العربية، ويتركز على الأكثر في سورية، حيث يتذرع الجميع بمحاربة تنظيم الدولة هناك، وينقلون الجنود والعتاد إلى هناك، ومن يعرف حجم ذلك العتاد، ومدى قوته، يكتشف بسهولة أنه لا يمكن أن يكون لمحاربة مجرد تنظيم مسلح لا يملك طائرة واحدة، ولا حتى أي نوع من أنواع الأسلحة المتطورة، حتى وإن كان يطلق على نفسه اسم الدولة.
وذلك يأخذنا إلى الوراء قليلاً، حيث دوافع تلك الدول للذهاب إلى تلك المنطقة، وتحديداً روسيا وفرنسا. أما عن روسيا، فكان الدافع سقوط طائرة لها في مصر، على يد ما يسمى تنظيم الدولة. والمعلوم أنها كانت موجودة من قبل، ولكن، ليس بهذا الشكل الموجود الآن. وأيضا فرنسا بدأت في إرسال أحدث ما تملك من أسلحة، بعد الأحداث الأخيرة في باريس، وذلك يجعل المرء يشك في الروايات الرائجة عن منفذي تلك العمليات، لأنها كانت سبباً أساسيا لإرسال تلك الدول كل ما يريدونه من أسلحة إلى سورية، ولكل منهم مآرب أخرى غير المعلنة، والتي لا تتفق مع بعضها، على الرغم من إظهار الاتفاق، كما ذكرت آنفاً.
فكل ما يعني روسيا المحافظة على نظام الأسد، الحليف التاريخي لها. ومن أجل ذلك، تذرعت بمحاربة تنظيم الدولة، وفي الحقيقة هي لا تقاتله، بل يمكن أن نقول إنها توفر الحماية له، لأنها لا تقصف إلا مواقع المقاومة السورية والجيش السوري الحر. والغرض معروف، مساعدة بشار الأسد في مواجهة المقاومة السورية التي ترغب في إنهاء نظامه.
أما عن فرنسا وباقي دول أوروبا وأميركا وتركيا، فمعلوم أنهم لا يرغبون في بقاء نظام الأسد، ويسعون إلى القضاء عليه. وهذه هي ملامح الصراع الخفي الحقيقية بين روسيا وإيران والصين وحلفائهم من جهة، وأميركا وفرنسا وباقي دول أوروبا، بالإضافة إلى تركيا وباقي حلفائهم، من جهة أخرى.
وربما نجد هذا الصراع ظاهراً للعيان يوماً، وربما يتسبب في اندلاع حربٍ لا نعرف نهايتها، ولا تحمد عقباها. وربما نشهد حرباً عالمية ثالثة، تكون بدايتها من المنطقة العربية.