الفيتو الروسي الصيني جريمة ضد الإنسانية

الفيتو الروسي الصيني جريمة ضد الإنسانية

29 مايو 2014

مندوب روسيا في مجلس الأمن (أرشيفية)

+ الخط -
يمكن أن يُفهم سبب الفيتو الروسي الصيني ضد التدخل العسكري في سورية، وهذا كان يمثّل مفصلاً في تشكّل عالم جديد، يؤشر إلى بداية نشوء "قوة عالمية" تواجه أميركا، وتفرض توازناً جديداً، كما وتحصل روسيا على الاستحواذ على سورية، وتنال الصين حصتها. وهذا ما جعل أميركا "تبيع" سورية لروسيا، فهي، أصلاً، لم تستطع السيطرة عليها خلال محاولتها بعد احتلال العراق، على الرغم من شره السلطة السورية للارتباط بأميركا (وهذه كانت مفارقة). وبالتالي، يمكن أن تقرّ بما حصلت عليه روسيا من امتياز في سورية بعد الثورة، قدمته السلطة للحصول على الفيتو الروسي الصيني أصلاً، أي لحماية ذاتها من إمكانية تدخل "غربي"، كانت تعتقد أنه ممكن، ففعلت كما فعلت إيران قبلها لحماية ذاتها.

ويصير الأمر محل "انبهار"، حين يتعلق بجرائم ضد الإنسانية تحدث علناً أمام العالم، وتنقل مباشرة عبر وسائل الإعلام، وتثبت في تقارير من الأمم المتحدة، مثل استخدام الأسلحة الكيماوية، والبراميل المتفجرة، وصواريخ سكود (لا يملكها أحد غير السلطة)، فمنع محاكمة مجرمي حرب يعني مشاركتهم في الإجرام، بحمايتهم من المحاسبة، وهذه جريمة حرب كذلك. ربما لأن روسيا مارست في الشيشان ما تمارسه السلطة السورية (البراميل المتفجرة من اختراع روسي)! وربما يجب أن تُحمى النظم التي تواجه الثورات بهذه الوحشية، لكي لا يفكّر أحد في العالم بالثورة (والوضع الاقتصادي العالمي يدفع إلى الثورة)! وفي هذه تكون روسيا والصين قد غطتا على "نوايا" أميركا التي تريد، كذلك، إظهار كل هذه الوحشية، من أجل إخماد الميل الثوري الذي يؤسسه الاحتقان الحاصل بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية. لكن، تظل الممارسة التعبير عن جريمة ضد الإنسانية، حيث تجري حماية سلطة مافياوية وحشية من العقاب.

هذا يعيدنا إلى محاولة فهم وضع السلطة في روسيا، التي تبدو أنها تنزع نحو الفاشية في تعاملها العالمي. وما قامت به في سورية، منذ حاجة السلطة لتدخلها بداية سنة 2012، يوضح ذلك، حيث دعمت، وساهمت في، الحرب التي بدأتها السلطة ضد الشعب، وأمدته بالأسلحة والخبرات والمعلومات الاستخبارية، ولازالت. وما قامت به في جورجيا، حيث قسّمتها وهيمنت على جزء منها. وكذلك ما قامت به في أوكرانيا، حيث سيطرت على شبه جزيرة القرم، وتعمل على تفكيك البلد، لأن الثورة هناك طردت عميلها (الثورة السابقة طردت عملاء الغرب).

عملت أميركا على أن تنهار روسيا بعد انهيار الاشتراكية، لكي تستحوذ عليها، ودفعتها لأن تعود دولة "عالمثالثية" (تدمير الصناعة بحجة أنها متخلفة)، لكن روسيا تماسكت بعد عقد من انهيارها، على الرغم من أنها اعتمدت على تصدير النفط والغاز، وحاولت تصدير الأسلحة، لكنها كانت تواجه بحصار أميركي، ومحاولة مد خطوط غاز منافسة. فرض هذا الأمر أن تميل إلى العنف، لفرض سيطرتها على "محيطها السوفيتي" أولاً، ومن ثم بعد أن أحسّت بضعف أميركا بعد الأزمة المالية سنة 2008، أخذت تحاول التمدد أكثر. في سورية، سمحت الثورة لها بأن تقتنص الفرصة، لكي تستحوذ على مصالح كبيرة، ولهذا، باتت معنية بالدفاع المستميت عن السلطة، خشية أن تسقط بيد أخرى، تحرمها تلك المصالح. وفي أوكرانيا، ثار الشعب نتيجة الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه، فأسقط عميلها، وبالتالي، باتت معنية بفرض مصالحها بالقوة. وهي تُظهر ذلك كله على أنه صراع مع أميركا، و"نضال ضد الإمبريالية الأميركية"، على الرغم من أنه صراع ضد الشعوب التي تثور على الرأسمالية، ومن أجل التحرر والتطور، من أجل أن تستطيع العيش. وأميركا مرتاحة، لأن هناك من يسهم في سحق الشعوب غيرها.

أزمة روسيا في السيطرة تدفعها إلى أن تميل نحو الفاشية، بالضبط كما كانت ألمانيا زمن هتلر.