انتخابات تركية مصيرية

انتخابات تركية مصيرية

01 نوفمبر 2015

داود أوغلو خلال مهرجان انتخابي (30اكتوبر/2015/Getty)

+ الخط -
يصوّت الشعب التركي اليوم الأحد، الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، لانتخاب برلمانه السابع والعشرين، في لحظة مصيرية ترسم مستقبل تركيا الجديدة. وتحظى هذه الانتخابات باهتمام كبير داخل تركيا، وخارجها، ولا سيما من الاتحاد الأوروبي، والدول العربية التي لها ملفات مشتركة مع تركيا، سياسية واقتصادية.
ستُجرى انتخابات تركيا هذه، حسب دستور عام 1982، حيث تستطيع الأحزاب التي تتجاوز نسبة 10% من مجموع أصوات الناخبين في عموم تركيا الحصول على مقاعد في البرلمان، وهذا ما يطلق عليه "العتبة الانتخابية"، بحيث لا يستطيع الحزب الحاصل على أقل من 10 % من الأصوات دخول البرلمان.
يعتبر نظام العتبة الانتخابية المُقدرة بـ 10 % الأكثر تأثيراً في نتائج الانتخابات، لأن الأحزاب الكبيرة تسعى إلى وصول أحزاب صغيرة، لتضرب نسبة الحزب الأكبر في الانتخابات، وهذا ما حصل في الانتخابات الماضية، عندما استطاع حزب الشعوب الديمقراطي (غالبية أعضائه من الأكراد) دخول البرلمان، وتخطي العتبة الانتخابية، وهذا ما لعب دوراً كبيراً في عدم قدرة حزب العدالة والتنمية على تشكيل الحكومة منفرداً.
يتنافس في هذه الانتخابات على 550 مقعداً، هي عدد مقاعد البرلمان التركي، 16 حزباً، العدالة والتنمية، الشعب الجمهوري، الحركة القومية، الشعوب الديمقراطي، السعادة، الاتحاد الكبير، الشيوعي، الليبرالي الديمقراطي، الحريات والحق، الطريق القويم، الديمقراطي اليساري، الأمة، الديمقراطي، الوطن، حرية الشعوب، تركيا الحرة. وتفيد صحيفة يني شفق التركية إلى أن تطلعات الناخب التركي ستتركز حول البحث عن الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلى جانب العيش بسلام وأمان، وسيكون لهذه العوامل دور كبير في تحديد نتائج الانتخابات المقبلة.
وينتظر حزب العدالة والتنمية الذي حكم البلاد منفرداً أكثر من 12 عاماً، بفارغ الصبر، لمعرفة قرار الشعب التركي إن كان سيجدد إعطاءه الثقة لتشكيل الحكومة التركية منفرداً، أم
سيعود إلى نتائج الانتخابات السابقة، والتي دفعت إلى هذه الانتخابات المبكرة، وهو عدم حصول الحزب على ما يؤهله لتشكيل الحكومة كاملة، فيصبح التشكيل ائتلافيا بين الأحزاب الفائزة بنسبة %10 وما يزيد. وفي حال حصول الحزب على 276 مقعداً تخوله هذه المقاعد تشكيل الحكومة منفرداً، وعدد الأصوات اللازم لتغيير الدستور 330 صوتاً في البرلمان، ويقدر عدد الناخبين داخل تركيا بأكثر من 54 مليوناً.
وينظر إلى نتائج الانتخابات التي جرت صيف العام الجاري على أنها نكسة كبيرة، لكنها لم تصل إلى حد اعتبارها هزيمة، تعرّض لها حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم في الانتخابات البرلمانية، بخسارته الأغلبية التي احتفظ بها منذ 13 سنة، ما قوّض طموحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتعديل الدستور.
ومثل هذا التراجع الانتخابي الأول للحزب الذي فاز في جميع الانتخابات، ابتداء من عام 2002، تحدياً كبيراً له، وهو الذي سعى إلى الفوز بـ330 مقعداً في البرلمان على الأقل، لتمرير أي تعديل دستوري، يعزز السلطات الرئاسية ويحول النظام البرلماني في الجمهورية إلى رئاسي. وحصل وقتها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على نسبة 13% بـ 79 مقعدا، ليتجاوز عتبة 10% اللازمة لدخول البرلمان، وكان أول تكتل أو حزب سياسي كردي يدخل البرلمان، في تاريخ الجمهورية التركية.
وتعد الانتخابات البرلمانية اليوم في تركيا الثانية في ظل رئاسة أحمد داود أوغلو الحزب الحاكم في البلاد، في أعقاب تنحي مؤسسه ورئيسه السابق، رجب طيب أردوغان، عن قيادة الحزب لتولي منصب رئيس الجمهورية. وهي ستعيد القضية الكردية في تركيا حتماً إلى الواجهة، إذ يتطلع الحزب الكردي (الشعوب الديمقراطي) إلى الفوز من جديد بنسبة مقاعد تزيد على 10%.
ويرى مراقبون أن تجدد القتال بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، والذي اندلع في 20 يوليو/تموز الماضي يصب في مصلحة حزب العدالة والتنمية، لأنه ينتزع ناخبين من حزب الحركة القومية، بسبب تأجج الشعور القومي التركي في هذا النزاع. ومن جانب آخر، ستضر هذه المواجهات بـ"العدالة والتنمية"، في مناطق جنوب شرقي البلاد في مناطق الأكراد، وتقوّي حزب الشعوب الديمقراطي، من خلال تحالف الناخبين الأكراد معه.
وإذا جاءت نتائج انتخابات اليوم بنتائج انتخابات يونيو/حزيران الماضي، فذلك سيعني استمرار حالة الغموض السياسي في تركيا، وقد يؤدي البرلمان المعلق في أنقرة إلى حدوث فراغ حكومي، أو تشكيل حكومة تصريف أعمال أو حكومة ائتلافية هشة، وجميعها سيناريوهات تقود إلى شلل سياسي، على الصعيدين الداخلي والخارجي.